اخبار العراق الان

ياسمين عبد العزيز ضابط في مهمة كوميدية والإسم الحركي «أبو شنب»

ياسمين عبد العزيز ضابط في مهمة كوميدية والإسم الحركي «أبو شنب»
ياسمين عبد العزيز ضابط في مهمة كوميدية والإسم الحركي «أبو شنب»

2016-10-20 00:00:00 - المصدر: القدس العربي


القاهرة – «القدس العربي» : قليلاً ما نجد أفلاماً كوميدية تتصدر بطولتها نجمة، فعادة ما تقوم البطولة على أكتاف الممثل الرجل باستثناء تجارب محدودة لبعض البطلات لا يمكن القياس عليها، لأنها لا تمثل قاعدة ثابتة بل تخضع لعوامل وظروف كل فيلم، فهناك أفلام نجحت وكسرت القاعدة الذكورية وأفلام أخرى فشلت وأكدتها، من البطلات اللائي أثبتن جدارة في تقديم الكوميدية النسائية ونافسن الرجل وتفوقن عليه، ياسمين عبد العزيز التي قدمت أفلاماً مهمة كان لها مردود ايجابي وحققت إيرادات مرتفعه في شباك التذاكر نذكر منها «الكل يشتغلونها» والداده دودي وغيرها، حيث برزت ياسمين كممثلة كوميدية متنوعة الأداء خفيفة الظل قوية الحضور .
وبامتداد هذا النجاح وبناءً على خبرات باتت متراكمة لديها استطاعت الفنانة الكوميدية تثبيت أقدامها على المساحة الضيقة المتاحة للنجمات السيدات لتقديم الجديد والمفيد كلما سنحت الفرصة خلال المواسم السينمائية على مدار السنة، وبناءً عليه كان لها النصيب الأوفر من المشاهدة والتأييد الجماهيري في فيلمها الأخير «أبو شنب» الذي قدمت فيه دوراً نوعياً «لضابطة» بوليس حديثة التخرج تعاني من تضييق الفرصة واضطهاد زملائها وقادتها من الرجال لكونهم لا يعترفون بعمل المرأة في هذا المجال ولا يثقون بقدراتها البدنية ومهاراتها ويرونها عنصراً دخيلاً على مهنتهم ووظيفتهم التي تخص الرجل دون غيرة بوصفة الأقوى والأشجع والأليق للمهمات الصعبة.
يقدم المؤلف وكاتب السيناريو خالد جلال «عصمت» خريجة كلية الشرطة كنموذج استثنائي في مهنة استثنائية تتبع فيها الرجل ولا تخرج عن مدارة قيد أنملة حتى اسمها يأتي مُلتبساً في تصنيفه ودلالته فهو أقرب إلى الرجل منه إلى المرأة وهي إشارة إلى ذكورية المكانة والوظيفة، فمن خلال ممارسة عصمت لعملها نجدها لا تتمتع بأي قدر من الخصوصية المهنية فهي تعمل كمضيفة في مكتب رئيسها المباشر بيومي فؤاد الذي يمارس عليها كل أشكال القمع والاستبداد هو والرتبة الأعلى لطفي لبيب، اللواء الذي ينتمي لنفس الثقافة الاجتماعية المعادية لعمل المرأة في هذا المجال !
وبينما يشي الواقع البوليسي بالتمييز الفج للرجل نجد محاولات من جانب المنظمات العالمية لحقوق المرأة للعناية بها كعنصر مساو للرجل يتمتع بنفس حقوقه الدستورية والقانونية، وهنا تتم الإشارة إلى غياب حقوقها الفعلية وظهور الممارسة التعسفية ضدها كحلقة أضعف وعنصر لا يرقى لمنافسة الضابط الرجل في مهامه الخارقة وكي تكون المقارنة أوضح والفروق والمفارقات جلية وعملية جاء الربط بين الملازم أول عصمت أبو شنب وزميلها الضابط الرجل ظافر العابد الأقدم في الخدمة والأعلى كفاءة، وكالعادة لم يختلف كثيراً في طريقة التعامل معها عن سابقيه وبذلك يشير المخرج سامح عبد العزيز إلى ما يمكن فهمه على أنه رفض جماعي للفكرة حتى وإن بدت الصورة غير ذلك أمام المنظمات الحقوقية لإعلان ديمقراطية غير موجودة في مجتمعات العالم الثالث من باب الوجاهة السياسية .
هذه هي الفكرة الرئيسية التي يدور حولها فيلم «أبو شنب» بعنوانه الدلالي الرامي إلى الفكرة ذاتها فكرة التمييز واعتبار الشنب من مميزات الشخصية البوليسية التي تفتقدها المرأة، لكن المختلف في الطرح الكوميدي الجديد هو مناقشة قضية جوهرية برؤية تبدو خفيفة ومضحكة بينما هي في واقع الحال بالغة الأهمية ولتأكيد معانيها ومفاهيمها نرى ظلالها الأخرى في العلاقات المتباينة بين الشخصيات الثانوية كعلاقة الأب عادل أنور بزوجته رجاء الجداوي وسيطرتها القوية علية لمجرد وجود فوارق جسمانية واضحة بينهما في الطول والحجم والكاريزما، وهو تأكيد إضافي من جانب كل من الكاتب والمخرج، خالد جلال وسامح عبد العزيز على تأثير المزايا الطبيعية فيما يُسند للشخص من أدوار واقعية في حياته العادية وفق تكوينه وبناءً على مقاييس اجتماعية وثقافية متأصلة في المجتمعات البدائية غير المتحضرة أو المتخلفة التي لا ترى من سُبل الملائمة للوظائف والمواقع القيادية غير الظاهر منها شكلاً لا موضوعاً .
بعيداً عن الأداء الكوميدي التفاعلي بين ياسمين عبد العزيز كبطلة والجمهور الذي يهوى هذه النوعية من الأفلام ولا ينظر كثيراً لمضامينها يجدر بنا التنويه عن جماليات الصورة والحوار والفورم الفني ككل باعتباره الوعاء الحاوي للفكرة العامة الساخرة من النظرة الدونية لعمل المرأة والناقدة للشيزوفرينيا التي تترجمها المواقف الفردية لبعض الأفراد في المؤسسات الرسمية تجاه المرأة ذاتها وتضرب عرض الحائط بمفاهيم التقدم والتحضر والديمقراطية المنشودة أو المزعومة، فضلاً عن الأداء الطبيعي للبطلة التي قدمت الكوميديا بحس راق يجافيه الابتذال والإسفاف فعبرت عن المعنى بما يحتمل دون زيادة أو نقصان، وبالقطع كان للبطل الرجل ظافر العابدين دور بارز في بلورة القصد والهدف فهو ممثل موهوب يتمتع بحضور ولياقة وتلقائية في الأداء انعكست على الفيلم ككل، يضاف إلى الأداء التمثيلي للبطلين أداء الأبطال الآخرين، لطفي لبيب وبيومي فؤاد وإيمان السيد وغيرهم، وبالقطع يظل الفضل الأكبر في تحريك الشخصيات الفنية وإكسابها الحيوية المطلوبة للمخرج سامح عبد العزيز الذي نحج في توظيف الكوميديا التوظيف الصحيح لتصبح طاقة إيجابية محورية تعبر ببساطة عن الجاد والمهم.