اخبار العراق الان

أحمدیان: السعودیة لاتمتلک المقومات لإستمرار حرب الیمن ولا یمکنها أن تقود کتلة عربیة ضد إیران

أحمدیان: السعودیة لاتمتلک المقومات لإستمرار حرب الیمن ولا یمکنها أن تقود کتلة عربیة ضد إیران
أحمدیان: السعودیة لاتمتلک المقومات لإستمرار حرب الیمن ولا یمکنها أن تقود کتلة عربیة ضد إیران

2016-10-26 00:00:00 - المصدر: وكالة تنسيم


تسنيم: لم تكن العلاقات الإيرانية السعودية منذ أكثر منذ ما يقارب الـ 4 عقود كما ينبغي أن تكون وكانت الخلافات سيد الموقف خلال هذه الفترة. وتقول إيران التي اسقطت ثورتها الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (رض) عام 1979 نظام الشاه الذي نصب شرطيا من قبل الغرب على الدول العربية، أن السعودية عملت على معاداة الثورة الإسلامية منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا. وفي مقابل ذلك تتهم السعودية إيران بالتدخل في شؤون الدول العربية، في ما تنفي طهران مثل هذه التهم وتؤكد أن ما تمارسه في سوريا والعراق واليمن ولبنان إنما هو دعم لهذه الدول لمواجهة الإرهاب والكيان الإسرائيلي.

ومن أجل الغوص في تفاصيل السياسة السعودية تجاه إيران خلال الفترة الأخيرة، أجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء حوارا مطوّل مع الباحث والخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران وأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران الدكتور حسن أحمديان. ويعتبر الدكتور أحمديان عارفا بالكثير من تفاصيل وخبايا العلاقات الإيرانية السعودية باعتباره أنه نال درجة الدكتوراه من جامعة طهران في مجال الدراسات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ونشرت لأحمديان مايزيد على مئة مقال وبحث وتقارير استراتيجية بمختلف اللغات العربية والفارسية والإنجليزية. حيث نال شهادته بعد دفاعه عن اطروحته التي كتبها حول السعودية والأمن في الخليج الفارسي. وبالإضافة إلى ذلك فقد شارك الدكتور أحمديان في الكثير من المؤتمرات الدولية والداخلية التي تمت خلالها مناقشة قضايا الشرق الأوسط وبالأخص القضايا الإيرانية.

وأوضح أحمديان في الجزء الأول من حواره مع تسنيم أن السعودية حشرت نفسها في مشاكل مع دول إقليمية ودولية وخرج اليمن من سيطرتها المباشرة لأول مرة، مما دفعها ذلك لتشن عدوانا دمويا على هذا البلد. وأكد أحمديان أن السعودية لا يمكنها أن تخرج من حرب اليمن منتصرة ولم يكن بوسعها شن مثل هذه الحرب لو لا الدعم الغربي المباشر لها. وأشار إلى أن السعودية جن جنونها تجاه إيران بعد ما استطاعت الأخيرة التوصل إلى اتفاق مع المجموعة السداسية وافقت بموجبه أن تنهي الدول الغربية عقوباتها الصارمة التي فرضتها على طهران.

واليكم النص الكامل من الجزء الأول للحوار مع الدكتور أحمديان:

تسنيم: لماذا انتهجت السعودية في حقبة الملك سلمان السياسة الهجومية وسياسة الحروب بدل اعتماد الدبلوماسية في التعامل مع جيرانها والدول الاقليمية؟

أحمديان: المملكة العربية السعودية تواجه قضايا في الإقليم وعلى المستوى الدولي. هناك إجابات عديدة للسوال الذي طرحته. هناك من يقول أن للسعودية مشاكل داخلية وهذه السياسات تأتي استجابة للمشاكل الداخلية لحرفها من مسارها الداخلي للخارج عبر انتهاج السياسة العدائية تجاه دول الجوار وتجاه إيران واليمن وغيرها. وفي المقابل هناك من يقول أن ثمة صراع قوة في الداخل، يحاول بعض الامراء فرض أنفسهم كبدلاء للملك الحالي عبر انتهاج سياسات عسكرية واللجوء للقوة الصلبة في السياسة الخارجية. هذا علي المستوي الداخلي. هناك أيضا تحليلات إقليمية ودولية.

على المستوى الإقليمي ان نظرنا إلى التطورات المتلاحقة على مر السنوات الماضية، نجد أن دور السعودية الإقليمي أخذ منحي تراجعي، فقد خسرت في مصر حسني مبارك، وفي اليمن ولأول مرة بعد حرب الستينات بين الجمهوريين والملكيين، يصبح اليمن موطئا للاضطراب وعدم التماشي مع السياسة السعودية في الإقليم، أي أن في الداخل وفي داخل شبه الجزيرة العربية لأول مرة منذ الستينات تواجه السعودية هذه المشكلة الكبيرة التي لا تستطيع ايقافها. بالإضافة لذلك أثبتت تطورات الربيع العربي طبعا أن دور السعودية الإقليمي أصبح على المحك. اضف الى ذلك أنه وفي نفس الفترة بدأت الولايات المتحدة والدول الكبرى، دول الخمسة زائد واحد، تحاور إيران وتوجت هذه المفاوضات باتفاق نووي، وغير ذلك معادلات المنطقة كثيرا.

إذا على المستويات المختلفة على المستوى الداخلي، الإقليمي، الدولي هناك تطورات والسعودية مندهشة من هذه التطورات أولا، وتحاول مجابهة هذه التطورات للذود عن دورها الإقليمي ثانيا. لكن المشكلة تكمن في أن السعودية لا تمتلك الأدوات، على الأقل على المستوى الدولي ليس لها أدوات مؤثرة لايقاف هذا التطور. مثلا ما الذي ستفعله السعودية أمام تغير سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، ما الذي ستفعله أمام سياسة روسيا في سوريا. لا توجد آليات. لذلك تركز على سياسات في المنطقة تحاول من خلالها تغيير أولويات الدول العظمى. ومن خلال مجابهة إيران، من خلال مجابهة اليمن، ومن خلال ضخ النقود والسلاح إلى سوريا ودول الإقليم، تحاول خلق فضاءات سياسية وعملياتية جديدة لكي تخرج بها بشيء يختلف.

أنا أري أن السعودية تحاول تغيير أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لذلك وعبر سياساتها الإقليمية تقول للولايات المتحدة أننا نستطيع أن نقف أمام إيران، لذلك على الولايات المتحدة أن تتكئ على سياستنا في الإقليم وهذا اعتقد أنه قد فات، لكن الساسة السعوديين من الصعوبة عليهم القبول بفوت أوان هذه السياسة.  وللمستويات المختلفة، الداخلية والإقليمية أيضا تأثير على هذا النهج، لذلك بدأت هذه السياسة والنهج الهجومي، لكن مخرجات هذه السياسة هي المهمة وهي التي ستؤثر على مستقبل السعودية في الإقليم ومستقبلها الداخلي.

تسنيم: هنالك من يرى أن شن الحرب من قبل السعودية على اليمن، يعود لعدة أسباب من ضمنها أن الحكام الجدد الذين أتو إلى السلطة في السعودية ويتزعمهم الملك سلمان هم قليلوا الخبرة، لا توجد لديهم خبرة كافية وخاصة وزير الدفاع محمد بن سلمان، لا توجد لدية خبرة كبيرة لذلك لجأوا إلى اعتماد الحرب العسكرية ضد اليمن، فهل تعتقد أن اعتماد الحرب من قبل السعودية هو بسبب قلة خبرة هؤلاء الحكام وبسبب فشلهم سياسيا أم توجد أسباب أخرى؟

أحمديان: طبعا الحرب هي استمرار للدبلوماسية، عندما لا تصل الدبلوماسية إلى النتائج المرجوة، تلجأ الدول إلى الحرب، هذا تاريخ الحرب. لم تنجح دبلوماسية السعودية في اليمن في تأْطير تطورات اليمن السياسية في اُطرٍ ترتضيها الرياض. لذلك لجأت إلى الحرب. لكن السؤال هو هل لدى السعودية المقومات اللازمة لخوض مثل هكذا حرب؟ طبعا نعلم أن لديها مقومات لبدء هذه الحرب لأنها بدأتها في الأساس، لكن ماذا بعد ذلك هل لديها المقومات للاستمرار في الحرب؟ هل لديها هذا الكم الهائل من المقومات التي تحتاجها الدول في الحرب، لاستمرارها في حرب اليمن؟ نعلم أن الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية من اليمن ومن دول الإقليم ومن داخل السعودية إلي الصعود.

وإن نظرنا اليها بمنظور خطّي من بداية الحرب إلى اليوم، نجد أن التطورات أدت إلى تزايد الضغوط بشكل كبير على السعودية. النقطة الثانية وفي نفس الإطار هي هل لدى السعودية المقومات المستقلة لاستمرار الحرب؟ وهذا لا أراه موجودا لأن السعودية في الأساس لا يمكنها الاستمرار بهذه الحرب دون تلقي الدعم. وهذا الدعم يأتي من  الخارج، يأتي عبر تزويد الطائرات السعودية (المستوردة) بالوقود، وهي تكنولوجيا لا تمتلكها السعودية. يعني التكنولوجيا الحربية السعودية والسلاح السعودي في حرب اليمن كله مستورد. أضف إلى ذلك أن التعليم العسكري الذي تحتاجه السعودية لاستمرار مثل هكذا حرب، أيضا مستورد.

إذا القرار ليس داخليا بالنسبة لإستمرار الحرب، القرار يتخذ عبر المشاورات والمناقشات والمفاوضات وهذا يعني أن السعودية لا تمتلك المقومات المستقلة للاستمرار في هكذا حرب لأمد طويل. لذلك تجد أن الضغوط تتزايد من قبل الذين سلحوا السعودية. وهناك أخبار حول خلافات داخلية. هذا ما يمكن أن نتصوره في أي دولة، إن لم تصل الدولة إلى أهدافها وبعد كل هذا الهدر للمال في الحرب ستتصاعد الخلافات في أي دولة، والسعودية ليست استثناء، لذلك من المتوقع أن تزداد هذه الضغوط.

لذلك أعتقد أن الحرب بدأت والسعودية كانت تستطيع أن تبدأ الحرب لكن ليس بمقدورها الاستمرار فيها وإن استمرت فيها، ستُملي عليها شروط من الخارج للاستمرار فيها، ولن يكون الخروج من هذه الحرب قراراً سعودياً دون إملاءات خارجية. بدأت الحرب بخيار سعودي، لكن خروجها من هذه الحرب ليس باختيارها.

تسنيم: وهل تعتقد أن السعودية حققت إنجازات عسكرية لحد الآن أم أنها ارتكبت مجازر فقط؟

أحمديان: طبعا الحرب هي قبيحة في الأساس، هذا شيء لا يحتاج إلى المناقشة وهناك مجازر ترتكب وهناك قتل وهناك تدمير وهناك مجاعة وهناك لاجئين يخرجون من بيوتهم ومن مدنهم وقراهم. ما تقوله السعودية هو أنها أوقفت حركة أنصار الله من الاستيلاء على اليمن، لكن لنفترض أن السعودية فعلت ذلك، رغم أن الحرب مستمرة ولا يمكن أن نأتي على النتائج بشكل كامل. لكن لنفترض أن ذلك قد حدث. يكون السؤال بأي ثمن حدث ذلك؟ وماذا هي المخرجات على السعودية من هذا الثمن؟ غضب وسخط شعبي. ان نظرنا مثلاً إلى العملية التي راح ضحيتها المئات في الصالة الكبرى في صنعاء، ماذا كانت النتيجة؟ غضب يمني سيستمر لعقود طويلة. هذه الحرب لن تنتهي حتى لو وضعت العمليات العسكرية أوزارها.

فقد ولّدت احقادا وولّدت عداءات وولّدت وضعا سياسيا جديدا ينتج من موازنة عسكرية جديدة. الموازنة الجديدة تقول بان السعودية وبكل القوة العسكرية التي تسلحت بها من دول أجنبية لم تستطع أن تهزم أنصار الله؛ هذه الجماعة التي لا تمتلك الكثير من القوة العسكرية. لذلك خلقت هذه الموازنة وضعا سياسيا جديدا في اليمن وعلى السعودية أن تتماشى مع هذا الوضع. انتهى ذلك الزمن الذي تفرض فيه رأيك بالقوة العسكرية. فقد أكدت حرب اليمن للسعوديين أنهم لن يستطيعوا أن يفرضوا على اليمن وضعا قائما قبل خمس سنوات وعليهم أن يتكيفوا مع الوضع الجديد. هذا ما أتت به الحرب وهذا هو الثمن الذي تدفعه السعودية اليوم، بينما عبر المفاوضات كان بإمكانها أن تصل إلى نتائج قد تكون أكثر جاذبية للساسة السعوديين.

تسنيم: بعد ابرام الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية، نرى هناك سياسة جديد تعتمدها السعودية وهي سياسة إيران فوبيا وتخويف المنطقة من دور إيران، ومن يقرأ الصحف السعودية يرى أن كمّاً هائلاً من المقالات تكتب يوميا ضد إيران وتتهما بأنها تتدخل في شؤون دول المنطقة وتسعى للنفوذ فيها، حتى رأينا أن السعودية حاولت استقطاب دول مهمة في المنطقة مثل مصر، عبر إغرائها بالدعم المالي والاقتصادي، لكي تعمل ضد إيران، فلماذا باعتقادك تتبع السعودية مثل هذه السياسة تجاه إيران بدل اعتماد سياسة الاقتراب والتعاون معها؟

أحمديان: بعيدا عن المناكفات الإعلامية هناك سياسة وهناك نهج في السعودية تجاه إيران وهذا النهج مستمر منذ عقود. فمنذ عقود والسياسة السعودية في الإقليم متسقة أو متفقة مع السياسة الأمريكية. التطور بدأ بتغير السياسة أو الأولويات الأمريكية في المنطقة. التفكير الاستراتيجي السعودي كان مبنياً على العمل مع الولايات المتحدة في الإقليم، والوضع الإقليمي للسعودية مبني على هذا التعاون. عندما يحدث تغير في الركيزة الأساسية لهذا التعاون وهي السياسة أو الأولويات الأمريكية في المنطقة، من المتصور أن تتغير السياسة السعودية. القضية والمشكلة المحورية في رؤية الساسة السعوديين أن التغير هذا وتغير الأولويات الأمريكية بدأ تجاه إيران أي النقطة المقابلة للسياسة السعودية في الإقليم. هذا هو التصور.

إن جلست في الرياض هذا ما قد تفكر فيه. إن الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية وهو التعاطي مع الولايات المتحدة في الإقليم، يتغير تجاه المنافس الأكبر وهي إيران. المقصود طبعاً هي المفاوضات النووية. هناك تغير في الأولويات الأمريكية، وهذه الأولويات كانت تبني جزء هام من السياسة الإقليمية للسعودية. إذن تغيرها سيغير الكثير في السياسة السعودية. لذلك وفي التفكير الاستراتيجي السعودي، فُقدتْ دعامة أساسية في السياسة الخارجية وفي السياسة الإقليمية وفي سياسة صد ايران. لذلك بدأت السعودية هذه السياسة الإعلامية بإن إيران تحاول بث عدم الاستقرار واللاأمن في الإقليم، وأن إيران تحاول طيفنة التحولات السياسية في الإقليم، وأنها تحاول بناء معسكر معاد لغير الشيعة وما إلى ذلك من كلام. رغم أن السياسة الإيرانية لم تتغير أساساً. على الأقل أنا لم أرى تغيرا في السياسة الإقليمية لإيران. فهي مستمرة منذ عقود.

لكن ما تغير هي السياسة الأمريكية والسعودية تريد أن تقول لواشنطن وأن تخاطب الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عبر سياستها بالقول بان هذا الاتفاق (النووي) يأتي بعدم الاستقرار إلي المنطقة. لذلك فإن الانفتاح الغربي على إيران من المنظور السعودي، او على الأقل هكذا يسوق الاعلام السعودي، سيؤدي إلى عدم الاستقرار وإلى افتقاد المنطقة للأمن بسبب تزايد التدخلات الإيرانية. حتى لفظ التدخلات الإيرانية فيه الكثير من المبالغة. كأن إيران ليست موجودة في المنطقة. عندما تقول إيران أن الولايات المتحدة تتدخل في شؤون دولة مجاورة، فان الكلام بالنسبة الينا مفهوم، لأن الولايات المتحدة تأتي من مسافة عشرات آلاف كلم إلى هذه المنطقة وتتدخل في شأن دولة ما في المنطقة ضد أمن إيران القومي. لكن من الصعب فهم أن يقال أن إيران تتدخل في منطقة ذات تأثير مباشر علي أمنها القومي.

لأنه أولا لم تخول الدول العربية السعودية لتنطق باسمها، بأن تقول أن إيران تتدخل في شؤون الدول العربية. النقطة الثانية أن لإيران تحالفات وعلاقات كثيرة مع دول المنطقة. ولا علاقة لهذا بالسعودية أو غيرها من الدول. هذه قرارات سيادية للدول المتحالفة أو الصديقة لإيران. النقطة الثالثة أن السعودية كانت الدعامة الأساسية أمام المد القومي العربي، أمام عبدالناصر، وضربت المشروع النهضوي الناصري، لأنه مشروع قومي كان يهدد البيت السعودي. وأتت بمشروع الملك فيصل المبني على التحالف مع السلفية الجهادية. هذا معروف تاريخيا. ما الذي تغير الآن مثلا لكي تصبح السعودية الدولة القومية التي تبحث عن كتلة عربية أمام إيران؟ الذي تغير أن السياسة الأمريكية تغيرت والسعودية منزعجة وخائفة جداً من إسقاطات هذا التغيير علي الموازنات الإقليمية وتحاول أن تجابه إيران عبر احداث تكتلات عربية، او تكتل عربي كبير أمام إيران. لا أري أن تأتي هذه السياسة بنتائج.

كل هذه الإيرانفوبيا مصدرها أن السعودية تريد بناء هكذا تكتل المراد به ضرب قوة إيران الإقليمية. لكن هذه الأمور التي ذكرتها لا تعطي السعودية الصلاحية للقيام بهكذا دور وكل الدول والشعوب العربية تعلم ذلك والكل في المنطقة يعلم ذلك. تعلم دول وشعوب المنطقة أن المراد هو عمل هذه الدول بناء على الالويات السعودية. لذلك لن يقبلها أحد ولا اعتقد أن السعودية ستوفق في المستقبل في بناء هكذا تكتل ضد إيران او ضد أي دولة أخرى. الملاحظ أن السياسة السعودية أخذت تؤكد علي تلك السياسة حتى أصبحت إسرائيل دولة غيرمعادية في الخطاب السعودي. بينما إيران هي العدو. ومن المخيب أن يرتدي أحدهم خطاب قومي عربي وفي نفس الوقت يتكلم عن تدخلات في الشؤون العربية ثم يتناسى إسرائيل! كيف سيتقبل هذا الخطاب الفلسطيني والشامي والمصري وغيره من العرب؟

 

تسنيم: أشرت خلال حديثك إلى السياسة العدائية السعودية تجاه إيران وحسب ما يقول المحللون العسكريون منهم والسياسون فان السعودية لا تمتلك القوة العسكرية من أجل مواجهة إيران عسكريا، فما هو الهدف من هذا العداء السعودي لإيران؟ فعن ماذا تبحث السعودية من وراء عداءها هذا؟ هل تسعى إلى أن تحول دون اتساع رقعة النفوذ الإيراني في المنطقة، ونعنى النفوذ المعنوي كما يقول المسؤولون في إيران وليس النفوذ السلبي الذي تتهم به إيران، أم أنها تسعى لاضعاف اذرع إيران في المنطقة عبر سياساتها العدائية، من خلال محاصرة حزب الله واليمن وإضعاف سوريا والعراق عبر دعم الإرهاب ضد هاتين الدولتين؟

أحمديان: النقطة المهمة هنا أن السعودية لا تفكر في حرب مع إيران. لكن يقول أينشتاين أن ثمة شيئان لا نهاية لهما: عالم الوجود وحماقة الإنسان. لذلك قد يقوم أحد باتخاذ هكذا قرار. وأنا شخصيا اعتقد انه إن كان هناك تفكير استراتيجي واضح في السعودية فانه سوف لن يتخذ أحدا هذا القرار لأنه لا أقول أن إيران ستسحق السعودية ومن هذا الكلام الدعائي، لكن على الأقل وفي أبسط الحسابات سيأتي هكذا أمر بالدمار لأجزاء من مقومات الدولة لدى إيران والسعودية وهذا لن يقبله لا الاستراتيجي الإيراني ولا الاستراتيجي السعودي في حالة العقلانية طبعا وبعيدا عن الأطر غير العقلانية.

لكن الطابع الأبرز للسياسة العدائية هو إعلامي والهدف منه كما قلت احداث تكتل أمام إيران وهذا ما لم يحدث حتى في ما سمي ب"التحالف" لضرب اليمن أو "التحالف العربي" او "التحالف الإسلامي" بعده ضد داعش وكله دعاية ولا يوجد شيء على الأرض. فما الذي تبقي من التحالف العربي ضد اليمن الآن؟ يعني من يحارب على الأرض؟ السعوديين بطائراتهم، القوة الموجودة على الأرض كان جزء منها إماراتي وبقي في الجزء الجنوبي لأنه لديه اجنده مختلفة عن السعودية ولا يوجد غير ذلك، سبعمئة او ثمانمائة سوداني منشغلين بعدن في ضبط الأمن ومثل هذه المهام ومئتين من هذه الدولة ومئتين من تلك الدولة.

هذا ليس تحالفا، هو دعاية فضفاضة. لذلك اعتقد أن الجزء الكبير من هذه السياسة الحربية والساخطة من سياسة الجيران في الإقليم، وهذا الكلام الكبير هو دعائي للإستهلاك الداخلي. ففي الداخل توجد مصادمات بين الامراء، بين أولائك المنشغلين بحلم الوصول إلى السلطة ويريد كل منهم إظهار أنيابه وعضلاته للفوز بحضوة أكبر. كما أن الدعاية موجهة في جزء كبير منها للخارج، للقول بان إيران هي أساس عدم  الاستقرار في المنطقة لتبطئ انفتاح المجتمع الدولي على إيران.

نهاية الجزء الأول، وسينشر غداً الخميس الجزء الثاني من الحوار مع الدكتور حسن أحمديان.

/انتهى/

newsmedia.tasnimnews.com/Tasnim//Uploaded/Image/1395/08/05/139508051650275659035464