اخبار العراق الان

اغنياء وفقراء في علم الأقتصاد

اغنياء وفقراء في علم الأقتصاد
اغنياء وفقراء في علم الأقتصاد

2016-12-04 00:00:00 - المصدر: العراق اليوم


مقالات الكتاب ,   2016/12/04 06:52  , عدد القراءات: 11

اصل دونالد ترامب سيره على الرصيف المؤدي الى شارع المال في مدينة نيويورك ليتوقف فجأة امام شحاذ افترش الارض وهو يقلب الكثير من اللاشيء! نظر ترامب الى ذلك الفقير بعين من الأسى محدثاً أياه: انك أيها الرجل تمتلك صفرا من الثروة وانا مدين بمبلغ 900 مليون دولار بعد ان فقدتُ ثروتي كلها..فانك بالمحصلة أغنى مني!! اجابه الشحاذ مبتسماً انا حقاَ أغنى منك ولكن ماذا ان حصلت على المال ثم خسرته، حينها سأكون من الفاشلين.. وربما قد أخسر صحتي وأنا أحاول أن أجمع الثروة.. وقد لا أعرف إن كان الناس سيحبونني لشخصي أم من أجل أموالي؟ واخيراً يمكن أن أتعرض الى السرقة وعندها سأخسر الثروة، فضلاً عن خسارة مكاني الذي أشحذ فيه على رصيف شارع المال. ترك ترامب ذلك الشحاذ وهو يسبق الخطى للالتقاء بصديق سيساعده على استعادة ثروته مجدداً ولكنه ظل يردد في سره بأن التيارات الرئيسة السائدة في علم الاقتصاد ما زالت تستخدم نماذج المنفعة المتوقعة ودور العوامل العقلانية عند استخدامها في التحليل الاقتصادي واختبار نماذج التحليل. هنا توقف ترامب وهو يحدث نفسه كرة أخرى قائلاً: إن العديد من تلك التحليلات لم تستطع ان تفسر كيف يمكن الحصول على الثروات التي تحققها الطفرات الاقتصادية وكيف تشكل تلك الثروات مجدداً!. ربما لم يدرك دونالد ترامب ظهور ما يسمى بعلم الاقتصاد العصبي وهو من العلوم السلوكية التي تشكلت من خليط علوم الاعصاب وعلوم الاقتصاد، اذ حاول هذا العلم ايجاد مشتركات في التصرف ازاء تعظيم المنفعة ومقاييس الاستجابة العصبية والتي تركز جميعها على دور الدماغ في تدفق الدم .فالدماغ يتكون حقاً من مقاطع وأنظمة عديدة تتعامل جميعها في توجيه صنع القرار، فالعديد من القرارات تُتخذ في اطار ظروف محفوفة المخاطر، لذلك تتجه النزعة الانسانية إما صوب تحمل المخاطر بغية تعظيم المنفعة او النزعة نحو تجنب المخاطر والتضحية بجانب من المنافع .فقد كشفت البحوث والدراسات في الولايات المتحدة الاميركية عن ان هنالك الكثير من الامور الاستثنائية والشاذة والأنماط الشائعة من التصرفات التي غدت جميعها لا تتلاءم ومبدأ تعظيم المنفعة والتي منها تلك النزعة المتجنبة للمخاطر التي كان يمارسها شحاذ وول ستريت وهو يفترش الرصيف حين واجهه دونالد ترامب المجازف الذي بات مفلساً. وهكذا يوضح لنا علم الاقتصاد العصبي بان ثمة مناطق متعددة في الدماغ تختلف في درجة تحسسها إزاء موضوع تحديد المخاطر اوحالة اللايقين ازاء التصرفات الانسانية المتعلقة باتخاذ القرار الاقتصادي، والتي تتوقف على شكل وتركيب وطبيعة القشرة الخارجية لمقدمة العقل البشري، فبالوقت الذي يركز فيه الفقراء على احتمالات الخسارة مهما كانت ضئيلة يركز الأغنياء على احتمالات الربح مهما كانت ضئيلة ايضاً، فكل فريق ينظر الى القدح المملوء نصفه بالماء، فالفقراء يعتقدون ان عليهم معرفة كل شيء مقدماً وضرورة الحصول على تلك المعلومة عند كل ردة  فعل وهو امر لا يتيسر حصوله لارتفاع تكاليفه في حين يبقى الاغنياء وحدهم من يمتلك  المحفظة المعلوماتية لاتخاذ قراراتهم المعظِمة لمنافعهم وهي حكراً في متناول أيديهم وشبكة أعصابهم في تعظيم ثروتهم مهما كان تركيب قشرة أدمغتهم التي وعدنا بها علم الاقتصاد العصبي!!.

طباعة