اخبار العراق الان

إعادة هيكلية الاعلام المصري اعتراف اولي بفشل معظمه.. ولكن وصفه الإصلاح الا تبعث على التفاؤل؟.. راقبوا المحطات العربية والعالمية لتتعرفوا على مواطن الخلل.. وطرق العلا

إعادة هيكلية الاعلام المصري اعتراف اولي بفشل معظمه.. ولكن وصفه الإصلاح الا تبعث على التفاؤل؟.. راقبوا المحطات العربية والعالمية لتتعرفوا على مواطن الخلل.. وطرق العلا
إعادة هيكلية الاعلام المصري اعتراف اولي بفشل معظمه.. ولكن وصفه الإصلاح الا تبعث على التفاؤل؟.. راقبوا المحطات العربية والعالمية لتتعرفوا على مواطن الخلل.. وطرق العلا

2016-12-06 00:00:00 - المصدر: راي اليوم


من المقرر ان يناقش مجلس الشعب المصري “البرلمان” في الأيام المقبلة، قانون تنظيم الصحافة والاعلام الجديد الذي صدر بعد نقاش استمر اكثر من ستة اشهر بهدف “تصويب” الاعلام المصري، وإعادة هيكليته بحيث يصبح اكثر فاعلية.

عملية إعادة الهيكلية هذه تهدف الى استبدال المؤسسات الرسمية القديمة بأخرى جديدة مثل المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام، والهيئة الوطنية للصحافة (ستحل محل المجلس الأعلى للصحافة)، والهيئة الوطنية للاعلام (ستكون بديلا عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون).

العاملون في ميادين الاعلام ومؤسساتهم النقابية يضعون أيديهم على قلوبهم، ويعتقدون ان إعادة الهيكلة هذه تهدف الى تشديد الرقابة على المؤسسات الحكومية والخاصة، والحد من حرية التعبير، في ظل سياسة القبضة الحديدية التي تتبعها الدولة، في الوقت الراهن، ومرشحة للتصعيد في المستقبل.

الاعلام المصري في معظمه تراجع كثيرا في معظم المجالات المهنية والتعبيرية، والسبب الرئيسي سيطرة بعض رجال الاعمال الجشعين الذين همهم الوحيد هو تحقيق اكبر قدر ممكن من الأرباح، وهو هدف لا يمكن ان يتحقق الا بالبرامج التي تعتمد الاثارة، والتركيز على الغرائز السياسية والجنسية في معظم الأحيان، واعتماد “التهريج” والسب والقذف والتشهير، كوسيلة لزيادة نسبة المشاهدين.

اصلاح الاعلام المصري، بات مسألة ملحة على قدر كبير من الأهمية، بعد ان اصبح يلحق ضررا بمصر واجيالها وثقافتها، ويحول دون منافستها في مجالات عديدة، وبما لا يتناسب مع دورها ومكانتها الإقليمية والدولية، ولكن هذا الإصلاح لا يتم من خلال إعادة هيكلية المؤسسات الرسمية، وبما يؤدي الى تعميق البيروقراطية، وانما الى وضع أسس مهنية موضوعية، وتشكيل مؤسسة واحدة فقط مهمتها التأكد من تطبيق هذه المعايير، وبما يحول دون الخروج عنها، ومعاقبة أي مخترق لها بالغرامة او الاغلاق، مثلما عليه الحال في الدول المتقدمة.

إعادة الهيكلية خطوة مهمة، لانها تعكس اعترافا بالفشل، وضرورة التغيير للوصول الى النجاح المأمول، ولكن من يتابع القرارات والهيئات الجديدة يصاب بحالة من الخوف، ولا نقول الإحباط، من ان تأتي النتائج مغايرة تماما للطموحات، وبما يجعل المتلقي المصري يحن الى الوضع الاعلامي السابق على سوئه.

المسؤولون المصريون يشعرون بمدى قصور محطات تلفزتهم وصحفهم، عندما يتابعون اعلام المعارضة في الخارج، واعلام بعض الدول العربية، مثل “الجزيرة” و”العربية”، “والميادين”، ويعتقدون ان سبب هذا التفوق هو المال الوفير المسخر لهذه المحطات او معظمها، ولكن هذا نصف الحقيقة وليس الحقيقة كلها.

صحيح ان المحطات الخليجية تقف خلفها دول نفطية ثرية، وصحيح ان بعض اعلام المعارضة المصرية يحظى بدعم بعض هذه الدول، ولكن الصحيح أيضا، ان رواتب بعض المذيعين المصريين يصل الى ملايين الدولارات سنويا، واضعاف نظرائهم في هذه المحطات، ومع ذلك يظل تأثيرهم المحلي والعربي محدودا.

ما يحتاجه الاعلام المصري ليس إعادة هيكلية فقط، وانما رفع سقف الحريات المحكومة بالمهنية والموضوعية، والمحاسبة وفق هذه الضوابط، والقاء نظرة سريعة على البرامج الحوارية “التوك شو” يخرج منها المرء، او من معظمها، بالشعور بالغثيان، الضيوف انفسهم، المواضيع نفسها، الآراء نفسها، علاوة على الاطالة المملة، وزيادة جرعة التهريج، والبذاءات في الكثير من الأحيان، ولكن هذا لا يعني عدم وجود برامج محترمة، وضيوف محترمين، وآراء نيرة، وقيم مهنية عالية، ولكنها تظل الاستثناء.

السلطات المصرية تملك المال والكثير منه، كما ان بعض رجال اعمالها اكثر ثراء من الكثير من نظرائهم الخليجيين، لكن الفارق الأساسي هو كيفية توظيف هذا الثراء في انتاج اعلام ورقي وتلفزيوني راق ومتقدم ومسؤول، وبما يلائم مصر ودورها وتراثها الحضاري العريق.

الاعلام الناجح المؤثر يحتاج الى مشروع سياسي وطني ديمقراطي متميز، وصدر رحب من قبل النخبة الحاكمة تجاه النقد البناء، وتوسيع الدائرة بحيث تستوعب كفاءات مهنية، وثراء فكري متنوع.

فكيف سيكون الاعلام المصري مؤثرا في محيطه العربي اذا كان جميع ضيوف برامجه السياسية من مصر وحدها؟ وفي ظل تغييب كامل للمغرب والمشرق العربيين والخبرات الواسعة والثرية فيهما؟ وهذا احد الأمثلة فقط.

راقبوا الوسائل الأخرى، تلفزيونية، واذاعية، او ورقية، مثل الـ”بي بي سي” و”فرانس 24″ و”روسيا اليوم”، ومن خلال هذه المراقبة يمكن التعرف على أسباب الخلل، مع تسليمنا المطلق بأنه لا توجد أي محطة دون اجندة سياسية خاصة بها، ولكنه الذكاء والإدارة الجيدة.

“راي اليوم”