ما بعد المباراة | ميلان الزمن الجميل !
التحليل الفني لتعادل تورينو المثير ضد ميلان في السيري آ
بقلم | تامر أبو سيدو تابعه عبر تويتر
| تورينو | الدفاع وليايتش أهدرا جهد الهجوم |
لعب تورينو مباراة ممتازة على الصعيد الهجومي، لكنها كانت متوسطة أو أقل على الصعيد الدفاعي سواء من الدفاع أو وسط الملعب، وإن تحسن الشكل قليلًا في الـ25 ساعة الأخيرة من اللقاء بعدما وصل ميلان بالفعل للتعادل.
ميهايلوفيتش اختار التوازن في وسط ملعبه باختيار لاعب بدني هو أوبي وآخر فني هو بيناتسي بجانب فالديفيوري، ولعب بالثنائي السريع المهاري فالكي وليايتش بجانب بيلوتي في الهجوم، ولكن الأهم من هذا هو أنه حدد نقاط ضعف ميلان دفاعيًا ونجح في استغلالها وهي الأطراف ! المدرب الصربي اختار أن يُهاجم عبر الطرفين استغلالًا للمساحات خلف أطراف ميلان المتقدمة للهجوم، وقد منح تعليماته لثنائي الوسط بدعم ثنائي الهجوم في الطرفين وقد نجح فيما أراد وصنع عدة فرص خطيرة على مرمى ميلان ولدت جميعها من الطرفين وأسفرت عن هدفين وركلة جزاء.
لكن تلك الاستراتيجية جاءت على حساب الدفاع، لأن ثنائي الوسط ترك مساحات كبيرة في العمق باتجاهه للطرفين .. تلك المساحات لعب فيها ميلان جيدًا في تصرف ذكي من المدرب مونتيلا. الدفاع خلال الشوط الأول لم يكن جيدًا أبدًا ولولا عدم توفيق ميلان في لمسته الأخيرة لما خرج مهزومًا بهدفين.
النقطة الأكثر سلبية في أداء التورو اليوم كانت على صعيد الشخصية، فالفريق لم يُظهر الشخصية المناسبة حين تقدم بالهدفين، إذ عاد للخلف كثيرًا واختفت هجماته المرتدة مما سمح لميلان أن يتقدم بكامل صفوفه للهجوم، وفي الشوط الثاني لم يتحمل الفريق بداية الروسونيري الممتازة واستسلم لها تمامًا مما كلفه خسارة تقدمه والخضوع لرغبة ميلان بالوصول للتعادل.
الأمر اختلف بعد التعادل، رد فعل الفريق هنا كان ممتازًا بالتقدم للأمام ومحاولة الوصول من جديد لهدف التقدم وقد صنع الفريق عدة محاولات جيدة للغاية، وهذا كله بدأ بتغيير ذكي من المدرب غير به طريقة اللعب من 4-3-3 إلى 4-2-3-1 بتواجد إيتوربي في الجناح الأيسر ودخول ليايتش لعمق الملعب، وقد أدى هذا أولًا لتوجيه رسالة للاعبين بالتقدم للهجوم والرغبة في التسجيل، وثانيًا للضغط نفسيًا وذهنيًا على ميلان وإرغامه على التراجع للدفاع خوفًا من الهجمات المرتدة وخسارة كل شيء، وثالثًا تواجد ليايتش في العمق أرغم ثنائي وسط ميلان "بازاليتش وبيرتولاتشي" على التوقف نسبيًا عن تقدمهما لدعم الهجوم حتى رأينا أن المدرب انتبه للأمر وأخرج الثاني وأشرك كوتشكا الأفضل دفاعيًا في الوسط، والجميل أيضًا أن إيتوربي قام بواجباته الدفاعية جيدًا بالعودة في اليسار للمساعدة في إيقاف سوزو عند فقدان التورو للكرة.
بالطبع يُلام ليايتش كثيرًا على الرعونة التي نفذ بها ركلة الجزاء التي كادت أن تحسم وتقتل المباراة تمامًا، وكذلك يُلام خط دفاع التورو خاصة في القلب على تعامله السيء مع هجمات ميلان داخل منطقة الجزاء ... التورو بحاجة ماسة الصيف القادم أو يناير الجاري إن إمكن لدعم دفاعه بمدافع واحد ممتاز على الأقل.
| ميلان | نقطة انطلاق، ولمحة الزمن الجميل |
بداية أرى أن تلك هي أفضل مباراة للميلان على صعيد الشخصية ورد الفعل منذ فترة طويلة قد تمتد لعامين أو ثلاثة، خاصة حتى الدقيقة 60 أو 65. الفريق لعب للهجوم منذ الدقيقة الأولى والمثير أنه لعب عدة دقائق قوية وضغط بقوة بعدما استقبل الهدف الأول في رد فعل سريع وإيجابي لم نكن نراه مؤخرًا من الفريق، واستمر الأمر بعد الهدف الثاني وفاجأ الروسونيري الجميع ببداية مذهلة للشوط الثاني تقدم خلالها بكامل صفوفه للهجوم وبدا عازمًا جدًا على التعويض ... رد فعل وشخصية وجرينتا افتقدها الفريق لعامين أو ثلاثة، كنا نراه خلالها يستسلم سريعًا إلا في مباريات نادرة. حدث تراجع في النصف ساعة الأخيرة من اللقاء وتفوق التورو، وربما هذا يُعد مقبولًا بعد النسق المرتفع جدًا في الأداء من جانب ميلان لمدة ساعة كاملة، ربما من المنطقي أن ينال الفريق شيئًا من الراحة والتراخي بعدما وصل لهدفه الذي سعى له بكل قوته وهو التعادل. لكني واثق أن ميلان لو واصل اللعب بنفس الطريقة والنسق والجرينتا والشخصية لكانت فرصته بالخروج بالنقاط الكاملة من مدينة تورينو اليوم كبيرة جدًا جدًا.
مونتيلا اختار اللعب في الوسط بالثنائي بيرتولاتشي وبازاليتش ووضع كوتشكا على مقاعد البدلاء، وهذا أثر على القوة الدفاعية لوسط الملعب خاصة من حيث التغطية على الأطراف، إذ يميل اللاعبين للعب في العمق وللتقدم من الخلف للأمام وهما بشكل عام يمتلكان قدرات هجومية أكثر من الدفاعية ... هذا جعل أطراف ميلان ضعيفة دفاعيًا، ومع ضغط ميهايلوفيتش عليها هجوميًا انكشفت تمامًا خاصة الجانب الأيمن الذي تواجد به كالابريا بعد فترة طويلة من الغياب للإصابة وهذا كان من سوء حظه وسوء حظ الروسونيري لأنه لعب مباراة سلبية وكان ثغرة واضحة.
تلك كانت السلبية، لكن الإيجابية كانت في تطور لعب ميلان الهجومي من عمق الملعب ! فالفريق اعتماده أكبر هذا الموسم على الطرفين في هجومه ... اختراقات من سوزو وبونافينتورا ونيانج ثم تمريرات عرضية أو محاولة الاختراق القطري والتسديد، مع تقدم بحذر للظهيرين أو لأحدهما على الأقل. لكننا رأينا اليوم عدة هجمات من عمق الملعب جمعت أكثر من لاعب بلمسات سريعة وجميلة ومباشرة نجحت في اختراق دفاع التورو، ولولا اللمسة الأخيرة لسجل الروسونيري منها. ويُمكنني الجزم أن الفرصة التي أهدرها بيرتولاتشي في الشوط الأول هي الأجمل والأفضل لميلان من عمق الملعب منذ عامين أو ثلاثة ! هي هجمة من زمن ميلان الجميل صاحب الأداء المقنع والممتع.
دفاع ميلان لعب اليوم مباراة سيئة جدًا، ولكن غياب كوتشكا ساهم في هذا كما أوضحت، لأن القوة الدفاعية للوسط تراجعت، لكن هذا لا يمنع أيضًا أن رومانيولي تحديدًا لعب واحدة من أسوأ مبارياته مع ميلان خاصة على صعيد التمركز والتغطية والضغط على المنافس والمواجهة المباشرة، وتبقى لقطة مراوغته مع بونافينتورا في الهدف الأول لتورينو بواسطة فالكي معيبة جدًا بحق اللاعبين ! دفاع ميلان اليوم أخطأ كثيرًا في التمركز والرقابة داخل منطقة الجزاء ونصب مصيدة التسلل وخسر الكثير من المواجهات المباشرة مع نجوم التورو أصحاب المهارة والسرعة. هي مباراة للنسيان للمدافعين، ولكن في نفس الوقت مباراة تكشف حاجة الفريق لعمل أكبر لتحسين هذا الخط وأيضًا لتحسين القدرات الدفاعية للاعبي الوسط أصحاب الأدوار الهجومية حتى لا يحدث الخلل مثلما حدث اليوم.
كنت أفضل بعدما شاهدت الأداء الإيجابي والمنتج من ميلان في العمق أن يلجأ مونتيلا لتغيير يتخلى به عن لعبه في الأطراف وينقل الكرة لعمق الملعب، بإخراج أحد لاعبي الوسط وإشراك لابادولا في الهجوم بجانب باكا ويضع خلفهما سوزو في العمق لتتحول الطريقة إلى 4-3-1-2 ويتواجد بونافينتورا في الجانب الأيسر من الوسط ... هذا كان سيكشف ضعف دفاع التورو من العمق وسيفيد الميلان كثيرًا هجوميًا.
أخيرًا أقول أن ميلان فاز بأمور كثيرة اليوم أهم من نقطة التعادل، وأنه لو بنى على هذه الأمور سيتطور كثيرًا في أدائه خاصة هجوميًا. مونتيلا عليه اعتماد تلك المباراة كنطقة انطلاق ليستعيد للفريق شخصيته القوية وأيضًا ليبدأ الاعتماد على العمق أكثر في هجومه.
| تواصل مع تامر أبو سيدو | |
