اخبار العراق الان

اختيار إسرائيل الاعتماد على ترامب قد يكون خطِراً

اختيار إسرائيل الاعتماد على ترامب قد يكون خطِراً
اختيار إسرائيل الاعتماد على ترامب قد يكون خطِراً

2017-01-19 00:00:00 - المصدر: قناة الميادين


من المحتمل أن يفتح انتخاب ترامب، ودخوله إلى البيت الأبيض، أمام إسرائيل فرصاً سياسيّة جديدة. ومن المحتمل أن يكون بوسعها الآن القيام بتوسيع المستوطنات من دون أي إزعاج. ومن المحتمل أن يكون بوسعها الآن القيام بضم هذه المنطقة أو تلك. وكذلك من المحتمل أن تتخلى عن خطاب "الدولتين".

نصف أميركا فقط يحتفل بانتصار ترامب – بينما نصفها الآخر يغط في الحزن

هذه بعض الأمور التي يُستحسن تذكرها وفهمها قبيل أداء الرئيس الجديد في الولايات المتحدة الأميركية يمين القسم يوم غد. فأولاً: حتى وإن كان الرئيس دونالد ترامب صديقاً حقيقياً لإسرائيل، وحتى وإن قام بنقل السفارة الأميركية للقدس في أول يوم من ولايته، وقام بفرض تنازلات على الإيرانيين في اليوم الثاني، وحتى لو قام بإبلاغ الأمم المتحدة بوقف الدعم الأميركي لها حتى إلغاء قرار مجلس الأمن الشرير ضد المستوطنات – حتى لو فعل كل ذلك فإن هناك احتمال قائم في أن يكون رئيساً غير ناجح للولايات المتحدة الأميركية – وكذلك الحال، بالنسبة لإسرائيل. إن المصلحة الإسرائيلية المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية أوسع بكثير من الطيف الضيق المرتبط بالقضايا المرتبطة بنا مباشرة. ولإسرائيل مصلحة بولايات متحدة أميركية مزدهرة وعادلة ومنخرطة مع العالم وقيادية وإيجابية. والرئيس الأميركي الجيد لإسرائيل والسيء للولايات المتحدة هو رئيس سيء لإسرائيل.  ثانياً: إن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة قوية، لكنها ليست الدولة الوحيدة في العالم. والصداقة مع الولايات المتحدة الأميركية هي صداقة هامة – هي الأهم وبفارق كبير – إلا أنه من غير المناسب أن تكون الصديقة الوحيدة في العالم. والصحيح هو أن مؤتمر باريس كان مثيراً للشفقة. والصحيح كذلك هو أن موقع بعض الشعارات المتعلقة بالشرق الأوسط، بشكل عام، وبمسيرة السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، بشكل خاص، هو في القمامة. إلا أن اختيار إسرائيل الاعتماد على ترامب، فقط على ترامب، وبدون أية ذرة تفكير أو اهتمام بمواقف الزعماء الآخرين ومواقف الدول الأخرى، هو اختيار خطِر. فترامب قد تم انتخابه في نهاية المطاف لولاية واحدة. وبعد أربع سنوات يمكن أن يعود قرين لأوباما إلى البيت الأبيض. ومن المستحسن أن تكون (إسرائيل) مستعدة لهذا الخيار أيضاً. 
ثالثاً: إن مجمل الأحاديث عن عصر جديد سيوفر لإسرائيل حرية العمل، وتفهماً أكثر لسياستها، من الآن وصاعداً – هي أقوال سابقة لأوانها ومبالغ بها. فترامب قد اُنتخب بسبب تضافر فريد من نوعه للظروف. فهو قد اُنتخب بأصوات الأقلية. وبكلمات أخرى، يمكن أن يكون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد كان على حق عندما لقب مؤتمر باريس بأنه "احتضار عالم الأمس" – ومن المحتمل، وبالدرجة نفسها أيضاً، أن يكون ترامب نفسه النزع الأخير من هذا العالم. ويمكن أن يحدث ويأتي بعد ترامب، بالفعل، أوباما آخر، وربما ثانٍ، وثالث أيضاً.رابعاً: إن نصف أميركا فقط يحتفل بانتصار ترامب – بينما نصفها الآخر يغط في الحزن. وعندما تقوم إسرائيل بالاحتفال مع ترامب، بشكل مبالغ به، وبوقاحة، فإنها بذلك تقضي على مكانتها في أوساط النصف المحزون. وهنا أعود للتذكير مرة أخرى: صحيح أن النصف المحزون قد خسر فعلاً إلا أنه لا يزال عددياً القسم الأكبر.


"ليس هناك الآن ترامب إسرائيلي، ويجب أن نأمل ألا يكون"

خامساً: لقد أثبت ترامب أنه زعيم، إلا أنه مفترس. ومن سيقف في طريقه لن يحظى بالكثير من لحظات الهدوء والسكينة. ومن يقوم بإزعاجه لن يحصل على وجبة وفيرة من التعاطف. إن كل هذا حسن طالما كان ترامب يقف معنا، وعندما تكون سياسته مناسبة لنا. إلا أن كل هذا سيبدو إشكالياً جداً في اليوم الذي يقوم فيه بنسج اتفاق إقليمي مع فلاديمير بوتين على حسابنا، أو عندما يقرر أن جائزة نوبل للسلام في انتظاره إذا ما قام بلي ذراعنا قليلاً، أو عندما يشعر أن الرأيالعام عنده يتطلب السير ضدنا.
هل سيأتي يوم كهذا؟ قد يكون نعم، وقد يكون لا. ولكن إذا ما جاء مثل هذا اليوم فإنه سيثير فينا الكثير من الحنين لمن يبدو اليوم أنه غير مقبول: الحنين لباراك أوباما.
سادساً: من المحتمل أن يفتح انتخاب ترامب، ودخوله إلى البيت الأبيض، أمام إسرائيل فرصاً سياسيّة جديدة. ومن المحتمل أن يكون بوسعها الآن القيام بتوسيع المستوطنات من دون أي إزعاج. ومن المحتمل أن يكون بوسعها الآن القيام بضم هذه المنطقة أو تلك. وكذلك من المحتمل أن تتخلى عن خطاب "الدولتين". 
إلا أن السؤال المرتبط بكل هذه القضايا ليس فقط إذا ما كان ترامب سيفسح المجال أمام إسرائيل لفعل هذا أو ذاك – فالسؤال كان ولا يزال: هل من المناسب لإسرائيل أن تفعل هذا أو ذاك؟بكلمات أخرى: إذا أعطاك أحدهم علبة شوكولا فهذا لا يعني أن عليك أن تأكلها كلها. وحتى إذا سمح ترامب لإسرائيل بتوسيع مستوطنات نائية – فإنه من المشكوك فيه إذا ما كان سيجبرها على توسيع الكثير من المستوطنات النائية.
وأخيراً، إن المقارنة السائدة بين زعماء إسرائيليين وبين ترامب هي مقارنة لا أساس لها. وربما يكون عضو الكنيست اريئيل مرغاليت يحلم بدور كهذا، وذلك عندما ينشر على صفحته في الفيس بوك بُشراه المتوهجة والحماسية. أما النتيجة فهي مثيرة للشفقة. فربما يريد خصوم رئيس الحكومة نتنياهو إلصاق صورة كهذه به، وذلك على افتراض أنها ستلحق به الضرر. إن الافتراض خاطئ،  والخيال ضعيف. إذ لا يوجد الآن ترامب إسرائيلي، ويجب أن نأمل ألا يكون. فالكرم يقتضي الإبقاء على شيء ما، فريد، للأميركيين. 
ترجمة: مرعي حطيني

المصدر: معاريف