كيف استبقت الحرب على الإرهاب تفجير شارع الحمراء
ولكن إحباط العملية الإرهابية في بيروت وبحسب معلومات للميادين نت جاء بعد توافر معطيات لدى الأجهزة الأمنية عن تنفيذ عمليات تفجير، ويأتي ضمن الحرب الاستباقية التي يخوضها لبنان ودول عدة في المنطقة ضد الإرهاب، وبحسب المعلومات فإن الإرهابي العاصي كان موضع رصد ومراقبة منذ فترة، وهذا ما يفسّر إلقاء القبض عليه قبل ارتكابه مجزرة في الحمراء، وأن تعليمات أعطيت له من تنظيم "داعش" الإرهابي لتنفيذ عملية في أماكن سياحية، وزوّده عبر مشغل له في لبنان بحزام ناسف يزن 8 كيلوغرامات من مواد شديدة الانفجار بالإضافة إلى كمية من الكرات الحديدية، وذلك بهدف إيقاع أكبر خسائر بالأرواح.
هذا التطور يعدّ تغيراً في سياسة "داعش" الذي كان نفذّ مع تنظيمات إرهابية أخرى مثل جبهة "النصرة" و"كتائب عبد الله عزام" تفجيرات وعمليات انتحارية في الضاحية الجنوبية لبيروت والهرمل وفي بلدة القاع الحدودية مع سوريا في حزيران/يونيو الفائت، ويبدو أن الإرهاب لم يعد يفرّق بين المناطق التي سيستهدفها إذ سبق وأوقف الأمن العام شبكة كانت تنوي تفجير كازينو لبنان ومقاهي في وسط بيروت.
الإنجاز الأمني في بيروت جاء بعد إنجاز مماثل في شمال لبنان حيث تمكنت مخابرات الجيش من توقيف انتحاري كان في طور الإعداد لعملية تفجير في إحدى المناطق اللبنانية، والأخير ينتمي لجماعة إرهابية بايعت داعش قبل 3 أعوام، وهو أيضاً في عداد شبكة تنشط شمال البلاد وتتحين الفرص لتنفيذ هجمات إرهابية، وفي السياق أيضاً علم الميادين نت أن الأمن العام اللبناني وبالتعاون مع مخابرات الجيش أوقف عدداً من المنتمين إلى داعش وغيره خلال عملية أمنية معقدة شمال البلاد، بعد دهم أماكن متفرقة كان يتواجد فيها عناصر داعش وبعد نجاحه في الحصول على معلومات من أكثر من جهة داخلية وخارجية، وبناءً على هذه المعلومات التي حرص المعنيون على إبقائها طي الكتمان، سارعت الأجهزة المعنية، ولاسيما الجيش، إلى اتخاذ حزمة تدابير احترازية منها رفع درجة الأستعداد في العديد من المناطق التي تكون عادة في دائرة الخطر، وخصوصاً في البقاع وعكار وطرابلس والضاحية الجنوبية. ومن هذه الإجراءات نشر حواجز جديدة وإحداث نقاط مراقبة عند معابر حدودية غير شرعية بين لبنان وسوريا.
لكن كل هذه الإنجازات لم تعكس تراخياً أمنياً، وعلى سبيل المثال، عاشت مدينة النبطية في الجنوب اللبناني ومحيطها قبل أيام حالة شديدة من الحذر والترقب والاستنفار، إثر انتشار معلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، عن مجموعة إرهابية مؤلفة من 3 إرهابيين انتحاريين يستعدون لتنفيذ هجمات انتحارية في المدينة وتحديداً في سوقها المكتظ، وعلى الفور بادرت وحدات الجيش إلى اتخاذ تدابير مشددة على كل مداخل المدينة ومخارجها ونشرت حواجز تفتيش ومراقبة جديدة معززة.
وعلى رغم أنه تبين لاحقاً أن تلك المعلومات غير دقيقة وغير موثوق بها وأنها ربما بُثّت بقصد إحداث موجة بلبلة واضطراب، إلا أن الأجهزة المعنية لم يكن بمقدورها التعامل بلا مبالاة وقلة اكتراث مع هذه المعلومات، خصوصاً أن المناخات الأمنية لدى هذه الأجهزة كانت كلها تحض على الحذر وتدعو إلى التنبّه واليقظة، ترافق ذلك كله مع إفراج الأجهزة الأمنية عن معلومات فحواها القبض على فتاة كانت تعدّ العدة لنشاط إرهابي، والقبض أيضاً على مجموعة إرهابية في الشمال.
التطورات الأمنية هذه تتزامن مع تراجع الجماعات الإرهابية في الميدان السوري والعراقي أيضاً، وبحث هذه المجموعات عن أهداف تحوّل الأنظار عن هزائمها من جهة وإعادة الفوضى إلى الساحة اللبنانية التي تعرف استقراراً غير مسبوق منذ نحو 3 سنوات، لا سيما بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبلاد قبل نحو 3 أشهر، ما انعكس إيجاباً على البلاد التي تستعد لموسم سياحي واعد، ومن هنا جاء اختيار الأماكن السياحية لتنفيذ الهجمات ولا سيما في العاصمة التي ظلّت بعيدة عن استهداف الإرهابيين منذ العام 2013، لكنّ تغير بنك الأهداف لدى داعش ونظرائه يأتي بعد تشديد الإجراءات الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما صعّب إمكانية تنفيذ تفجيرات في تلك المنطقة التي شهدت في العامين 2013 و 2014 أكثر من عملية تفجير، وكذلك في خريف عام 2015 عندما نجح انتحاريان في تفجير نفسيهما في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية وكان سبقهما آخران في جبل محسن شمال البلاد.