اخبار العراق الان

"إهمال" الجنوب الليبي يهدد بحكومة رابعة

"إهمال" الجنوب الليبي يهدد بحكومة رابعة

2017-01-23 00:00:00 - المصدر: وكالة الاناضول


ليبيا/ أيمن سعد/ الأناضول

يشكو سكان الجنوب الليبي من أوضاع معيشية قاسية وحالة أمنية متردية؛ ما دفع 16 من نوابهم إلى تعليق عضوياتهم في مجلس النواب، المنعقد بمدينة طبرق (شرق)، وسط تهديدات بتشكيل حكومة لإدارة المناطق الجنوبية في بلد تتصارع فيه حاليا ثلاث حكومات وتتقاتل كيانات مسلحة متعددة.

هذا الوضع في الجنوب، يُحمل السكان وقيادات محلية جنوبية مسؤوليته للحكومة المؤقتة بقيادة عبد الله الثني في مدينة البيضاء (الشرق)، وحكومتي الإنقاذ، بزعامة خلفية الغويل، والوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج (مدعومة من الأمم المتحدة)، في العاصمة طرابلس (غرب)، حيث يتهمون الحكومات الثلاثة بإهمال الجنوب.

وغضبا من ذلك "الإهمال"، أصدر 16 نائب من الجنوب (من أصل 188 نائبا في مجلس النواب) بيان مشترك، مساء الإثنين الماضي، أعلنوا فيه تعليق عضوياتهم؛ احتجاجا على "قطع إمدادات الوقود والكهرباء والخدمات" عن مناطقهم.

ورغم أن أزمة انطقاع التيار الكهربائي، والخدمات العامة، تضرب أغلب أنحاء ليبيا، فإن سكان الجنوب يعتبرون وضع مناطقهم هو الأسوأ.

مطالب الجنوبيين

نواب الجنوب، الذين علقوا عضويتهم، عقدوا اجتماعا مع رئيس المجلس، عقيلة صالح، أبلغوه خلاله بتمسكهم بعدم العودة، إلا بعد "إعطاء تعليمات عاجلة" لرئيس الحكومة المؤقتة، عبد الله الثني، بالإذن للهيئة العامة للكهرباء بالتعاقد على شراء مولدات لتوليد الطاقة في محطة سمنو وأم الجداول (جنوب).

كما طالب نواب الجنوب بالإسراع في تخصيص مبالغ مالية لشركة مصفاة الجنوب، وشركة زلاف للاستكشافات النفطية.

النواب دعوا صالح أيضا إلى مخاطبة حكومة الثني، المنبثقة عن البرلمان، بشأن منح إذن للمؤسسسة الوطنية للنفط بالتعاقد لتوريد مصفاة للنفط بشكل عاجل، وصرف المبالغ المالية المخصصة لمديريات أمن الجنوب.

وبالفعل، بحث صالح مع الثني، في اجتماع ببلدة القبة (شرق)، أول أمس السبت، سبل إنهاء أزمات الجنوب، ودعا نواب الجنوب إلى إنهاء مقاطعتهم لمجلس النواب.

ووفق الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أمس الأحد، فقد أطلع الثني، صالح،على "ما تستطيع أن تقدمه الحكومة من حلول عاجلة لمعالجة أزمات المنطقة الجنوبية (على صعيد) توفير المواد الغذائية الأساسية والسلع التموينية ومشاكل توفير الدواء وارتفاع أسعاره وتوفير الكهرباء".

"جريمة ضد الإنسانية"

ومع تصاعد حالة الاحتقان في الجنوب الليبي، كشف موسى قريفة، المستشار السياسي السابق لعضو المجلس الرئاسي، عمر الأسود (ممثل قبيلة الزنتان في المجلس)، أن "أهالي الجنوب يتجهون نحو تشكيل حكومة خاصة بهم بعدما عجزت الحكومات الثلاث عن إيجاد حلول لمعاناة السكان".

قريفة، وفي تدوينة عبر صفحته على موقع "فيسبوك" الثلاثاء الماضي، أضاف أن "النية تتجه لتشكيل حكومة في الجنوب، يكون بمقدورها التواصل مع حكومات الدول الأخرى، لتخفيف المعاناة عن أهل الجنوب".

وبينما لم يحدد الأطراف التي تحمل تلك "النوايا"، اكتفى قريفة بالحديث عن "شخصية مُحترمة في موقع خدمي بالجنوب الليبي، أوضحت لي أن ما يحصل في الجنوب جريمة ضد الإنسانية يتحمل مسؤوليتها اليوم كل مسؤول ومتخذ قرار سياسي أو أمني أو اقتصادي".

"محاصرة الجنوب"

فيما حذر عبد الهادي الصغير، أحد النواب الـ16 الذي علقوا عضويتهم، من أن قرار تعليق العضوية يضع ليبيا على "حافة التشظي والانقسام وزيادة معاناة المواطن بصفة عامة، ومواطني الجنوب بصفة خاصة".

"الصغير"، أضاف أن تردي الأوضاع المعيشية والخدمية وانعدام الأمن وانتشار الجريمة، تزامن مع ضعف وشلل بعض مؤسسات الدولة الحيوية والسيادية؛ ما حمل أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الجنوبية على تعليق عضويتهم.

كما اتهم جهات - لم يسمها – في المنطقة الغربية بـ"محاصرة الجنوب"، ومنع الوقود وغاز الطهي والمياه والكهرباء عنه؛ لكون المنطقة الجنوبية مرتبطة بشكل كامل بالغرب، حيث يصل الغذاء والخدمات منه.

بل ورجح الصغير، أن تكون عملية اختطاف الطائرة الليبية، مؤخرا، "مفبركة"، بهدف إغلاق مطار "تمنهنت" الوحيد الذي يغذي المنطقة الجنوبية، ويتحرك من خلاله المواطنون إلى خارج ليبيا.

وبينما كانت في في رحلة داخلية من مدينة سبها (جنوب غرب) إلى طرابلس، الشهر الماضي، جرى اختطاف طائرة ليبية، حيث هبطت في مطار مالطا، قبل إطلاق سراح الراهائن، والقبض على المختطفين.

وقبل تسليم أنفسهم، ووفق وسائل إعلام محلية، طالب المختطفون إطلاق سراح سيف الإسلام، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الذي حكم ليبيا لقرابة 42 عاما، قبل أن يفقد الحكم وحياته تحت وطأة ثورة 2011.

نفي "القوة الثالثة"

ومقابل اتهامات جنوبية، نفى جمال التريكي، قائد "القوة الثالثة"، المكلفة من حكومة الوفاق الوطني بحماية الجنوب الليبي، ما وصفها بمزاعم محاصرة الجنوب اقتصاديا.

التريكي، أضاف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أنه جرى توزيع أربعة آلاف إسطوانة غاز على أغلب مناطق الجنوب، وأن وقود السيارات متوفر في أغلب المحطات، فضلا عن عودة التيار الكهربائي.

بالمقابل، اتهم التريكي، من قال إنهم موالين لقوات خليفة حفتر، التابعة لبرلمان طبرق، بترديد اتهامات لـ"القوة الثالثة" وحكومة الوفاق عامة، على أمل تسليم الجنوب لقوات حفتر.

ووفق مراقبين، تسعى قوات حفتر، إلى السيطرة على قواعد جوية في الجنوب، منها قاعدة "تمنهنت"، لاستخدامها في انطلاق طائرات حربية من الجنوب للسيطرة على العاصمة، مقر حكومة الوفاق.

مخاوف متصاعدة

وفي محاولة للتخفيف عن سكان الجنوب، أمر رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، شركة البريقة لتسويق النفط بإعطاء الأولوية المطلقة للجنوب في توزيع شحنات النفط.

"صنع الله"، قال إن الأوضاع الأمنية في الجنوب، وداخل سبها تحديدا، تحد من أنشطة التوزيع، مناشدا جميع الأطراف والقبائل بالتعاون لإيصال الوقود إلى جميع المناطق دون استثناء.

ومن آن إلى آخر، تندلع اشتباكات في الجنوب الليبي بين "القوة الثالثة"، الموالية لحكومة الوفاق، وبين اللواء "12 مُجحفل" (بقيادة محمد بن نايل)، الموالي لقوات حفتر.

وفضلا عن سوء الأوضاع المعيشية، وتدهور الحالة الأمنية، تحذر تقارير إعلامية غربية، أحدثها قبل أيام من صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، من تجمع "إرهابيين" من جنسيات متعددة في الجنوب الليبي، وهو ما يهدد بانفجار الوضع في الجنوب في أي لحظة.

ومع عدم تحسن الوضع المعيشي والأمني في الجنوب، تتصاعد المخاوف بين الليبيين من إعلان حكومة ليبية رابعة بالفعل، ما قد يزيد الوضع تعقيدا، حيث تتصارع في ليبيا، ومنذ أكثر من عامين، حكومتان تمثلان طرفي النزاع، الأولى تسيطر علي شرقي البلد، وهي حكومة الثني (مدعومة من برلمان طبرق)، والثانية تتحكم في غربه، وهي حكومة الإنقاذ، التي انبثقت عن المؤتمر الوطني العام (السابق).

ومنذ أكثر من عام، دخلت على خط الأزمة الليبية حكومة ثالثة، هي حكومة الوفاق الوطني، التي انبثقت عن جولات الحوار بن الطرفين الأولين، برعاية الأمم المتحدة، لكن مجلس النواب يرفض الاعتراف بها، مطالبا بإدخال تعديلات على اتفاق الصخيرات، الذي وقعه الفرقاء الليبيون في 17 ديسمبر/ كانون أول 2015.