اخبار العراق الان

جسد واحد: 126 خيمة صحراوية من الأقاليم الجنوبية لفائدة متضرري زلزال الحوز

جسد واحد: 126 خيمة صحراوية من الأقاليم الجنوبية لفائدة متضرري زلزال الحوز
جسد واحد: 126 خيمة صحراوية من الأقاليم الجنوبية لفائدة متضرري زلزال الحوز

2023-09-20 22:08:20 - المصدر: حجيبة بومسمار


قال رسول الله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى[1]. عندما يصير الألم واحد تجد كل واحد يهرع لمساعدة الآخر إيمانا منه أن في المساعدة والعطاء جبر لألمه، هو دائما الشعب المغربي متلاحم في السراء و الضراء لا ينسى بعضه بعض، فهو جسد واحد.

شهر شتنبر كعادته؛ دائما حافل بالأنشطة و التخطيطات السنوية، عائلات عادت من عطلة الصيف لتستقبل الموسم الدراسي الجديد، من إجراءات التسجيل وشراء كتب ودفاتر ومحفظة جديدة. طلاب جدد مقبلين على المنح الجامعية والمدارس العليا، وطلاب آخرين يستأنفون من جديد أماكنهم بمدرجات الكلية. والموظفين شرعوا في مهامهم كذلك. شهر مملوء بالحركة؛ كل واحد منا يستيقظ صباحا لمزاولة مجموعة من الأنشطة، ليرجع مساءا للمنزل فينام من إرهاق اليوم، أو يحمل هاتفه لتفقد الرسائل أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو أن هناك أم تحاول جاهدة إقناع أطفالها بالنوم للاستيقاظ باكرا لدوام المدرسة.  وهناك من يتسامر رفقة أصحابه، وهناك من قرر تناول وجبة العشاء خارج البيت،... يمكننا أن نقول أن الأمور عامة تمشي كعادتها، كل في عالمه. إلا أن باطن الأرض لم يكن عاديا مساء الجمعة الثانية من هذا الشهر؛ ففي ثوان معدودة  قُلبت موازين الناس جراء الزلزال الذي لم يكن بالبتة ضيفا مرحبا به. فبلادنا كانت آمنة مطمئنة.

كل شيء تغير في أقل من دقيقة، هزة أرضية بقوة 6.8 كانت كفيلة بقلب موازين البلاد وتغيير اهتماماتها وأنشطتها المعتادة، ولازلنا نتحصر على فقد 2946 شخص في أقل من يومين، ناهيك عن المصابين الذي فاق عددهم 5000 شخص، فاختلطت المشاعر بين حزن وصدمة ومقاومة.

ليلة الجمعة كانت طويلة، الكل كان ينتظر بزوغ الفجر لفهم ماذا حدث حقا، وهاهي شمس اليوم التالي تشرق لتبين حجم الخسائر. الكل يسارع للإغاثة وإنقاذ الناس الأحياء، و إخراج الموتى لدفنهم، فقصتهم في الحياة الدنيا انتهت ذاك اليوم. جسد واحد؛ أفراد ومنظمات يسارعون لتوفير الدعم من مؤونة ومياه الشرب للمتضررين؛ ليلتهم لم تكن سهلة ولا هذه الأيام القادمة ستكون عليهم سهلة.

وفريق مؤسسة الأطلس الكبير بدوره تجند لتقديم المساعدة وتوفير الأساسيات للمحتاجين، فكل يوم تنطلق شاحنتين محملتين بالمواد الغذائية باتجاه الدواوير المتضررة. هذه الفاجعة لم تخلف فقط شهداء ومرضى ويتامى وأرامل، بل جعلت مئات الأسر دون مأوى بدون أي شيء فقط ذكريات مؤلمة. لعل أول ما يتبادر إلى ذهننا عندما نذكر أن الزلزال وقع في منطقة معينة، انهيار كلي للمنازل، والتي لم تهدم فعليها شقوق كبيرة مهددة بالسقوط في أي لحظة، فيجد الناس أنفسهم بين عشية و ضحاها، الأرض فراشهم والسماء غطاؤهم، فكان من السرعة بمكان إيواء المتضررين وتوفير سكن مؤقت يحميهم من حر الشمس وبرد الليل.

i.imgur.com/jk5cIS9

صورة ملتقطة أثناء عملية نصب خيمة بدوار تينيسيكت بجماعة أمكدال- الحوز.

أصبحت الخيام هي الأولوية القصوى لمساعدة المنكوبين. حيث قام فريق المؤسسة بالجنوب بالتنسيق مع 23 امرأة صحراوية بمدينة العيون لصناعة 126 خيمة ستوزع في الأطلس الكبير؛ حيث تم توزيع أربعة منهم على سكان دوار تينيسيكت بجماعة امكدال- الحوز وأربعة منهم لفائدة 143 عائلة بدوار تمجوجت جماعة تلوات. أكد الفريق على ضرورة جلب خيام الجنوب للأطلس الكبير فلا يوجد خيام أجود من تلك التي تُصنع على يد صحراويين. خيام صلبة مقاومة للرياح القوية والبرد القارس والحر الشديد. عملية توزيع هذه الخيام إضافة للمؤونة مستمرة بالمؤسسة ناهيك عن برامج التتبع و المواكبة التي يعمل الفريق على وضعها مستقبلا لفائدة المتضررين إضافة للدعم النفسي .

لم تكن هذه المرة الاولى التي تعمل فيها المؤسسة مع ساكنة الجنوب، فمنذ 22 سنة شرعت في عقد اللقاءات التواصلية التشخيصية مع مختلف الفاعلين لدراسة الأولويات؛ ومن بين أبرز مقترحات المشاريع التي خرج بها فريق المؤسسة مع الفاعلين المدنيين، تثمين صناعة الخيام التقليدية كنشاط محلي مستدام مدر للدخل، والذي سيؤدي بدوره إلى تحسين سبل عيش الساكنة، ناهيك عن دوره المهم في الحفاظ علي الموروث الثقافي .

صدق رسول الله ﷺ حين قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه [2]. هذه الأزمة العصيبة التي نمر بها برهنت مجددا عن مدى تلاحم الناس و تراحمهم فيما بينهم، فهذا الحديث الشريف يشبههم بالبناية الصلبة التي اكتملت نتيجة تراص مجموعة من اللبنات؛ وأن كل واحدة بجوار الأخرى جعلت البنيان قوي ومرصوص. التعاون دائما قوة في وجه الأزمات كيفما كانت فسكان المناطق الصحراوية يَصِلون الليل بالنهار لصناعة الخيام لإيواء إخوانهم في الأطلس الكبير.-

حجيبة بومسمار هي مديرة مشروع لدى جمعية مؤسسة الأطلس الكبير بمدينة الداخلة.