الوصاية الطائفية الخليجية على سنة العراق… أم التدخل الإيراني

آخر تحديث 2016-05-29 00:00:00 - المصدر: وكالة وطن للانباء

المحلل السياسي / باسم العوادي تأييد سني عراقي واضح المعالم للعمليات العسكرية الجارية في الفلوجة ، الأحزاب السنية الرئيسية أيدت العملية سرا او علنا ، أغلب الفعاليات السياسية السنية المؤمنة بالعراق الجديد أيدت وباركت ودعت الجيش والحشد لتحرير الفلوجة من داعش وإعادتها لحضن الأنبار ، ولم يصدر أي إعتراض سني عراقي باستنثاء اصوات هنا وهناك لا تمثل الإجماع السني الوطني العراقي المؤمن بالعراق الجديد، وهناك 4 آلاف مقاتل سني تحت يافطة “الحشد العشائري” يقاتلون مع الحشد الشعبي. في المقابل حرب شعواء خليجية ( سعودية ـ قطرية ـ إماراتية ) تحديدا وإعلان مشروع وصاية كامل على سنة العراق ، فما يريده سنة العراق يحدد من الرياض او الدوحة او أبو ظبي ، وسواء ما تحدده هذه العواصم يناسب سنة العراق او لا ، فهذا لايهم المهم ان عليهم ان يتلزموا بما تحدده هذه الدوائر وإلا فهم خونة وعملاء للصفويين ولابد من تهيئة قيادات جديدة غير القيادات السنية العراقية الحالية من خلال مؤتمرات ومشاريع خارجية وليس من خلال صناديق الاقتراع التي يصوت بها المواطنون السنة في مدنهم . وصاية إستعلائية بشعة ، تتعامل مع العمق السني العربي العراقي الذي كان يقود سنة الخليج أنفسهم وكأنهم مؤسسة أيتام يجب عليها ان تخضع للقوانين والضوابط من الإدارة العليا وان من لا يتلزم يطرح من الميتم ليبقى في الشارع للاسف. صورة معركة الفلوجة الآن بعد عدة أيام من إنطلاقها هي معركة بين إيران ودول الخليج وداعش، هذا ما يمكن ان يستنتجه اي متابع لوسائل الإعلام الخليجي الخاسرة دائما في العراق على مستوى المشاريع والمخططات ولكنها تربح دائما الدم، حيث تؤجج الفتنه الطائفية في العراق وهذا لايهم في العواصم الخليجية مادام من يدفع الدم سنة العراق وليس سنة الخليج. من حق دول الخليج ان تخاف من الحشد الشعبي الشيعي ، والذي كانت هي السبب في إيجاده فلولا التصعيد الطائفي الخليجي في العراق ولولا الدعم الخليجي للقاعدة وداعش لما كان الحشد موجودا ، ولو عدنا فقط الى سنتين مضت اي قبل 9 / 6 / 2014، بيوم واحد حيث لم يكن هناك تشكيل أسمه الحشد الشعبي وكان هناك شيء أسمه الجيش العراقي الذي حاربته وسائل الإعلام الخليجي وحولته لـ “جيش المالكي او الجيش الصفوي”، وبعد دخول داعش بمساندة خليجية، وجدت العواصم الخليجية نفسها أما جيش عقائدي جديد يؤيده العراقيون أكثر من الجيش الوطني، وهو يتحرك بخطط مدروسة لكي يضم مختلف الشرائح العراقية لصفوفه حيث وصل عدد السنة فيه بحدود 20 الفا، والمسيح عدة آلاف، والعمل جاري لو تحسنت الظروف على ضم آلاف اخرى من طوائف متعددة. دول الخليج وجدت نفسها أما حزب الله جديد، لكنه اخطر من حزب الله بالف مرة، لانه يتحرك على جغرافية أوسع ولديه محيط بشري أعمق ولديه ثاني احتياطي نفطي في العالم والأهم أنه يستطيع ان يصل اية عاصمة خليجية بالسلاح او حتى بالسيارات وهو قادر ان يقاتل على حدود الدول الخليجية وفي قلب عواصمها، وكل هذه هي خلاصة الحقد الخليجي على الحشد الشعبي، الخوف والقلق والإرباك والأخطاء الكارثية. ولو تعاونت الدول الخليجية مع العراق كأمة واحدة وساندت العراق ووقفت معه على الأقل مع تحسين ملف الأمن والتعاون الحقيقي ضد الإرهابي القاعدي والداعشي وأبقت على خلافاتها معه على اساس التدافع السياسي ، لما كان هناك قاعدة او داعش او حشد شعبي أو مليشيات مسلحة من كل الاطراف، ولم احترمت عواصم الخليج الجيش العراقي كقوة وطنية لتحقيق الأمن في العراق ولم تشوه سمعته طائفيا لما احتاج العراق ان يؤسس جيشا عقائديا آخر ينوب عنه او يقاتل بجنبه ، اذن ، هو ذنب الخليج واخطاؤه السياسية الكارثية التي يدفع ثمنها سنة العراق. الى حدود أيام مضت كانت السياسية الخليجية مزهوة بالإعتصامات والمظاهرات وبرغم خطورتها واحتمالية ان تقود هذه الممارسات الى وصول جهات غير معلومة للسلطة كأن تكون مليشيات او جماعات مسلحة وهذا ما يشكل خطرا فعليا عليها ، وقفت العواصم الخليجية بغباء تحسد عليه مع موجه التداعيات في بغداد ، حتى وصلت الى مستوى شعارات ” إيران بره بره” التي اعتبرتها دول الخليج عودة للعراق للحضن العربي من وسط بغداد ، لكن بعدها بيوم وما ان انطلقت عمليات تحرير الفلوجة ، عادت بغداد بنظر السياسية الخليجة لتكون طائفية وقاتله تتعاون مع إيران لتقل سنة الفلوجة ـ كما تزعم ــ في مفارقة سياسية تعبر عن عمق الأزمة الطائفية والنفسية التي تعيشها تلك الدول والمؤسسات التي تشرف على إدارتها وهي أبعد ما يكون عن المنطق السياسي الذي يرتب الأولويات ويمنهج المسارات ويمنط الأحداث من أجل المصلحة العامة للمنطقة. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الإعلام الخليجي عن التدخل الإيراني في الوسط الشيعي العراقي، لكن إيران لم تفرض اية وصاية على شيعة العراق، وكان لهم خياراتهم والاحداث السياسية التي اعترفت بها عواصم الخليج والعلاقات للاحزاب الشيعية الخاصة معهم والكثير من الاحداث السياسية هي دليل على ان إيران لم تمارس اية وصاية على شيعة العراق، وانما هي تتعاون معهم بموافقتهم ، في حين ان الصورة التي نراها في طريقة تعامل دول الخليج مع سنة العراق هي طريقة الوصاية الكاملة والمعاملة الإستعلائية الطبقية، حيث يراد لسنة العراق ان يكونوا حائط الصد بالنيابة عن الخليج وتكون ارضهم مختبرا للمشاريع الإرهابية التي تفتك بمدنهم وتدمر بناهم التحتية وتقتل رجالهم وتغتصب بيوتهم وتطرد سكانهم مقابل ان يقول تقول دول الخليج ، انتم سنة جيدون ، والحال ان الكثير من النخب السنية بدأت تدرك هذه المفارقات ، ولعل الموقف السني الأخير في التعاطف مع الجيش والحشد في تحرير الفلوجة هو أصدق دليل على الرفض السني العراقي للوصاية الطائفية الخليجية عليهم بهذه الطريقة بعد ان كانوا هم أسياد على إمارات الخليج كلها.