دورة انتعاش الاقتصاد العالمي وصعود أسعار البترول

آخر تحديث 2016-06-05 00:00:00 - المصدر: ويكليكس بغداد

ويكيليكس بغداد:

التقرير الأخير الذي أصدرته في الأسبوع الماضي وكالة رويترز، والذي أشارت فيه إلى ارتفاع أسعار البترول صوب 50 دولارا، وكذلك تصريح المهندس أمين الناصر رئيس شركة أرامكو السعودية، الذي أكد فيه أن أسعار النفط تتصاعد تدريجيا لتقلص الهوة بين العرض والطلب.. يؤكد أن فترة بقاء أسعار البترول في قاع الدورة الاقتصادية قد أوشكت على الانتهاء، وأن دورة صعود الأسعار بدأت فعلا، وأنها ستلامس الـ 50 دولارا، وربما تحوم حول الـ60 دولارا عام 2017.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن حالة الركود الاقتصادي في الاقتصاد العالمي لن تستمر إلى ما لا نهاية، فلا بد من بدء مرحلة الفوقان للدخول في مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي.

ولعل من أهم مؤشرات بداية مرحلة الرواج الاقتصادي هو زيادة الطلب على البترول في السوق العالمية، وهذا ما يحدث بالفعل، وسترتفع الأسعار مع زيادة الطلب وانخفاض المخزون لدى الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية الكبرى.

وبالنسبة للسعودية فإن الزيادة في الطلب العالمي على البترول ستؤدي إلى زيادات في إيرادات البترول، حيث تستمر إيرادات البترول ــ فترة مقبلة ـــ كمورد رئيس في ميزانية الدولة، ولكن لن يستمر البترول موردا رئيسا ــ بنسبة عالية ــ إلى الأبد.

ولا شك فإن هذه المرحلة من مراحل الانتعاش الاقتصادي العالمي هي بالنسبة للاقتصاد السعودي من أهم المراحل في تاريخ الاقتصاد الوطني؛ لأن الظروف التي يعيشها الاقتصاد السعودي حاليا تحتاج إلى زيادة في الإيرادات تضخ في شرايين الاقتصاد الوطني المتعطش إلى مزيد من الإيرادات المالية، ولا يخفى على الجميع أن المملكة تستعد لتنفيذ أكبر مشروع تنموي على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وهو “رؤية المملكة 2030”.

ولعله من الأهمية بمكان أن يستمر المواطن في دعمه ومساهمته بشكل فعال في تحقيق “رؤية 2030” رغم تحسن أسعار البترول، إذ إن الرؤية تستهدف بناء اقتصاد قوي ومتوازن يقوم على عديد من الموارد، ويؤسس لدولة عصرية لا تقوم على مورد واحد يضع اقتصادها في مهب الريح، وإنما تحقق أحلام أجيال مقبلة تتطلع إلى تنويع اقتصادي يحقق الوفرة والاستقرار في جميع مجالات الحياة.

ونأمل أنه مع بدء تدفق إيرادات البترول ستتجه الدولة إلى تخفيف بعض التكليفات الاقتصادية التي جرى الاستعداد لاتخاذها ضمن برامج رؤية 2030، بما يعني تخفيف أعباء المعيشة عن كاهل المواطن السعودي.

والسؤال المهم: هل نمضي قدما في خططنا الرامية إلى البحث عن بدائل جديدة لموارد الدولة، أم نكتفي بالبترول الذي يغطي ـــ في الأمد القصير ـــ النسبة الأعلى من متطلبات الميزانية العامة للدولة؟!

البعض يقول بضرورة التحول من البترول والبحث بقوة عن مصادر جديدة.

قبل أن نجيب عن هذا السؤال فإننا نؤكد أن التزاماتنا الدولية المعهودة تجاه المجتمع الدولي لا تسمح لنا بأن ننتهج سياسة ليست في صالح الاقتصاد الدولي، ولكن هذا لا يعني أننا ننفذ سياسة ضد مصالحنا الوطنية، فمصالحنا الوطنية تتطلب أن نبحث عن موارد جديدة، وفي الوقت نفسه نتبع سياسة بترولية حكيمة تراعي مصالح المجتمع الدولي.

ومن الحكمة أن نظل على سياستنا البترولية الحكيمة التي درجنا على اتباعها منذ سنوات طويلة، والتي تهدف إلى تلبية طلب السوق العالمية، وعدم تعريضها لمشكلات نقص المعروض، ونحرص ـــ كذلك ـــ على أن نظل المحركين لقوى التوازن في سوق البترول العالمية.

وإذا عدنا إلى افتراضات مراكز الأبحاث، فإن هذه المراكز تقدر مدة استمرار البترول التقليدي كمورد رئيس للطاقة في السوق العالمية تمتد لنحو 50 عاما مقبلة، وبعد ذلك سيتجاوز العالم عصر البترول، ويدخل في عصر جديد للطاقة المتجددة.

إذن، مصالحنا الوطنية العليا تقتضي أن ننفذ البرامج الرامية إلى تحقيق التوازن في اقتصادنا الوطني، ولا نعتمد بأي حال من الأحوال على مورد واحد مثلنا مثل أي دولة متقدمة أخرى تسعى إلى بناء اقتصاد متوازن ومتعدد الموارد.

ولا شك أن هذا الهدف المثالي يدفعنا إلى تنفيذ “رؤية المملكة 2030″، وهو المطلب الأساسي والرئيس كي نحقق التنمية المستدامة، ونبني مستقبل الأجيال القادمة، والجميل أن من أهم خصائص رؤية المملكة 2030 هو أنها مجموعة مشاريع وبرامج تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الاقتصادي للمجتمع السعودي.

إن ما نؤكده وما يجب أن نسعى إليه ونحن نستقبل بشائر ارتفاع أسعار البترول أن نعمل جاهدين على المضي قدما نحو تنفيذ “رؤية 2030″، فهي الملاذ والأمل لبناء اقتصاد لا يعتمد على مصدر واحد معرض للتذبذب، بل يجب أن نعمل على بناء اقتصاد يقوم على عديد من الموارد، ويتكئ على قواعد ثابتة لا تهددها سلعة بعينها.

والتنمية الحقيقية المستدامة لا تقوم على مورد واحد، بل تقوم على عديد من الموارد الثابتة التي تدفع بمعدلات التنمية الشاملة نحو مزيد من البناء والتطوير.