تميم منصور: نتنياهو يرقص دائمأ على طبول التهم الواهية

آخر تحديث 2016-06-08 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

تميم منصور

ما دامت جسور التواصل بين نتنياهو وحكومته ، وبين العديد من الزعماء والقادة العرب تزداد متانة وقوة كل يوم ، فهذا يعني أن معظم وسائل الاعلام في عواصم هذه الأنظمة لا يهمها ولا يعنيها ممارسات نتنياهو وحكومته القمعية ضد الشعب الفلسطيني ، فهذه الوسائل مصابة بالصمت الذي يعبر في كثير من الحالات عن الرضا او الرعب والخوف ، المقلق ان وسائل الاعلام التي لا زالت تقف الى جانب الشعب الفلسطيني داخل الأقطار العربية آخذة بالتراجع ، عكس ذلك فإن مثل هذه الوسائل في الدول الأجنبية التي تتطرق الى قضايا الشعب الفلسطيني آخذة بالازدياد ، سواء كانت في الدول المتحررة من المحور الأمريكي وغيرها ، وسائل الاعلام الثابتة في مواقفها ومناصرة لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال موجودة في دول محور المقاومة ، أو تلك التابعة للأحزاب والحركات اليسارية في الدول العربية ، وبعض العواصم الأوروبية ، مثل صحافة الحزب الشيوعي المصري ، والحزب الشيوعي الأردني ، وحركات راديكالية ، عربية وغير عربية .

هذا الفراغ  يفرض علينا واجباً قومياً ووطنياً للعمل على تعرية نتنياهو وحكومته عبر وسائل الاعلام المتوفرة في الداخل الفلسطيني ، سنبقى نطارده بجمار من الكلمات والتعابير حتى يختفي عن مسارح الفوقية والعنصرية والانحراف السياسي ، لأن رصيده في هذا الانحراف والسقوط في هاوية الحقد ، وكشف معدنه الذي تمتد جذوره في داخل مرجعيته الفكرية ، وهي الصهيونية المجبولة بالوازع والوجه الديني العقيم ، والوازع القومي العنصري المتعصب المرتبط بتاريخ سياسة الرجل الأوروبي الأبيض وشغفه الاستعماري ، أن نتنياهو يغرف ممارساته وعنصريته من منبع الأفكار العرقية التي تعتمد على تقديس اليهودية الدينية والدنيوية ، واحتقار ونبذ كل من هو فلسطيني وغير يهودي ، انه يحاول ان يجعل هذا الفكر عقيدة للدولة يعتنقها أكبر عدد من المواطنين ، انه يجمع ما بين الانهراق وراء المطامع والمكاسب الشخصية التي تنطق بالانانية ، وبين الآنا اليهودية التي تسعى لامتلاك كل شيء ، وترفض ان توهب الحياة المتواضعة للآخرين .

ان عدد الساسة الذي اداروا دفة الحكم في إسرائيل من امثاله محدودون ، انه من مدرسة بن غوريون ن مناحم بيغن ، شارون ، إسحاق رابين ، غاندي ، كهانا وآخرون ، ان مكوث نتنياهو في الحكم هذه المدة الطويلة ، جعله يصاب بالغرور ، وجعله يؤمن أنه على حق بكل ممارساته ، هذا بدوره ضاعف من منسوب حقده وكراهيته للمواطنين العرب ، وشجعه على اتهام أعضاء القائمة المشتركة بأنهم داعش ، أصبح يؤمن هو ومن حوله بأنه على حق بكل شيء يفعله ، في نفس الوقت فإن هذه المدة الطويلة في الحكم زادت من اسقاطاته وفضائحه ، كما أنها كشفت الكثير من عيوبه والاعيبه ، حتى اصبحنا كل يوم أمام مشهد جديد من الاتهامات ، آخرها فضيحة المليون يورو التي حصل عليها من أحد أصحاب رؤوس الأموال لدعم معركته الانتخابية عام 2009 ، وقد سارع للاعتراف بذلك .

ولولا تواطؤ جهات معينة في الشرطة والقضاء لأصبح مصيره مثل مصير رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت ، لقد أصبح من الصعب حصر افتراءاته ضد المواطنين العرب ، التي نضح من خلالها بمزاياه العنصرية .

” الستاتوس ” أو المدونة التي اندلقت من لعابه المزاجي العنصري حالما أعلنت الشرطة الذي يقودها صديقه ” روني الشيخ ” عن اتهام شابين فلسطينيين من مدينة نابلس باغتصاب فتاة يهودية معاقة من تل ابيب ، لقد أثاره هذا الخبر قبل التحقق منه  ، فقرر أن يرقص فوق مأساة الضحية كما أرادها .

كشفت هذه المدونة عن هوية نتنياهو الحقيقية  ، كما كشفتها من قبل انتخابات الكنيست الأخيرة الذي اعتبرها البعض زلة لسان وقبلوا اعتذاره المزيف .

ادعى نتنياهو في مدونته قبل ان يعرف الحقيقة ، بأنه أصيب بالصدمة باللغة العبرية – زعزوع – وتعني اهتزاز كيانه وارتعاد فرائصه وارتجاج دماغه ، اعتبر ما حدث جريمة يجب استنكارها في طول البلاد وعرضها ، عبر عن ذلك قبل أن تنهي الشرطة تحقيقها ، والسبب أنه يقف على رأس مؤسسة سياسية وأمنية ، المواطن العربي بالنسبة لها يولد من بطن امه متهماً ، وعليه أن يثبت دائماً براءته ، حتى وهو داخل بيته ، أو في العمل ، أو وهو يوقد شعلة الاستقلال .

لقد وجد نتنياهو في هذه الحادثة زناداً جديداً وهاماً أشعل عقله وخياله ، وفرصة لمخاطبة مؤيديه وجماعته ونبش حقده المتجدد دائماً ، من واجب الشعب في إسرائيل ان يخجل برئيس وزرائه الذي يتغنى دائماً بالديمقراطية ويكتب مثل هذه المدونة ، وقد زينها بأسلوب الفزعة للضحية المعاقة ، لو أن هذه الحادثة تؤلمه حقيقة ، لقام كل يوم بكتابة أكثر من مدونة ، بسبب تكرار حالات الاغتصاب ، والملاحقات الجنسية ، خاصة من قبل العديد من ضباط الشرطة .

كم مرة سوف يتحمل رئيس الوزراء حالات – الزعزوع –  أي الصدمات والارتجاجات الدماغية ؟ لو أن دماغه مصابة بالارتجاج حقيقة لما سارع بإرسال برقية دعم ومواساة لوالد الجندي الذي أقدم على اغتيال الشاب الفلسطيني في الخليل قبل حوالي الشهر بدم بارد ، بدلاً من مواساة والد الضحية .

ان هدف نتنياهو من هذه المسرحية المخزية اتجاه ضحية الاغتصاب الذي لم يحدث هو شحن عشرات آلاف الإسرائيليين بروح الكراهية والعداء لكل فلسطيني ، وشحن وسائل الاعلام في البلاد أيضاً لدعمه والسير أمامه في توجيه التهمة للمواطنين العرب قبل حدوثها ، نتنياهو ومن حوله يعرفون بأن سلاحه الوحيد الذي يثبت حكمه في مقعد السلطة ، هو المزيد من التطرف ، وصب المزيد من الكراهية والحقد على المواطنين العرب .

ملاحظة لا بد منها لماذا كلما صب نتنياهو حقده على المواطنين العرب أتذكر ” درايفوس ” الضابط اليهودي الذي كان ضحية ضابط فرنسي يدعى هنري ، وقد قامت القيامة عندما اتهم ” درايفوس ” وأصبح مثالاً  في تاريخ العنصرية ، وبطلاً تاريخياً للشعب اليهودي الذي يعتبر أي مس بيهودي هو الغرق في اللاسامية .