في العراق وزارة لوزيرين غير قانونيين:الصحة نموذجاً

آخر تحديث 2016-06-14 00:00:00 - المصدر: وكالة وطن للانباء

في السادس والعشرين من نيسان/إبريل الماضي وافق مجلس النواب العراقي على عدد من الوزراء في التشكيلة الوزارية الجديدة التي تقدم بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقد تم التصويت على ستة وزراء، من بينهم علاء غني مبارك لوزارة الصحة. وانسجاماً مع هذا التوجه، أصدر رئيس الوزراء العراقي في التاسع عشر من آيار/مايو الماضي، أمر ديواني المرقم بالعدد(163/م.ر.و/59/6472) بتكليف الدكتور علاء غني مبارك بتسيير أعمال الوزارة، وإقالة الدكتورة عديلة حمود حسين العبودي من منصب وزيرة الصحة،وبهذا الأمر يقتضي على الوزيرة المقالة الانقطاع عن الدوام من تاريخ التصويت، وعدم التوقيع على أية أوامر أو كتب أو مذكرات، وقد وجه رئيس الوزراء العراقي أن كافة الإجراءات الموقعة من قبل السيدة الوزيرة المقالة بعد تاريخ تصويت مجلس النواب على الإقالة تعد غير قانونية وتتحمل الجهة التي تنفذها المسؤولية القانونية. ولأن الغنيمة هي غاية من منصب الوزير أو الوزيرة في العراق فقد رفضت الوزيرة الانصياع للأمر الديواني الصادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي واعتبرته غير قانوني لأن الوزيرة والنواب المعتصمين دفعوا بعدم شرعية تلك الجلسة التي حضرها 176 نائب، وعرضوا المسألة إلى المحكمة الاتحادية للفصل فيها. ومن جانب آخر لم يحظ بعد الوزير الجديد بالشرعية القانونية لأنه لم يؤدي القسم القانوني أمام مجلس النواب العراقي، ليباشر مهامه على وزراة الصحة، وبهذه الحالة تدار وزراة الصحة في العراق من قبل وزيرين غير قانونيين. هذا الواقع القانوني المثير للدهشة سيزيد من حالة الفوضى في دوائر وزراة الصحة، حتى تصل إلى مرحلة عقيمة في العمل الإداري، وما يزيد من هذا العقم أنه لا يسمح للوزيرة المقالة حضور اجتماعات مجلس الوزراء، وكذلك الحال ينسحب أيضا على الوزير الجديد. وهذا الأمر ليس كذبة نيسان -للأسف- وإنما واقع حال العراق. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق كيف يمكن الخروج من هذا المأزق القانوني؟ وتجدر الإشارة هنا أن مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية في نهاية المقال قام بنشر صورة عن كتاب إقالة وزيرة الصحة وتكليف الوزير الجديد بمهامه. ونشر صورة عن كتاب الوزيرة المقالة التي أرسلته إلى محافظ صلاح الدين تؤكد إستمرارها في منصبها كوزيرة للصحة العراقية وأن الأمر الديواني ليس له أي أثر قانوني!، ونشر صورة عن كتاب إقالة قاسم محمد عبد الفهداوي وزير الكهرباء وتكليف علاء دشر زامل بدلاً عنه. وهناك عدة مستويات للخروج من هذا المأزق أولاها أن تنسق الرئاسات الثلاث فيما بينها( رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، رئاسة مجلس النواب) وتدعو الوزراء الجدد لأداء القسم القانوني بحضورهم، ومن ثم يصدر مرسوم جمهوري لمزاولة الوزراء الجدد أعمالهم، أما عن المستوى الثاني للخروج من الأزمة فيكمن بالطلب من مجلس شورى الدولة في البت بهذا المأزق القانوني، في حين المستوى الثالث للحل يرتبط أن يطلب من مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق سرعة البت بهذا الخلل القانوني. لأن أوضاع العراق الحالية ليست من الرفاهية بشىء لكي “يتسلى” بهذه الأزمة القانونية، فالعراق يمر بأوضاع في غاية الصعوبة فمن الناحية الأمنية منخرط بحرب شرسة مع تنظيم داعش الإرهابي فضلا عن العمليات الإرهابية التي تضرب العاصمة العراقية بغداد من وقت إلى آخر، ومن الناحية الاقتصادية يعاني العراق نتيجة تراجع أسعار النفط من حالة انهيار مالي واقتصادي وخدماتي لم يسبق لها مثيل. ومن الناحية السياسية، فالعراق ومنذ طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من مجلس النواب العراقي في شباط/فبراير الماضي، تشكيل حكومة تكنوقراط ويمر بأزمة سياسية حادة وصلت إلى حالة الصراع الذي قد يصل إلى مستوى الاحتراب بين شركاء العملية السياسية وأقصد التحالف الوطني العراقي ذو المكون الشيعي، ومع ذلك من الصعوبة بمكان التنبؤ لمخرجات تلك الأزمة نظراً لارتباطها بالفاعلون المحليون والإقليميون والدوليون، ومن الناحية الاجتماعية يعيش المجتمع العراقي انقسام عامودي وأفقي حاد ينذر بالانفجار، فعلى المستوى العامودي نخرت المحاصصة الطائفية في عضد المجتمع العراقي حتى أوصلته إلى الحرب الأهلية ما بين عامي 2006-2008م، ولا تزال الطائفية تفعل فعلها في نسيجه الاجتماعي، أما الانقسام الأفقي زاد من ظاهرة” القطط السمان” في المجتمع العراقي مقابل انتشار الفقر والبطالة لشعب يطفو على بحر من نفط!! فالعراق اليو بلد الفئات المهمشة اجتماعيا. فمما لاشك فيه سينعكس هذا الواقع العراقي المعاش وهذا المأزق القانوني بحيث يصدر رئيس الوزراء قرار بإعفاء وزيرة أو وزير من منصبه ولا ينصاع هذا الوزير أو الوزيرة لقرار رئيس الوزراء هذا الأم لم يحدث إلا في العراق وكأن العراق أصبح نموذجاً لدول العالم لحالة الفوضى والارباك الذي يعيشها، على الشارع العراقي مما سيفاقم أوضاع العراق سوءا وينذر بصيف عراقي حار. ما لم تتدارك الطبقة السياسية في العراق أخطاؤها.