المحاصصة سرطان يجب استئصاله

آخر تحديث 2016-06-14 00:00:00 - المصدر: وكالة وطن للانباء

في 13/4/2011، وانا في موقع نائب رئيس الجمهورية، كتبت سلسلة افتتاحيات عن خطر المحاصصة، والافتتاحية بالعنوان اعلاه احداها. كان الهدف الوقوف ضد الخطر المتنامي، والذي انغمست فيه الاغلبية الساحقة في ممارساتها ومطلبياتها، ومنها قوى تطالب بالغائها اليوم، وهذا جيد.. وقد انتقدني كثيرون وقتها معتبرين ذلك هجوماً على الاحزاب. ارى مفيداً اعادة نشرها بدون اضافة او حذف، حتى ما بين القوسين، للتشديد على اهمية محاربة المحاصصة، وعلى ان الكلام عنها الان –حسب رأينا- فيه الصحيح والصادر من اصوات مخلصة وجادة.. وفيه تبرأة الذات، والادانة اللفظية مع الغرق فيها.. وفيه ما تطلقه منابر اعتادت "معاداة" الوضع وتخفي ورائها اهدافاً اخرى تصل لتفريغ الساحة من القوى واشاعة الفوضى. وستبقى العناوين بالشكل الذي يطرحه البعض كـ"التكنوقراط" و"المستقلين" و"الشعب" عناوين هلامية وغامضة، إن لم توضع في اطرها وابعادها الصحيحة، لتأخذ فاعليتها واوزانها وتوجهاتها ومسؤولياتها.. والا سيتم الالتفاف على دور الشعب بعناوين شبيهة بـ"جماهيرية" القذافي، وعلى المهنية والكفاءة بـ"اصدقاء الحزب" و"الموالين للثورة": ["المحاصصة رد فعل على التفرد والاحادية.. فزيدت اول وزارة لمجلس الحكم الى 25 بدل 23.. ليختار كل عضو وزيراً يمثله بانتماءاته المعروفة.. وسرت الممارسة للوكلاء والهيئات والسفراء والقضاة والجيش والموظفين. فالمحاصصة بدأت نبيلة، واستهدفت التمثيل الاوسع، لكنها افرزت واحدة من المظاهر السلبية والخطيرة للاستحواذ على المواقع على حساب الكفاءة وحقوق المواطنين. فرغم المبررات الاولى، لكنها اليوم سرطان يجب استئصاله. ساعدت المحاصصة احياناً بدفع اضرار اكبر (التصادم الاجتماعي)، رغم استمرارها في فرز سلبياتها. فارتفع عدد الوزارات الى اكثر من 43.. ونواب رئيس الجمهورية الى ثلاثة، ومثلهم لرئيس الوزراء.. وكذلك عدد الوكلاء والمستشارين والملاكات العليا.. ومعظمها بهدف الارضاء.. وقادت المحاصصة الى تعطيل اي تصويت (دستوري) على الدرجات الخاصة، لعدم تحقق شروط الصفقات اللازمة.. فصارت القاعدة التنصيب بالوكالة ( مئات الـ"واوات").. والتصويت هو الاستثناء. وامتدت المحاصصة للملاكات الادنى، وقادت لممارسات ضارة في تردي الكفاءة وفي التوسط والتودد لاصحاب القرار والقوى السياسية.. فحجزت طريق المواطنين الذين لا يجيدون هذا الفن او الذين لا حزب لهم. كما قادت المحاصصة لتعينات مفروضة، ترافق مجيء هذا المسؤول، لتليها اعفاءات مربكة مع اول تغيير، وهو ما زاد المشاحنات والكيديات وتعطل الاعمال. تجاوز المحاصصة سيتم بالتدريج على الارجح، وسبيلها الاعتماد الكلي على نظام الخدمة العامة والتدرج الوظيفي ومعايير واضحة وعامة في التعيين والشهادة والتجربة والكفاءة والاختبار.. وشرط الاخير السرية ومنع التمييز. على ان يجري ذلك على مستوى كل محافظة واستحقاقها السكاني. فتتوقف المعايير المذهبية او الاثنية او الحزبية ليتحقق التوازن كما يتحقق في نظام الانتخابات والتموينية والحج... بالمقابل التوقف عن التعيين بـ "الوكالة" من خارج المؤسسات. فالاعلى درجة ورتبة، وتدرج باقدمية وكفاءة ومؤهلات سيحتل دور الوكيل المؤقت (لفترة قصيرة) لحين التصويت على المسؤول الدائم. اما الاستناءات الضرورية لعمل اي نظام سواء في اطار حمايته او توازنه وتطعيمه ومرونته، فلابد ان تكون بالضرورة استثناءات مبررة.. وان تبقى محدودة ومحاطة بضوابط واضحة تمنع سوء الاستخدام. ستنحصر ساحة الاحزاب بالبرلمان والقمم العليا للحكومة، وهي حصراً المواقع التي تستحدثها الانتخابات او يتم تداولها بسببها.. اما الدولة بنظام خدمتها وامنها وقضاءها فلابد من حمايتها من اية محاصصة.. ومن اي احتكار او تمييز."] عادل عبد المهدي