فرح مرقه: “روسيا اليوم” تتحدث عن منع المصلين في الاقصى بينما يعيد الياس كرام اسطوانته الموسمية بربطة عنق جديدة.. دواء لساعتين في مؤسسات الاردن الاعلامية.. مصطفى بكر?

آخر تحديث 2016-07-11 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

اختفت مجددا القنوات العربية عن الممارسة الابشع التي مارستها دولة الاحتلال في المسجد الاقصى لتتصدر روسيا اليوم وتقول ان “القوات الاسرائيلية” منعت الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول القدس الشريف في أول ايام عيد الفطر السعيد.

القنوات العربية غابت تماما، وكانت مشدوهة بما حل بالحرم النبوي في المدينة المنورة قبل يومين من العيد، بينما انشغل مراسل الجزيرة الوسيم الياس كرام بترديد جمله الموسمية عن القدس والمقدسيين وتحرير الارض في نشرة الاخبار، مع اختلاف في ربطة عنقه كل عيد.

عمليا كانت “روسيا اليوم” الوحيدة التي تحدثت عن المنع بصورة مباشرة، ونقلت الصلاة من هناك بكل ما فيها من امل وحزن معا، لتبدأ من هناك طقوس العيد، تحديدا من الشاشة الروسية.

**

يسهب فجأة مدير الوكالة الاردنية الاستاذ فيصل الشبول وهو يسرد حادثة مرض فيها ابنه وارتفعت حرارته بينما كانت العائلة في قريته شمال البلاد، ولم يتمكن من أخذه لطبيبه، ما اضطره لاخذ الطفل (الذي اصبح شابا اليوم) الى طبيب القرية ليعالجه ويكتب له دواء لا يتوافر الا في صيدلية منزوية وبعيدة.

الطبيب اصر على الدواء المذكور والشبول الاب بحث عنه حتى وجده في صيدلية من “القرون الوسطى”، واعطى طفله الملعقة لتأخذ المفعول السحري ويبدأ بالحركة بعد دقائق، ثم بعد ساعتين ينتكس مجددا فيشرب الدواء ويعود للعب.

بقي الطفل ليلة كاملة على حاله: يغلي فيأخذ الدواء فيلعب فيغلي.. الخ، في اليوم التالي ومن عودة الاسرة للعاصمة اخذه والده على طبيبه فإذا هو يخبره ان الدواء الذي تناوله الطفل لا يفعل شيئا الا ازالة العوارض ويترك المرض ذاته دون علاج ما قد يزيد الاحتقانات والتفاعلات الداخلية- لاسمح الله-.

الشبول ذكر الحادثة كلها بذكاء بعد ان استمع لتحليلات وتأويلات حول المؤسسات الاعلامية بعضها (اي التأويلات) يتوقع نجاحا باهرا للتلفزيون الرسمي بعد تغيير مجلس ادارته او نشلا لصحيفتي الدستور والرأي من مشاكلهما المالية بعد تغيير مجلس اي منهما.

هنا اقف الى جانب الشبول فالقصة تتجاوز دواء لازالة العوارض وتركا للامراض وللمشكلات الحقيقية في الاعلام الاردني.. فالقطاع فعليا ينهار وهو بحاجة جراحة مستعجلة، فلا يمكن ان تصبح كل مؤسساتنا الاعلامية في مهب الرياح، بينما نعتمد على حبوب المسكنات، واضافة شريط متحرك اسفل شاشة التلفزيون الرسمي بالتزامن مع اذاعة مسرحية العيال كبرت في العيد يخبرنا عن اخر الاخبار، في حين لا تزال المحسوبيات والمصالح الشخصية تتخاطف التعيينات للمذيعات والمذيعين والفنيين وغيرهم.

**

بالحديث عن دولة الاحتلال، جاء التحليل الغريب من جانب الجهبذ المصري مصطفى بكري على قناة النيل بخصوص الجولة الاسرائيلية في الشمال الافريقي يوضح كم اننا نعمي ابصارنا وبصيرتنا عن حقيقة واحدة، وهي ان من “يتمدد وباقٍ” ليس فقط تنظيم الدولة وانما السرطان الخبيث في جسدنا جميعا “الاحتلال الاسرائيلي”.

يلتقي رئيس الوزراء- سيء الذكر- نتنياهو بالرؤساء الافريقيين ويبحث معهم كل الملفات العالقة بينهم وبين مصر، فـ “ينط” بكري بخفة بالغة واستغباء ليتحدث عن كون “اثيوبيا” هي التي تحيك امرا بليل بالنسبة لسدّ النهضة، ويتجاهل كل الحديث عن كون “محراك الشر” كان هناك.

بنى بكري صاحب التحليلات غير المفهومة كل نظريته على اساس ان على حكومته الرد على اثيوبيا وعدم الصمت على ممارساتها والتشديد عليها دون الالتفات ولو للحظة لأن مصر العظيمة تستطيع اتخاذ اي اجراء مقابل غطرسة نتنياهو، اقله “حلحلة” شؤون الغزيين.

لا نريد ان ننظر لكل ما يجري حولنا ببعض العمق، ولا نحب ان ندرك ان المستفيد الاول والاخير من كل ما نحيكه لبعضنا واحد.. هو نفس المحراك..!

**

بمناسبة الحديث عن المحراك.. فبعدما شن كثيرون الكثير من الحروب على مسلسل “مأمون وشركاه” المصري، والذي لم اتمكن ان اشاهد منه الا مشاهد من حلقته الاخيرة، لم اشعر بصراحة “ولا بأيتها فرق” بينه وبين اعمال “الزعيم” عادل امام، رغم الكثير من الجدل الذي ثار حول الديانات السماوية واليهودية والمسيحية بشكل خاص.

بعد انتهاء الموسم الرمضاني، وبعد الكثير من الحروب التي ثارت على مشاهد تسيء للاسلام والمسلمين، اجدني غير معنية الا بالسؤال عن السبب الذي يجعل العالم العربي يحتضر في الوقت الذي تجلس فيه الدراما العربية مصرة وملحّة على “تجميل” صورة اليهود سواء في النسخ المصرية او السورية.

في الحالتين نجد باب الحارة يتحدث عن اليهودية الجميلة الحنونة القريبة، ومأمون وشركاه كذلك، وكأن بين العرب اليوم حربا دينية.

نفهم جيدا اننا اليوم في مرحلة التسويات ونهدف لتوحيد الديانات والتسامح بينها خصوصا السرطان ذاته يتمدد، ولكن لا ادري لماذا شعرت ان كل الحديث عن التعايش الديني اليوم ما هو الا حفل مصطنع يشرب فيه بعض العابثين نخبا بصحة الحرب الطائفية المذهبية التي نفتت ونشتت فيها بعضنا كمسلمين منذ اكثر من 3 سنوات..

*كاتبة أردنية