"بيت العنكبوت" و الهيبة المفقودة في بنت جبيل

آخر تحديث 2016-07-26 00:00:00 - المصدر: قناة الميادين

علي شهاب
"لا تنسيا للحظة أن شعب إسرائيل كله يقف ورءكما".
هكذا أنهى رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت اتصاله مع قائدي لواء المظليين ولواء غولاني اللذين كانا يتحضران مع جنودهما لدخول بلدة بنت جبيل في تموز 2006، لكن هذا الكلام الحماسي لم يبددْ حالة الاضطراب عند العسكر.ظهر القلق والشك بالقدرة على تحقيق نتائج هذه العملية في المداولات التي جرت بين رئاسة الاركان وقائد المنطقة الشمالية أودي آدم الذي وجد نفسه مرغما على  تنفيذ خطة احتلال بنت جبيل.رئيس هيئة الاركان آنذاك دان حالوتس كان تواقا لصورة انتصار حاسم، وقد وجد في هذه العملية فرصة كبيرة لتدارك فشل الحملة الجوية. بينما قائد المنطقة الشمالية وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي إضافة  للوزير شاوول موفاز الذي كان خدم قبل الانسحاب عام 2000  في بنت جبيل قائدا  للواء الغربي, كان لهم رأي آخر، فهذه العملية لا تستهدف ايقاف إطلاق الكاتيوشا، كما أنها تنطوي على مخاطر قد تؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى بنسبة كبيرة. لكن أولمرت وحالوتس وبعض الجنرالات في رئاسة الأركان أصروا على المضي في العملية. خاطب حالوتس المعارضين للعملية بالقول إن "بنت جبيل هي رمز، فقد ألقى نصر الله خطاب بيت العنكبوت فيها".وحاول نائبه كابلنسكي جاهدا إقناع قائد المنطقة الشمالية بجدوى العملية قائلا: "أودي، اسمع،  صحيح أنه لا يوجد مدلول عسكري تكتيكي لاحتلال بنت جبيل، انما هناك مدلول آخر، هو مدلول الرمز، وهناك رواية لهذه المعركة علينا أن نحكيها غدا للآخرين".أجاب آودي آدم متسائلا: "عن أي رواية تتحدث؟".  لقد كانت عقدة بيت العنكبوت عميقة جدا في الوعي الإسرائيلي.. كتب عامير رابابورت في يديعوت أن "الكل كان متحمسا لمحو الإهانة" التي وجّهها السيد نصر الله لإسرائيل بوصفها "أوهن من بيت العنكبوت".

بدأت الاستعدادات الميدانية لعملية احتلال بنت جبيل وتقرر القتال بمستوى فرقة عسكرية لمواجهة أقلّ من مئة عنصر من حزب الله كانوا يتحصنون داخل البلدة. الخطة العسكرية كانت تقضي بتحرك جنود لواء غولاني من جهة الشرق بينما يتحرك جنود لواء المظليين من جهة الغرب على أن تدعمهما مدرعات اللواء السابع بالنار.الكتيبة 51 من لواء غولاني كانت مهمتها التقدم إلى بنت جبيل من جهة بلدة عيناتا, فتجاوزت الحدود وسارت بهدوء لعدة كيلو مترات، لكنها ما إن وصلت لنقطة مربع التحرير حتى حاصرتها نيران دقيقة من كلّ الاتجاهات وبدأ المقاومون بإطلاق القذائف الصاروخية على المنازل التي لجأ اليها الجنود الإسرائيليون.أدرك جنود غولاني انه تم استدراجهم، ولم يستطع سلاح الجو ان يقدّم المساعدة لهم،  فالمسافة التي تفصلهم عن المقاومين كانت قصيرة, واستمر اطلاق النار فيما كان بعض رجال حزب الله يتقدمون باتجاه القوات المحاصرة ، وبدأوا بإلقاء القنابل اليدوية.وفجأة نادى عامل اللاسلكي: "الميجر روعي كلاين قتل".كلاين نائب قائد الكتيبة.لم تمض دقائق عدة حتى أبلغ عن إصابة مسؤول السرية الأولى إصابة بليغة. أدرك قائد لواء غولاني المتمركز بعيدا عن قواته، في مقر القيادة في المالكية قرب مستوطنة "افيفيم"، بأن الوضع ينهار. فطلب من غرفة سلاح الجو اطلاق الصواريخ من طائرات استطلاع كانت تصور المواجهة لكنها لم تكن قادرة على تمييز القوات على الأرض مباشرة.استمرت الاشتباكات حوالى اربع ساعات وارتفعت حصيلة قتلى لواء غولاني إلى ثمانية كما أصيب عدد كبير من الجنود، كانت إصابة البعض حرجة.أمام هذا الوضع المعقّد بادر سلاح الجو إلى تقليص حقل الامان وشن عدة غارات على مقربة من الجنود المحاصرين, كما استدعى عددا إضافيا من الطائرات غير المأهولة وطلب من القوات المحاصرة تحديد مواقعها بوسائل مضيئة مرئية للطائرات لتتمكن من توجيه صواريخها باتجاه المقاومين.بعدها بدأت عملية الإنقاذ التي احتاجت لست طائرات مروحية من طراز "بلاك هوك" من أجل إجلاء الجرحى الذين كانوا بالعشرات حيث نقلوا على الفور إلى مستشفى "رمبام" بحيفا.                         فشل الجيش الإسرائيلي في استرداد هيبته مرة اخرى في بنت جبيل.