الحرة حدث/ص.أ..
وصف السفير العراقي السابق في أمريكا لقمان الفيلي، المواجهة الدائرة في بلاده مع تنظيم "داعش" الارهابي بـ"الوجودية"، معتبرا أن استقالته مؤخرا من منصبه جاءت بسبب ما يعتبره خللا في العلاقات بين البلدين سمح بوصول الصراع مع "داعش" إلى ما هو عليه حاليا.
ورأى الفيلي في مقابلة مع شبكة (CNN) الاميركية تابعتها "الحرة حدث"، أن تاريخ العراق أكبر بكثير من الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة والكرد.
وفيما يلي نص المقابلة الكاملة التي أجراها الفيلي مع شبكة CNN:
- تحدثت سابقا عن ضعف تواصل بين أمريكا والحكومة العراقية منذ بدء الحرب على داعش وأن التحذيرات حول هذا الأمر تعرضت للتجاهل فلماذا حصل ذلك برأيك؟
لقمان فيلي: الأمر يعود إلى ما أصفه بـ"الانغلاق الذهني" تجاه كل ما هو متلق بالعراق، وهذا أمر مستمر منذ عام 2008 وقد ترسخ أكثر بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق عام 2011. بالنسبة لنا فإن الصراع ضد داعش حرب وجودية وكنا نتمنى أن تتفهم أمريكا وتقدّر تداعيات ذلك على الوضع الجيوسياسي في المنطقة.
- لماذا تظن أن ذلك لم يحصل؟ هل تعتقد أن الأمر متعلق بوجود نوري المالكي في رئاسة الوزراء آنذاك؟
لقمان الفيلي: بعض الأسباب كانت مرتبطة بالوضع الداخلي للمشروع العراقي، وبعضها الآخر كان مرتبطا بما حصل بعد عام 2008 ووصول الرئيس باراك أوباما إلى الحكم إلى جانب أن العراقيين كانوا منشغلين للغاية بالسياسات الداخلية بحيث لم يُتح لنا التركيز على بناء جبهة موحدة. كما علينا ألا ننسى أن داعش كان قادرا على التلاعب بالسياسة في المنطقة، بما في ذلك العمل على التأكد من عدم معاداة بعض اللاعبين في المنطقة لهم علنا.
- كيف برأيك سيكون الوضع على الأرض اليوم لو أن واشنطن أخذت الحرب على داعش على محمل الجد منذ البداية؟
لقمان الفيلي: أنا متأكد من أن الوضع كان ليتغير، على سبيل المثال، عندما طلبنا من الأمريكيين استهداف المخيمات الثابتة والعمليات الأخرى التابعة لداعش في العراق كان لدى أمريكا آنذاك أكبر وأقوى القدرات للتدخل، ولو حصل ذلك لما فكّر تنظيم داعش بنقل مجموعاته إلى داخل البلدات والمدن ناهيك عن السيطرة على ثلث العراق برمته.
- هل تعتقد إذا أننا لم نكن لنواجه مشكلة تنظيم داعش الحالية لو أن الحكومة الأمريكية تحركت بحسم أكبر؟
لقمان الفيلي: بالتأكيد لم تكن المشكلة بالحجم الذي نراه الآن والذي شاهدنا معه تدمير تراثنا وأقلياتنا وتشريد السكان. كنا لنواجه مشكلة تتمثل في الإرهاب وهي مشكلة بعضها نشأ في الداخل وبعضها ورد من الإقليم. لقد كنا نواجه على الدوام مشاكل مع جيراننا والعلاقات معهم ودعمهم الإرهاب من جانبهم والسماح للإرهابيين بدخول حدودنا. هذا أمر موجود ويجب ألا نخجل من الإقرار به، غير أن الهجوم الذي شنه داعش كان كبيرا جدا ولم نكن نمتلك أدوات المواجهة، دعنا لا ننسى أنه عندما كانت القوات الأمريكية تنسحب لم تكن القوات العراقية في عام 2011 تمتلك طائرة مقاتلة واحدة.
- أنت الآن غير مقيّد بقيود الدبلوماسية، دعنا أعرف رأيك بالوضع الميداني الخاص بالموصل، البعض يرى أن معركتها لن تنطلق قبل العام المقبل، ربما شباط أو آذار أو حتى بعد ذلك، بينما يتوقع البعض المعركة في الرقة والموصل الخريف المقبل، ما رأيك بهذه المواعيد والجداول الزمنية؟
لقمان الفيلي: إذا عدنا بالذاكرة إلى الفترة الماضية نرى أن بعض المسؤولين الأمريكيين كانوا يرون أن العراقيين ليس لديهم إرادة القتال ولكننا رفضنا وأظهرنا للجميع أن لدينا إرادة القتال وأننا نخوضه وندفع أثمانا باهظة كما أن الرئيس أوباما يدعم الأمر شخصيا وكل المؤشرات تدل على أن داعش سيهزم وأن تحرير الموصل سيكون إشارة واضحة إلى أننا على المسار الصحيح.
- اتساءل ما إذا كنت تعتقد أن لدى العراق اليوم القيادات المناسبة التي تمتلك رؤية للمستقبل ويمكنها أن تساعد على بناء أمة؟
لقمان الفيلي: نحن نفتقد للكثير من الانخراط الأمريكي ولذلك – للأسف- لدينا الجيل الخطأ من القيادات السياسية في العراق، أنا لا أنفى وجود شخصيات جيدة، ولكننا نحتاج إلى طبقة سياسية أكبر وأعمق يمكنها التفكير بمستقبل الأجيال وليس فقط القضايا السياسية الراهنة.
- كيف تنظر إلى العراق عند هذه المرحلة، هل يمكن للبلاد أن تخسر الحواجز الطائفة الموجودة وهل يمكن أن يبقى العراق ضمن حدوده الحالية وتحت سلطة حكومة مركزية واحدة؟
لقمان الفيلي: المعادلة المتعلقة بالكرد والسنة والشيعة معادلة خاطئة، أنا كردي وشيعي في الوقت نفسه فما هو موقعي في المعادلة؟ أظن أن علينا البحث عن نقاط الالتقاء فنحن أمة واحدة وعريقة والأمر لم يكن عبر التاريخ يقتصر على أننا سنة وشيعة والكرد.
كان هناك
الكثير من الظلم خلال فترة صدام حسين وبعض الناس اعتقد ان العدالة تتحقق هكذا وعلينا ألا ننسى أن الأمريكيين لم يكن لديهم أي خبرة في العراق قبل الآن، ولذلك علينا ألا نعتمد على نماذج استوردناها من أماكن أخرى وعلينا خلق نموذجنا الخاص القائم على العقود الاجتماعية الخاصة بين شرائح مجتمعنا