النصيري يقترح خارطة الطريق للإصلاح الاقتصادي والمالي الجوهري والشامل

آخر تحديث 2016-08-11 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

خاص – NEN عراق

 
قال الخبير الاقتصادي سميرالنصيري ” منذ عام 2003 ولغاية الوقت الحاضر عانى الاقتصاد العراقي معاناة كبيرة من فقدان التخطيط الاقتصادي وضعف الاستراتيجيات وتشتت السياسات والفوضى والتخبط في ادارة شؤون الاقتصاد وقطاعاته المختلفة مما ادى الى ضعف مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي وتم التركيز على النفط باعتباره المورد الرئيسي للموارد الاقتصادية حيث شكل بحدود (56%-60%) من الناتج المحلي الاجمالي و 93% من مجموع ايرادات الموازنة.
لذلك كان الاقتصاد العراقي يسير برجل واحدة والاخرى عرجاء ومما ساهم في تفاقم مشاكله هو سوء ادارة المال العام والفساد الاداري والمالي وتهميش وابعاد الكوادر الاقتصادية الوطنية (التكنوقراط )عن ادارة المؤسسات الاقتصادية الفاعلة يضاف الى ذلك الظروف الاقتصادية الخارجية منها عدم الاستقرار في اسعار النفط وارتفاعها وتراجعها وعدم تمكن الحكومات السابقة من تاسيس صندوق سيادي (احتياطي الحكومة) عندما ترتفع اسعار النفط كباقي دول المنطة المنتجة للنفط.
ومما اربك العملية الاقتصادية في العراق وزاد من تعقيداتها هو عدم وجود سياسة مالية ونقدية واضحة ومحددة الاهداف والاستراتيجيات, الامر الذي ادى الى عدم السيطرة على معدلات ثابتة ومتوازنة لسعر صرف الدينار العراقي مقابل العملات الاجنبية اضافة الى ان بعض تطبيقات السياسة النقدية كمزاد بيع العملة اليومي بالرغم انه ساهم في المحافظه على توازن سعر الصرف عند اختلاله لكنه يحتاج الى اعادة نظر الاليات والاسلوب وايجاد البدائل التي تضمن عدم استخدامه كوسيله من قبل ضعاف النفوس والمضاربين
هذه الاسباب جميعها يضاف اليها عدم الاستقرار الامني والحرب على الارهاب وسرقة المال العام وعدم محاسبة المفسدين وعجز الجهات المختصة عن استرجاع الاموال المهربة المسروقة مما اوصل البلد الى الازمة الاقتصادية والمالية الحالية والتي يعاني منها الاقتصاد ,بحيث يمر الاقتصاد حالياً بمرحلة ما قبل الكساد والانهيار الاقتصادي.
كل ذلك يؤشر بشكل محدد منذ 13 سنة ليس لدينا منهج اقتصادي واضح هل اقتصادنا اشتراكي ام راسمالي هل ما ورد بالمادة 25 من الدستور والتي تدعو الى اقتصاد السوق ودعم القطاع الخاص معمول بها ام لا هل الاستراتيجيات البالغة 16 استراتيجية قطاعية في الزراعة والصناعة والخدمات والتعليم والطاقة مطبقة ام مركونة على الرفوف اذن نحن بحاجة الى تخطيط واسس جديدة لبناء الاقتصاد الوطني تعتمد التحليل العلمي والتشخيص الدقيق والمهني والمحترف لادارة الاقتصاد . وبالنظر لدعوة السيد رئيس مجلس الوزراء الى تشكيل حكومة خبراء(تكنوقراط) من الخبراء والمختصين والمهنيين الوطنيين وهي فعلا احد مطاليب الشعب العراقي فإنني أعتقد انه لو تم تشكيل هذه الحكومة فعلا فان من أولى واجباتها هو رسم منهج اقتصادي وطني جديد لتجاوز أزمتنا الاقتصادية والمالية وتحقيق الرفاهية الحقيقية للمجتمع وفقا للسياسات المقترحة التالية :-
اولا: مراجعة وتقييم واعادة بناء النظام الهيكلي والمؤسساتي للاقتصاد
وفق لما ياتي:-
أ‌.تأسيس (المجلس الاقتصادي) يرتبط بمجلس الوزراء بمشاركة واسعة من خبراء الحكومة وخبراء القطاع الخاص المحترفين والمختصين والتكنوقراط يتولى التخطيط الاستراتيجي للاقتصاد وتحديد السياسات التنفيذية ومتابعة ومراقبة التنفيذ ويصدر ذلك بقانون تلتزم به الوزارات وجميع مؤسسات وقطاعات الدولة وتكون قراراته ملزمة التنفيذ بعد مصادقة مجلس الوزراء .
ب‌.يقوم المجلس الاقتصادي باعادة دراسة الايرادات والنفقات والعجزفي موازنة 2016 بعد الاخذ بنظر الاعتبار المستجدات في اسعار النفط العالمية والمتغيرات في الاقتصاد العالمي والظروف الموضوعية والذاتية المحيطة بالعراق واجراء التعديلات اللازمة على الموازنة وجعلها منطقية وواقعية التطبيق واصدار ملحق لها خلال شهر واحد من تشكيل الحكومة الجديدة
ت‌.يقوم المجلس الاقتصادي بمراجعة وتقييم انشطة المؤسسات الاقتصادية بدأ بالبنك المركزي العراقي والوزارات الاقتصادية والدوائر العائدة لها في ضوء الخطط الاستراتيجية والاقتصادية الجديدة واجراء التغيرات اللازمة في الكوادر القيادية لهذه المؤسسات وتعزيز كوادرها الحالية بالاعتماد على التخصيص العلمي والكفاءة العلمية والسيرة الذاتية السابقة والنزاهة والوطنية والاستقلالية وعدم اعتماد مبدء المحاصصة او ما يسمى بالتوازن او التوافق ويعمل بذلك بعد مرور شهرين بعد مصادقة مجلس الوزراء على من هم بوظيفة وكيل وزارة ومستشار ومدير عام ومجلس النواب من هم بدرجة أعلى (الهيئات المستقلة).
ث‌.تأسيس (الصندوق الوطني للادخار) ويرتبط بوزارة المالية وتكون وارداته جميع الواردات غير النفطية وغير المدرجة في الموازنة وتسجيل جميع الواردات الاضافية بسبب تحسن اسعار النفط او الاعانات والمساعدات الدولية او مساعدات الامم المتحدة او ما يرد الى الصندوق من الاجراءات التقشفية وتقليص الانفاق الحكومي بكافة اشكاله.
ج‌.(تأسيس الهيئة العليا للاستيراد والاستثمار) وترتبط بمجلس الوزراء وتشكل من الكوادر والخبراء التكنوقراط في شؤون الاستيراد وعقود الاستثمار بالاختصاصات المختلفة وتتولى الهيئة اعداد المنهاج الاستيرادي لوزارات الدولة والقطاع الخاص في ضوء التخصيصات المرصدة والحاجة الفعلية لتشجيع الصناعة الوطنية وتشجيع اصحاب رؤوس الاموال الوطنية على القيام بالمشاريع الاستثمارية في العراق على ان تسحب جميع صلاحيات السادة الوزراء الخاصة بالأستيراد وتوقيع العقود وتمنح لهذه الهيئة .
ح‌.ايقاف استيراد جميع المواد والبضائع الاستهلاكية والترفيهية هذه السنة والاكتفاء بالموجود منها في الاسواق في داخل البلد .
خ‌.الترويج وتشجيع البضاعة الوطنية وضبط عملية الاستيرادات للسلع المشابه وتطبق ضوابط السيطرة النوعية وفق المواصفة العراقية والتعرفة الكمركية وتأييد شهادة المنشأ .
د‌.أعادة النظر بالسياسة الضريبية والرسوم الكمركية بشكل شامل وفق ما ينسجم مع المنهج الاقتصادي الجديد .
ذ‌.(تأسيس مجلس الاعمار الوطني) من الخبراء والتكنوقراط والمختصين ويتولى عملية الاعمار للمدن المتضررة بسبب الحرب مع عصابات داعش والبنى التحتية والارتكازية في بغداد والمحافظات وفق خطة مركزية للاعمار يصادق عليها مجلس الوزراء ويصدر بقانون يوافق عليه مجلس النواب وبذلك تسحب جميع الصلاحيات التعاقدية لمشاريع الاعمار من مجالس المحافظات وتحصر التخصيصات حصرا ً بالمجلس أعلاه .
ر‌.تأسيس (مجلس الخدمة العامة ) يتولى بالتنسيق مع وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتعيين الخريجين من طلبة الجامعات العراقية في الوظائف العامة مركزيا ًوتوزيعهم حسب حاجة الوزارات ودوائر ومؤسسات الحكومة وفقا ً لما تقرر من درجات شاغرة في الموازنة العامة للدولة .
ثانيا ً: – إعادة مراجعة وتقييم تطبيقات السياستين المالية والنقدية

بالرغم من مبادرة البنك المركزي العراقي لاعداد واطلاق استتراجيته للسنوات 2016-2020 والتي تضمنت اهداف رئيسيه وفرعيه لتحقيق الاستقرار المالي وتطوير النظام المصرفي وفقآ لاليات ونقاط عمل جديدة لكن ذالك لايمنع من قيام البنك المركزي كأولويات كما يأتي :

1-قيام البنك المركزي ووزارة المالية بتحليل الموقف المالي للمصارف الحالي والمتوقع لعام 2016 وتحديد الحاجة الفعلية للسيولة لادامة التداول النقدي في السوق العراقية وتنشيط الدورة الاقتصادية في كافة المجالات ووضع خطة استباقية تحول دون افلاس وانهيار بعض المصارف وادامة عجلة العمل المصرفي في ظل الظروف الراهنة واستخدام اليات وادوات جديدة لتطبيقات السياسة النقدية .
2-ان هيكلية التمويل المصرفي الراهن تعتريه كثير من الاخفاقات والمعوقات وبغية زيادة الائتمان والتمويل الاجمالي من المصارف وتفعيل مساهمتها في اوجه الاستثمار المختلفة والاعمار ودفع مسيرة التنمية وتحريك الدورة الاقتصادية في العراق نرى كخطوة اساسية جادة هو تفعيل تعظيم تمويل المشاريع الخاصة الصغيرة والمتوسطة كهدف اجتماعي واقتصادي ذو اولويه خاصة ومستعجله وان يكون للبنك المركزي العراقي دوراً اشرافياً ورقابياً فعالاً في ذلك على ان يتولى تطوير مبادراته وتفعيلها وتوسيعها ومضاعفة تخصيصاتها الى 10 تريليون دينار.

3-تعديل التشريعات المصرفية في العراق والتي تنظم العمل المصرفي من اجل النهوض بالواقع المصرفي وبشكل خاص قانون البنك المركزي رقم ( 56 ) لسنة 2004 وقانون المصارف رقم ( 94 ) لسنة 2004 وقانون تسجيل الشركات رقم 21 لسنة 1997وقانون سوق العراق للاوراق المالية رقم 74 لسنة 2004 وتفعيل قانون غسل الاموال وقانون الاستثمار الجديدين .

4-اصدار قانون الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والصغرى للمساعدة وخلق فرص عمل جديدة ولتقليل الفقر والعوز والمساهمة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقليل من نسبة البطالة العالية التي تجاوزت 28% واصدار قانون ضمان الودائع وقانون ضمان الائتمانات والقروض وتأسيس الشركات المهنية بذلك .

5-تفعيل دور البنوك الحكومية والمصارف المتخصصة والمصارف الاهلية لتوفير القروض الميسره للقطاع الخاص الوطني وكذلك ايجاد حلول لمشاكل الضرائب والفوائد المتراكمة التي ترتبت على اصحاب المشاريع المتوقفة عن الانتاج .
6-وضع سياسة مالية قصيرة ومتوسطة الامد تعتمد الرقابة الاستباقية والمراجعة والتقييم على أن يتم التنسيق المستمر بين السياستين المالية والنقدية ووضع اليات تنفيذية في هذا المجال .

7-اعادة النظر بالتعليمات واللوائح التنفيذية والارشادية الخاصة بتطبيقات السياسة النقدية ووضع نظام رقابي استباقي دقيق لمتابعة التنفيذ وبشكل خاص ما يخص التحويل الخارجي ومزادات العملة التي يشرف عليها البنك المركزي العراقي ووضع اليات جديدة فيما يتعلق بالتحويل الخارجي والاعتمادات المستندية ودراسة امكانية مغادرة مزادات العملة الاجنبية وايجاد بديل عنها للسيطرة على سعر صرف الدينار العراقي مقابل العملات الاجنبية .

8-تأمين المتطلبات القانونية والفنية لاجراء توأمة واسعة النطاق بين المصارف الحكومية والمصارف الخاصة من جهة وبين المصارف العالمية من جهة اخرى بهدف تطوير نظام المدفوعات المصرفي وتحديثه وتنظيم عمليات التداول المالي والنقدي فيها وفق احدث النظم المصرفية الالكترونية الحديثة المطبقه في دول العالم .

9-مراجعة وتقييم واعادة تصنيف المصارف وفق معايير كفاءة الاداء والنشاط باعتماد المعايير الدولية المعتمدة على ان نقوم بعملية المراجعة والتقييم مؤسسات محاسبية حيادية دولية معتمدة وتحت اشراف البنك المركزي العراقي .

10-قيام البنك المركزي باعداد دراسة تحليلية لمراجعة واقع المصارف في ضوء نتائج اعمالها لعام 2015 واتخاذ القرارات الحاسمة بهيكلتها و بدمج المصارف الصغيرة الحجم وضعيفة النشاط مع المصارف الكبيرة والرصينة بهدف تطوير وتنمية القطاع المصرفي الخاص .
على ان يكون الاندماج المصرفي محدد باسس ووسائل لمعالجة المشاكل ومعوقات العمل لدى القطاع المصرفي والانتقال به من دور الصيرفة الى الدور التنموي .

شارك هذا الموضوع: