السفير الياباني لدى بغداد يوجه رسالة للشعب العراقي للنهوض بالواقع نحو الأفضل

آخر تحديث 2016-08-16 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

التاريخ:

1 مشاهدة

خاص – NEN عراق

صديقي العزيز،

في مثل هذا اليوم قبل واحد وسبعين عاما، القى جلالة الامبراطور هيروهيتو خطابا امبراطوريا الى الشعب الياباني بواسطة الراديو حول الاستسلام، وبالنسبة لغالبية الشعب الياباني، كان الخطاب الفرصة الاولى لسماع صوت الامبراطور الذي اعلن بنفسه للشعب الياباني الاستسلام للقوات المتحالفة، مؤكدا عزمه على تمهيد الطريق لسلام رفيع وكبير يشمل جميع الاجيال من خلال تحمل ما لا يمكن تحمله واطاقة ما لا يطاق، كما صرح الامبراطور ايضا ان كامل الامة يجب ان تستمر بالعمل كعائلة واحدة وينبغي ان تبقى موحدة فضلا عن تكريس مجمل قوتها لبناء المستقبل.

منذ مجيئي الى بغداد في تشرين الاول الماضي كسفير لليابان، سمعت مرارا وتكرارا من بعض الاصدقاء العراقيين، ان العراق يريد ان يتعلم من تجربة اليابان في إعادة البناء، وتلقيتُ بعض الأسئلة التي كانت تدور حول حدث هام هو – كيف تمكنت اليابان من صنع المعجزة في اعادة بناء نفسها بعد الحرب؟ على الرغم من ان هذه النقاط تبدو سهلة في ظاهرها، فإنه من الصعب اعطاء جواب محدد ودقيق نظرا للظروف المختلفة جدا التي مر بها العراق واليابان خلال فترة ما بعد الحرب لكل منهما. ما زلت اتساءل ما هي النقطة التي ابتعدت بها عملية إعادة الإعمار في العراق عن تلك التي في اليابان.

كتب رئيس الوزراء الأسبق شيگيرو يوشيدا في مذكراته بشأن ما اخبره به الجنرال رئيس الوزراء كانتارو سوزوكي في فترة الاستسلام العام 1945 على هامش تنصيب يوشيدا كوزير للخارجية بعد نهاية الحرب بشهر واحد. قال الجنرال سوزوكي ليوشيدا :”الانتصار في الحرب افضل من خسارتها، لكن الشيء المهم ان تكون خاسرا جيدا.” في اعتقادي ما كان يقصده الجنرال سوزوكي هو أن الاحتلال من قبل العدو كان نتيجة حتمية للاستسلام، ولكن الاحتلال لا يمكن بكل حال من الاحوال ان يستمر الى الابد. اذا ما كانت الحالة هي كذلك، فلمَ لا نتحمل ما لا يُتحمل و نُعدّ انفسنا لليوم الذي سنستعيد فيه سيادتنا واستقلالنا. انا أظن ان هذه الطريقة في التفكير يجب ان تكون الأساس والتي انطلقت منها اليابان في تحقيق التقدم وإعادة بناء نفسها بعد الاستسلام.

بطبيعة الحال ان سياسات الدول المتحالفة المنتصرة لم تكن متعاطفة مع اليابان في بداية الأمر، لأن جوهر تلك السياسات كان لأجل ثني اليابان عن استعادة قوتها كعدو لدود عسكريا واقتصاديا قادر على التفوق على القوات المتحالفة. لذلك لم تتوقف سياساتهم المنهجية عند تدمير الجيش الامبراطوري والقوات البحرية فقط ، بل امتدت لمصادرة كل الممتلكات والمعدات الاقتصادية المتبقية بعد الحملات الجوية المتكررة في قصف المدن اليابانية كتعويضات، بالإضافة الى تسريح الملايين من الجنود اليابانيين الذين كانوا يقاتلون عبر البحار، حيث تم تسريحهم بعد الحرب ليعودوا الى اليابان ولم يجدوا ابسط ضروريات الحياة البشرية في اليابان.

الأجيال التي تمثل آباءنا وأجدادنا عاشت في بعض الأحيان حياة قاسية ومهينة بعد الحرب، مع ايمانهم الذي لا يتزعزع في ان الاحتلال لا بد من ان ينتهي عاجلا ام اجلا، وان قادة اليابان خلال فترة ما بعد الحرب اختاروا عدم مقاومة سلطات الاحتلال، بل انخرطوا في العمل الجاد والمضني مع سلطات الاحتلال في سبيل وضع اليابان على الطريق السليم لإعادة البناء والاعمار بأقرب وقت ممكن.

كيف تمكن قادة اليابان من التعامل مع تلك الاوضاع الصعبة جدا؟ اعتقد ان عزمهم كان مطلقا دون ادنى شك لإعادة ازدهار اليابان، العزم والايمان كانا مشتركا رصينا بين طيف واسع من الشعب الياباني، وكما جاء في الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) هذا ما صرح به القران الكريم ذاته. ارغب في رؤية جهودكم انتم ايها الأصدقاء وليس بواسطة الآخرين والاعتماد عليهم، في بناء مستقبل افضل لبلدكم العراق بحكمتكم أنتم. وإن اليابان على استعداد دائم لدعم جهودكم الحثيثة من أجل بناء الامة العراقية.

فوميو إيواي
سفيراليابان في العراق

نقلاً عن موقع السفارة اليابانية على الانترنت 

http://www.iraq.emb-japan.go.jp/Arabic/Amb_room_a.html

شارك هذا الموضوع: