البطالة تسرق الأمان وتجعل العالم أكثر خطرا

آخر تحديث 2016-08-16 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

خاص – NEN عراق

الكاتب – كمال عبيد

 تنحدر اغلب الآفات الاجتماعية من ثلاث معضلات رئيسة هي:

 الارهاب، الفساد ،احتكار الاقتصاد، وبالتالي ينتج عنها الكثير من الآفات الأخرى أبرزها الفقر والبطالة فتصبح أكبر العقبات أمام تطور وبناء أي مجتمع من المجتمعات العالمية، ولعل البطالة تبرز بشكل اكبر كونها آفة اجتماعية غاية في الخطورة فتسبب كارثة اجتماعية تهدد أهم شريحة لبناء المجتمع وهي الشباب، حيث يقدر عدد العاطلين بحوالي خمسة وسبعين مليون شخص حول العالم، بحسب منظمة العمل الدولية، مما يعطي مؤشرا خطيرا قد يأكل الأخضر واليابس في مجالات التطور الإنساني مستقبلا، حيث تقف عدة اسباب وراء تنامي البطالة عالميا سواء كانت في البلدان المتقدمة او النامية، أهمها هيمنة السياسات الإستراتيجية الاقتصادية الاحتكارية، وفقدان السبل النافعة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة، خاصةً في منطقة اليورو والتي تمتد اضرارها عالميا، حيث شهدت أوروبا ارتفاعا تاريخيا لمعدلات البطالة في الآونة الأخيرة، بينما يشكل الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية في البلدان النامية ابزر المحفزات لانتشار البطالة، ولاسيما في بلدان الربيع العربي، فعلى الرغم من تفجر الثورات ضد الفساد والبطالة في تلك البلدان، الا ان نسبة بطالة الشباب تعد أعلى نسبة في العالم، حيث أن معدلات البطالة في العالم العربي تتراوح ما بين 19 و20 مليون عاطل، وعلى الرغم من الجهود الكثيفة للحد من هذه الظاهرة، الا انها تعطي حلولا خاوية او شبه مسكنات لا تقدم حلولا جذرية واكثر فعالية.

حذرت منظمة العمل الدولية، عبر وثيقة لها وزعها مكتبها الاقليمي في بيروت، من ان معدلات البطالة ستتفاقم لدى الشباب على الصعيد العالمي، فيما تنتشر تداعيات أزمة اليورو من البلدان المتقدمة إلى البلدان الناشئة، وقال واضع الوثيقة، إيخاهرد أرنست، وهو أيضاً رئيس وحدة اتجاهات الاستخدام لدى منظمة العمل الدولية، إنه “بعكس ما هو متوقع، فإن البلدان المتقدمة وحدها تتوقع انخفاض معدلات بطالة الشباب في السنوات القادمة، لكن هذا الاتجاه يلي أهم ارتفاع في معدل بطالة الشباب بين كل المناطق منذ بدء الأزمة”، وتظهر التنبؤات الجديدة ان انخفاض معدل بطالة الشباب بشكل تدريجي في البلدان المتقدمة بلغ 17.5% هذا العام، مقابل 15.6% في العام 2017. وهذا الرقم ما زال يفوق المعدل 12.5% الذي سجل في العام 2007 أي قبل بدء الأزمة، وقالت الوثيقة إن جزءاً كبيراً من انخفاض معدل البطالة ليس ناجماً عن التحسن في سوق العمل، إنما عن خروج أعداد كبيرة من الشباب من القوى العاملة تماماً “بسبب الإحباط” ولا يعد هؤلاء الشباب من بين العاطلين عن العمل. بحسب يونايتد برس.

واشارت الى انه من غير المتوقع أن يكون الانخفاض المرتقب في معدل البطالة في البلدان المتقدمة “كافياً لسحب المعدلات العالمية نحو الأسفل”، وأضافت أن معدل بطالة الشباب سيبلغ 12.9% بحلول العام 2017 مما يشكل ارتفاعاً بنسبة 0.2% لتوقعات العام 2012، وتوقعت الوثيقة أن تتعدى آثار أزمة اليورو أوروبا فتلقي بظلالها على شرقي آسيا وأميركا اللاتينية فيما تتداعى الصادرات المتجهة إلى البلدان المتقدمة، كما توقعت أن تبقى معدلات بطالة الشباب في شمال أفريقيا والشرق الأوسط أعلى من 25% على مدى السنوات القادمة وهي مرشحة إلى مزيد من الارتفاع في بعض أجزاء من هذه المناطق، وتوقعت أيضاً أن تزيد معدلات بطالة الشباب فتنتقل من 9.5% في هذا العام إلى 10.4% في 2017 في شرقي آسيا مع تغير طفيف مرتقب في أميركا اللاتينية والكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء، وقالت المنظمة في وثيقتها انها اعتمدت خلال مؤتمرها السنوي في حزيران/يونيو الماضي، قراراً يدعو إلى “عمل فوري وهادف ومتجدد من أجل معالجة أزمة استخدام الشباب”، ودعت الى “تعزيز النمو المؤدي إلى الوظائف واستحداث وظائف لائقة من خلال سياسات الاقتصاد الكلي والقابلية للتوظيف وسياسات سوق العمل وريادة أعمال الشباب والحقوق بهدف معالجة تداعيات الأزمة الاجتماعية وضمان الاستدامة المالية والضريبية في الوقت ذاته”، كما دعت المنظمة الى “تعزيز سياسات الاقتصاد الكلي والحوافز الضريبية التي تدعم العمالة وتقوي الطلب الإجمالي وتحسن النفاذ إلى التمويل وتزيد من الاستثمار الإنتاجي مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف الأوضاع الاقتصادية في البلدان”.

بلغت نسبة البطالة في منطقة اليورو 11,4 بالمئة من السكان في سن العمل في اب/اغسطس كما في الشهر السابق بعدما تم رفع ارقامه، على ما اعلن مكتب الاحصاءات الاوروبي يوروستات، وهو مستوى قياسي للبطالة في منطقة اليورو حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالى 18,199 مليون شخص في اب/اغسطس، ويخفي هذا الرقم ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الاخيرة في عدد العاطلين عن العمل بعدما كان عدد طالبي العمل 18,002 مليونا بحسب التقديرات الاولى التي اجراها يوروستات لشهر تموز/يوليو، وهو الشهر السادس عشر على التوالي الذي تبلغ فيه البطالة او تتخطى عتبة 10 بالمئة في منطقة اليورو. وزاد عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو بمقدار 2,14 مليون شخص خلال عام، وبلغت نسبة البطالة في مجمل الاتحاد الاوروبي 10,5 بالمئة في اب/اغسطس وفي تموز/يوليو الشهر الذي تمت فيه مراجعة الارقام لرفعها، وهو مستوى قياسي ايضا، ومن بين الدول الاعضاء في منطقة اليورو، سجلت ادنى معدلات البطالة في النمسا (4,5 بالمئة) ولوكسمبورغ (5,2 بالمئة) وهولندا (5,3 بالمئة) والمانيا (5,5 بالمئة). بحسب فرانس برس.

وفي المقابل سجلت اسبانيا اعلى نسبة بطالة في منطقة اليورو (25,1 بالمئة من السكان في سن العمل) فيما وصلت النسبة الى 24,4 بالمئة في اليونان بحسب اخر المعطيات المتوافرة في شهر حزيران/يونيو، وتطاول البطالة في هذين البلدين اكثر من نصف عدد الشباب مسجلة 55,4 بالمئة في اليونان و52,9 بالمئة في اسبانيا في الشريحة العمرية ما دون الخامسة والعشرين، وتفاقمت ازمة البطالة بحدة خلال السنة الماضية في هذين البلدين فارتفعت النسبة من 17,2 بالمئة الى 24,4 بالمئة في اليونان بين حزيران/يونيو 2011 وحزيران/يونيو 2012، ومن 22,0 بالمئة الى 25,1 بالمئة في اسبانيا بين اب/اغسطس 2011 واب/اغسطس 2012، وفي قبرص التي طاولتها ايضا ازمة الديون، ارتفعت نسبة البطالة من 8 بالمئة الى 11,7 بالمئة خلال عام فيما ارتفعت من 12,7 بالمئة الى 15,9 بالمئة في البرتغال خلال الفترة ذاتها.

وتتخطى نسبة البطالة في منطقة اليورو بفارق كبير النسبة في الولايات المتحدة واليابان حيث سجلت 81 بالمئة و4,1 بالمئة على التوالي في اب/اغسطس.

في الوقت ذاته قالت منظمة العمل الدولية إن من المرجح أن ترتفع معدلات البطالة بين الشبان على مستوى العالم مع امتداد أزمة منطقة اليورو إلى الاقتصادات الناشئة وخروج مزيد من الشبان المحبطين بسبب البطالة من القوة العاملة، وقالت المنظمة إن من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة بين من هم دون 25 عاما إلى 12.9 في المئة على مستوى العالم بحلول 2017 بزيادة نسبتها 0.2 نقطة مئوية عن توقعات لهذا العام لكن الشبان في الدول النامية سيكونون الأشد تأثرا، وقالت المنظمة في تقرير “من المتوقع أن يمتد تأثير أزمة اليورو إلى خارج أوروبا ليؤثر على الاقتصادات في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية مع تباطؤ الصادرات إلى الاقتصادات المتقدمة، ومن المرجح أن تنخفض البطالة بين الشبان في الاقتصادات المتقدمة من المستوى القياسي المرتفع البالغ 17.5 في المئة من القوة العاملة المحتملة تحت سن 25 عاما إلى 15.6 في المئة في 2017 لكن بشكل رئيسي نتيجة لمغادرة الكثير من الشباب المحبطين سوق العمل، ومن المتوقع ارتفاع البطالة بين الشبان نقطتين مئويتين في الشرق الأوسط ونحو نقطة مئوية واحدة في شرق وجنوب شرق آسيا على مدى السنوات الخمس القادمة.

وقالت المنظمة إن الأوضاع القاتمة تظهر في انحاء العالم مع امتداد تداعيات التباطؤ الاقتصادي وأزمة اليورو من الاقتصادات المتقدمة إلى القوى الناشئة التي لها تعاملات تجارية كثيفة مع أوروبا.