يعد الأستثمار من اهم الركائز التي يمكن من خلالها تطوير المجتمعات على كافة الصعد التي من اهمها اليوم هي أعادة البنى التحتية لأي بلد كان ، لكن الأستثمار لكي ينجح بحاجة الى تحقيق أمرين ، اولهما : البعد النظري للمستقبل، وثانيهما : عقلية اقتصادية مرنة يمكن من خلالها ان’ اعطت الدينار تكسب الدولار’ وهذا ماتجده متوفرآ ومعمول فيه في معظم الدول الغربية عامة ، والدول الصناعية خاصة ، حيث ان من اهم الدعائم القائمة لديهم هو الاقتصاد .
وان تطور الدول الغربية في مجال الاستثمار وتفوقهم على مناطق الشرق الاوسط عمومآ ، والدول العربية خصوصآ، جاء نتيجة نظرتهم الاقتصادية الهادفة التي من شأنها ان تسهم في رقي المجتمع الغربي ، والدليل على ذلك مرت اوربا بحروب طاحنة قد اكلت الاخضر واليابس ،لكنها سرعان ماتجاوزت هذه المحنة ؛ لأنها ملكت العقل الاقتصادي الاستثماري فقامت لديهم الثورة الصناعية في كافة المجالات وخذت مؤسساتهم بالتطور شيئآ فشيئآ ، اما المجتمعات العربية على الرغم من أنها غنية بالموارد التي هي الركيزة الاولى للاستثمار لكنها جعلت مواردها تستثمر لغيرها ، بمعنى أنها اصبحت منطقة لأكمال الاستثمار الغربي
اما اذا اخذنا العراق كعينة او نموذج على موضوعنا في الاستثمار سوف نجده من اكثر البلدان التي هجرت الاستثمار وحاربته بضراوة ؛ بسبب طيش وعدم دراية من قبل كل الانظمة التي حكمته ؛ لانها أمتلكت عقلية النهب والسلب وحب الذات وليس عقلية الاستثمار حيث كانت السنوات الاخيرة من حقبة النظام السابق صدور قانون الإستثمار العراقي رقم 62 لعام 2002 والذي يهدف إلى تشجيع حركة الاستثمارات العربية التي من شأنها ان تسهم في عملية التنمية الاقتصادية. واذا نظرت الى هذا القانون ستجده لم يراع اهمية الاستثمار بشكل كبير على الرغم من إتاحتة الفرصة لرأس المال العربي للخوظ في أغلب القطاعات الانتاجية بما فيها القطاع المصرفي, مع ذلك بدا التردد وعدم جدية التشريع واضحا فرغم إن المستثمر العربي كان هو المقصود المعلن إلا إن الإمتيازات والحوافز التي حددها له هذا القانون مقارنة بالضمانات قد بقيت محدودة ومتواضعة ولاترقى الى حد الامتيازات و الاغرأت إذا ماقورنت بتلك التي أقرها قانون الإستثمار رقم 13 لعام 2006 , مع التنويه الى إن القانون الأول إبتعد الى ماوراء القطاع السلعي ليشمل قطاع المصارف والبنوك التي تلعب دورا مهما في عملية التنمية وهذا مالم يتضمنه القانون الثاني الذي سمح لشركات التأمين الأجنبية التواجد فقط في العراق دون الاستثمار في قطاع التأمين العراقي . ومن جهة أخرى فقد إلتقى القانونين في إستثناء القطاع النفطي من المجالات الإستثمارية ؛ وذلك لان القطاع النفطي من اهم القطاعات وان استثماره قد يثير مطامع بعض المستثمرين التابعين لبعض الدول الطامعة للاستثمار في هذا الجانب .
ومن ثم ان الحل الوحيد للعراق في ظل هذه الازمة الاقتصادية الحادة التي يمر فيها الأن هو تشجيع الاستثمار بنوعيه الوطني والاجنبي ، وبحجميه الكبير والصغير ، وبطوليه قصير الأمد وطويل الأمد ودعمه من خلال توفير الأمن بكافة الوسائل الممكنة حتى يستطيع ان يؤدي المستثمر عمله بأريحية تامة ، فمن الصور البسيطة للاستثمار وأقلها مقارنة بالدول الغربية هو بناء المصانع وبناء المطارات اي البنية التحتية الكاملة للبلد ، وبعبارة مبسطة أن الاستثمار يجعل البلد مكتفياً ذاتيآ منتعشاً اقتصاديآ مقرضآ غير مقترض ، مصدراً غير مستورد.
وحيث أصبح الاستثمار اليوم بالنسبة للعراق هو كالروح بالنسبة للجسد ولاسيما في ظل مايمر فيه من أزمة اقتصادية ، حيث ان جل مايطلبه المستثمر هو توفير الأمن ؛ لأن هناك الكثير من الدول تتمنى ان تعمل داخل العراق لما فيه من امكانيات وموارد هائلة ، وهذا الامر يقع على الحكومة بالدرجة الاولى التي كان من المفترض دستوريآ ان تكفل العيش الكريم للمواطن وليس ان تكفل له تجريده من جميع حقوقه كمواطن .
لكن مما يجب الأشارة اليه ويجب ان يعيه كل مواطن عراقي ان من يعارض مثل هذه المشاريع هو بعض المسؤولين الفاسدين ؛ لان مثل هذه المشاريع المدرة اقتصاديا ومالياً من قبل دول لها باع طويل في الاستثمار وكذلك النزاهة التي ترافقها من حيث ألية العمل من شأنها ان تمنعهم من سرقة المال العام ؛ لهذا السبب تجد معظم المشاريع معطلة في العراق ولاسيما المحافظات المستقرة امنيآ كالمناطق الجنوبية والوسطى وصولآ الى بغداد ؛ لأنها قامت على مبدأ اعطني اعطيك في حين المستثمر الاجنبي لايعي هذه القاعدة الشاذة ؛ لذلك هجر الكثير من المستثمرين العراق بسبب سياسة ادارية فاشلة، وتغطرس المسؤول وحب مصلحته التي هي من ادنى الغايات وتغليبها على مصلحة المجتمع التي هي من اسما الغايات . لكن هذه المشكلة يمكن حلها من خلال تشريع بسيط ينظم الية الاستثمار اكثر ويوكلها الى اللجنة خاصة بابرام العقود الاستثمارية مستقلة عن كل محافظة تتكون من عدد من الاشخاص الذين عرفوا بالنزاهة تأخذ على عاتقها المصلحة العامة اولآ.
مرتبط