قرار إجازة الموظفين يكشف ترنح الاقتصاد العراقي وهل يصلح العطار ما افسده السياسيون.؟

آخر تحديث 2016-09-25 00:00:00 - المصدر: الجمهورية نيوز

Sun, 25 Sep 2016 19:24:24

#الجمهورية_نيوز

تصاعدت حدة الخلافات في الأوساط الشعبية والسياسية على خلفية قرار مجلس الوزراء بإعطاء إجازات للموظفين لمدة 5 سنوات للراغبين، في محاولة من الحكومة العراقية لتقليص النفقات في ظل أزمة مالية عصفت بالبلد، حيث وصف البعض تلك القرارات بأنها "مستعجلة وترقيعية" فيما اعتبرها آخرون مقدمة لقرارات اخرى، لكنها الآن لجس نبض الشارع العراقي ومدى تقبله لهذه القرارات.

وكشف رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عن مناقشة مجلس الوزراء مشروع قرار يقضي بمنح الموظفين إجازة خمس سنوات براتب اسمي كامل تُحسب لأغراض التقاعد، كما اشار الى أنه اقترح منح الموظفين بصفة عقود مبلغاً مالياً والسماح لهم بإنشاء مشاريع خاصة بهم.

تحذيرات من ارتفاع البطالة

وصف عضو اللجنة المالية في البرلمان النائب هيثم الجبوري القرار بأنه "غير مدروس" مؤكداً "عدم جدوى دراسة مثل هكذا قرارات من الناحية المادية فقط، بل يجب ان تكون هناك دراسة من الناحية الاجتماعية ومدى انعكاسها على وضع البلد".

وأضاف الجبوري في تصريح ،أن" القرار لا يمكن أن يحرك العجلة الاقتصادية للبلد، بل سيدمّر القطاع الخاص ومنهم رجال الأعمال العراقيين، وهم ما بين السجن وما بين هارب من الناس لتأخير مستحقاتهم لأكثر من أربع سنوات" بحسب تعبيره .

لكن التوقعات تشير إلى احتمالية استفادة أعداد كبيرة من هذه الإجازة وبما يحقق هدف تقليل عدد الموظفين والتخلص من نفقاتهم التي تشكل التزاماً على الدولة التي لا يوجد  مجال للتملص منها، لكن السؤال الأهم: ما هو المسوّغ القانوني لمنح الموظف المجاز راتباً إسمياً كاملاً وهو لا يقدم شيئاً للدولة، وقد يعمل هذا الموظف في القطاع الخاص وينافس العاطلين عن العمل وينشئ مشاريع في هذا القطاع وينافس العاطلين على أرزاقهم، وقد يستغل خبراته التي ساهمت الحكومة في تنميتها أو تم ابتعاثه إلى الخارج لاكتسابها بعمل بمفرده ولصالح نفسه فقط.

 ازمة اقتصادية

ويعانـي العراق من ازمـة اقتصاديـة حادة نتيجة الانهيار العالمي لاسعار النفط، ما اضطر الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الاجراءات "التقشفية" لضمان استقرار الاوضاع المالية في البلاد التي تواجه حرباً ضد تنظيم "داعش" والتـي كلفت ميزانية الدولة مبالغ طائلة، فضلاً عن وجود نحو  3 ملايين موظف قد تم تعيينهم منذ عام 2003 وأغلب هذه التعيينات لم تكن وفق خطة مدروسة محكمة أو عن حاجة فعلية للدولة، لكنها جاءت بعشوائية وارتجال ودون تخطيط .

 ومن القانونيين من يقول ان مقترح إجازة الخمس سنوات للموظفين خالٍ من أية مخالفة قانونية، وان الخيار الذي ذهبت اليه الحكومة هو من صلاحيات السلطة التنفيذية وان لم يصدر بموجب تشريع؛ والاجراء مؤقت وليس دائمي، وان مجلس الوزراء يصدر قرارات البعض منها يستند لقانون والاخرى لا تستند، وموضوع اعطاء الاجازات او غيرها هي من صلاحية رئيس مجلس الوزراء .

 اخطاء الحكومة

من جانبه قال الخبير الاقتصادي باسم انطوان  أن" 70 % من الموازنة الفيدرالية موازنة تشغيلية للرواتب وملحقاتها وهو عبء كبير على الموازنة العراقية ".مضيفا "سبب ذلك هم السياسيون والطبقة الحاكمة ،الذين بدأوا في تعيينات هائلة للموظفين من مليون أو أقل منه بقليل عام 2003 إلى نحو 3 ملايين موظف ومليونين ونصف المليون متقاعد، وعلى الحكومة اليوم أن تجري عملية ترشيق لهذا الجهاز وتحسين الإدارة وزيادة الإنتاجية،  لكن هذا لا يجب أن يكون على حساب المواطن بل من خلال خلق فرص عمل في القطاع الخاص لهؤلاء الناس الذين يشغلون تلك الوظائف".

وأضاف انطوان في تصريح لـ جمهورية نيوزأن " تلك الإجازة ليست إجبارية لكنها لم تنظم بقانون، والحكومة عليها أن تقتصد في الموازنة التشغيلية وترشقها وتحويل جزء منها إلى استثمارية لخلق فرص عمل في القطاع الخاص وتفعيل دور القطاع الخاص كالصناعي والزراعي والسياحي بدل تكدس الموظفين في دوائر الدولة ولا تزيد طاقة الانتاج عن 17 دقيقة يوميا".

وعن من يتحمل مسؤولية ما حل بالاقتصاد العراقي قال انطوان: " إن القوى السياسية المشاركة في الحكومة هي من تتحمل المسؤولية كاملة، وللأسف الشديد ارتكبت أخطاء جسيمة جداً بحق الاقتصاد العراقي لا تقل عن أخطاء داعش،  فهناك بطالة بنسبة 35% و 30 % من المواطنين تحت خط الفقر". مضيفا " المطلوب هنا إعادة هيكلة الاقتصاد ، وهذه العملية هي جزء من عملية إصلاح شاملة، وعملية الإصلاح هي سلسلة متواصلة لكن السياسيين الآن بدأوا من نصف السلسلة وهذا يعني قطع السلسلة وهذا العلاج ليس جذرياً بل نحتاج إلى ترتيب الأوراق وتنظيمها من جديد وتشذيب القطاعات الانتاجية لتجد فرص عمل للعاطلين وتستغني عن الاستيرادات التي يمكن تصنيعها في الداخل".

بينما  قال النائب جمال كوجر ان "مقترح الحكومة بإعطاء اجازات طويلة الى الموظفين براتب اسمي كامل سيخدم الموظف والدولة على حد سواء"، مبيناً أن "هذا الإجراء جاء نتيجة الترهل الحاصل في مؤسسات الدولة العراقية".

وقال كوجر في تصريح صحفي : ان "الموظفين المستفيدين من هذا المقترح سيتوجهون الى تنفيذ المشاريع الشخصية التي ستسهم في تنشيط القطاع الخاص والمشاريع التجارية وبالتالي سيؤدي الى خلق فرص عمل في السوق العراقية".

 تباين آراء الموظفين

فيما تباينت آراء الموظفين حيال هذا القرار بين مؤيد ومعارض ومنتظر آلية تنفيذه ليرى جدواه، حيث يرى الموظف في وزارة النقل سلمان السويدي من بغداد أن "القرار إذا كان إجبارياً سيلحق ضرراً بالموظف ويوسع دائرة الفقر ولا يخدم الموظفين الذين يمثلون شريحة واسعة من الشعب العراقي، لكن في بعض الأحيان ربما سيخفف عن بعض الحالات الانسانية خاصة النساء اللواتي يردن تربية أبنائهن أو أخذ استراحة طويلة الأمد".

وأضاف السويدي لـ جمهورية نيوز أن " أغلب الموظفين لا يتقنون أعمالاً أخرى حرفية ومعيشتهم على الوظيفة فلا يمكن أن يكون هذا القرار صائباً إلا في حالة أخذ بنظر الاعتبار مصلحة الموظف وعدم المساس بها".

أما الموظف في وزارة الأعمار عمار الشمري فعبر عن استغرابه من صدور هكذا قرارات واعتبرها "غير مدروسة وخاطئة وغير مخطط لها وتدل على تخبط السياسة الحكومية، وعدم وجود رؤية واضحة في معالجة الخلل الحاصل في المنظومة الاقتصادية".

وأضاف في حديث لـ الجمهورية نيوزأن "هذا القرار سوف يخلق خلل بالمنظومة الادارية والتنظيمية لدوائر الدولة تبعاً للرواتب المتباينة، فمثلاً وزارة النفط تعطي مخصصات كثيرة فلا يمكن لأغلب الموظفين ترك وظائفهم، لذلك سنرى وزارات مليئة بالموظفين وأخرى تكاد تخلو منهم".