نصائح تاريخية للحكومات العراقية

آخر تحديث 2016-10-03 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

الكاتب / عماد ماجد نعمة

مشاكل الانسانية عبر التاريخ هي مكررة فتفكير الانسان واحاسيسه ورغباته واحدة فطرية على الرغم من تنوعها باختلاف شخصية الانسان لكن تبقى في وعاء محدود يضم مختلف الاتجاهات والرغبات, لذلك نرى تكرار الاحداث التاريخية والصراعات الانسانية ضمن اسباب معينة عبر مر الاجيال وبامكاننا من خلال مراجعة ابرز الاحداث على مر العصور حصر التغيرات في مسار الامم بثلاث عناصر رئيسية هي دائما صاحبة التأثير الاكبر في التفكير الانساني وبدوره ينعكس عن تداعيات ايجابية او كارثية في واقع الشعوب على مر التاريخ الا وهي الدين والحكم (الملك والسياسة) والاقتصاد.

هذه المقدمة هي تنبيه ودعوة لاصحاب القرار في الحكومات العراقية للاستفاده من الاحداث التاريخية في اصلاح واقع المجتمع العراقي ووضع اسس صحيحة لاقامة دولة عراقية محترمة وعادلة. فمن خلال القرائة في التاريخ القديم والتاريخ المعاصر نجد عوامل مشتركة لعبت الدور الرئيس في تغيير الاحداث وعمل الانعطافات الكبيرة في حياة الشعوب اهمها ظهور القائد الديني او السياسي او الاقتصادي القوي الذي يأخذ على عاتقه اتخاذ القرارات في مختلف المجالات وفق رؤيته الشخصية ويخضع المجتمع لارادته التنفيذية الصارمة من اجل المصلحة العليا للاوطان رغم قساوة هذه القرارات يدعمها ببناء جهاز تنفيذي صارم وقوي يسانده في تنفيذ رؤيته التغييرية.

لا نريد في هذا المقال المحدود ان نخوض في الامثلة عن الشخصيات والقادة السياسيين والدينيين فهم كثر واغلب القراء يعرفون امثلة كثيرة عنهم تحتاج الى تأليف كتب ومجلدات لكن لنأخذ مثالين متعاكسين لقائدين اتخذو الاقتصاد طريق لاحداث تغييرات جوهرية على مستقبل شعوبهما مع احتفاظهما بصفة القادة الاقوياء ذوي القبضة الحديدية في التنفيذ, الاول هو فلاديمير لينين قائد الثورة البلشفية الذي حول المجتمع الى النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي السابق بافكاره التي انتهجها الحكام السوفيت والتي حاربت الراسمالية والقطاع الخاص وجعلت الانسان عبارة عن الة مجردة من الطموحات وافرغت الانسان من انسانيته وتفكيره العاطفي وطموحه الانساني.

والمثال المعاكس الاخر هو فرانكلين روزفلت الرئيس الامريكي الذي احدث انعطافة رئيسية في واقع المستقبل الامريكي باتجاهه الى القطاع الخاص وترك الليبرالية والمفاصل الاشتراكية التي اثقلت الاقتصاد الامريكي مطلع القرن الماضي وعرضته الى الازمة الاقتصادية الخانقة الاولى عام 1932.

ان تحول الاقتصاد الامريكي الى الخصخصة والاعتماد على القطاع الخاص نقل المستقبل الامريكي الى ما هو عليه اليوم من توازن في واجبات المواطن وحقوقه والتي جعلته اقوى اقتصاد على الكرة الارضية عكس الاشتراكية التي انهارت بعد ان تصادمت مع رفاهية الانسان وفطرته وطموحه. ان الحكومة العراقية مدعوة الى الاستفادة من الامثلة التاريخية وتكرار المناسب منها لعمل اصلاح اقتصادي ينقل واقع المجتمع الى الافضل بين الاشتراكية الثقيلة والرأسمالية المفتوحة المحوره لتلائم المجتمع العراقي اما بقاء الحكومة حائرة في الوسط فهو ما سبب الانهيار الاقتصادي الذي نراه اليوم مع التذكير ان اي من الطريقين يحتاج الى جرأة القرار وقوة التنفيذ.

ان التناقضات بين الافكار وبين التنفيذ ادخلت الحكومة العراقية في نفق فقدان ثقة المواطن وعدم اعتقاده بمصداقيتها فتارة تصرح انها تدعم القطاع الخاص وتسير باتجاه توليه اعباء الاقتصاد العراقي تعاكسه بقرارات مجحفة وتعسفية تجاه هذا القطاع, الاصلاح اولا واخرا يحتاج الى رجل المرحلة وقائد المرحلة القوي الذي ينتشل الوطن من ظلمات واقعه مع الاخذ بنظر الاعتبار تطبيق العدالة والقانون الذي هو اساس اطمئنان المواطن. ان هذا المقال هو من ضمن سلسلة من المقالات التي نهدف بها الى الاصلاح الاقتصادي والرفاهية والعدالة للمجتمع العراقي الذي نأمل بتحقيقه.

 

المهندس عماد ماجد نعمة (رئيس تجمع مقاولي ميسان)

المصدر/ أقتصادنا