Sat, 15 Oct 2016 13:37:31
#الجمهورية_نيوز
سليم الحسني / لا يمكن التعويل على الكيانات السياسية الشيعية في إنقاذ الوسط الشيعي من التخلف الذي يغطي مساحات واسعة منه، فهذه الكيانات انغمست في الفساد والمصالح الحكومية بحيث لا يمكن لها أن تخرج من هذه الدائرة. لقد أهملت الجمهور منذ دخلت العملية السياسية، وتعاملت مع المواطن الشيعي على أنه ورقة انتخابية في يوم الاقتراع، ثم ينتهي مفعولها.
لا تمتلك هذه الكيانات مشاريع تربوية وتثقيفية إلا في حدود بسيطة لا تتناسب مع حجم امكاناتها الكبيرة، وفي نفس الوقت فان بعضها يعمل على إبقاء التخلف سائداً في المجتمع وخصوصاً بين انصاره واتباعه، لضمان استمرارية قيادته وتحكمه بهذه الجماهير البسيطة المغلوبة على أمرها.
إن الوسط الشيعي يسير نحو انحدار ملحوظ باتجاه التخلف والخرافة، وهي ظاهرة تعاكس حركة التاريخ، ففي الفترات التي كان الظلم فيها مخيماً على الوسط الشيعي، وكانت وسائل الاعلام ممنوعة ومحدودة، كما أن الوسائل الحديثة لم تكن موجودة، فان حركة الوعي الثقافي كانت تسود الجو الشيعي، وكان صُنّاع الخرافة يتحركون في دوائر ضيقة.
لكن، بعد ان دخل العراق مرحلة الحرية والديمقراطية وفي ظل تطور وسائل الاتصالات والتواصل التي صارت متاحة للجميع، فان المستوى الثقافي انحسر بشكل كبير، وانتشرت الأمية والتخلف والخرافة، وقد اخذت حركة الانحدار تتجه بشكل متسارع، مما ينذر بمستقبل معتم فيما لو استمر الحال على هذا النحو.
لا يمكن توجيه اللوم على الفرد البسيط المتخلف، فلقد حرمته الظروف من التعلم ومن تلقي المعرفة بالشكل الصحيح، فكان قدره أن يجد نفسه في أجواء الخرافة التي يلقيها عليه المتاجرون بها، ويغذيه بها صُنّاعها فهي بضاعتهم وتجارتهم ومصدر اعتياشهم.
إن المستوى الثقافي للشيعة يعتمد بالدرجة الكبرى على دور المرجعيات، فهي تمثل منصب النيابة عن الإمام، اي أن لها القيادة الدينية العليا للشيعة. والمرجعية من خلال موقعها المؤثر في الكيان الشيعي، وبالامكانات الضخمة التي تمتلكها تستطيع أن تفعل الكثير في الواقع الاجتماعي، وأن تعالج نقاط الخلل فيه من الجذور.
لم يعد بمقدور شخص المرجع، أن يواجهة تحديات عالم اليوم وأجهزته ودوائره ومخططاته الخفية، حين تريد هذه أن توجه ضربتها للكيان الشيعي. لقد تحولت المواجهات الى شكل متطور يقوم على اساس المؤسسات المتخصصة والدوائر العميقة. وقد لاحظ العالم كيف ان الجهات الخفية استطاعت ان تشعل الأزمات في عدة دول، وأن تصنع كوارث إقليمية ودولية، وأن تُجند آلاف الارهابيين شهرياً مهمتهم قتل الشيعة، والى جانب ذلك تنشط جهات أخرى في تشويه عقائدهم وسلب عقولهم والتعمية على مفاهيم أهل البيت التي ظلت محفوظة متوارثة عبر الزمن، بل وفي تطور مستمر من الإبداع المعرفي والعلمي.
إن مواجهة التخريب العقيدي والثقافي للشيعة، والنهوض بواقعهم الاجتماعي يستدعي أن تعتمد المرجعية النظام المؤسساتي، فتكون لها مراكزها المتنوعة في مختلف المجالات، وكادرها المتخصص بحسب الميادين المتعددة، وتكون لها دوائر الرصد والمتابعة والتخطيط والتبليغ والاعلام والتربية والتثقيف وغير ذلك من شؤون واسعة ترتبط بحياة الشيعة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
صحيح أن هناك مجموعة من المشاريع والمراكز تشرف عليها المرجعية حالياً، لكنها تكاد تكون ذات طابع فردي، وبمبادرات متفرقة غير خاضعة لبرنامج شامل دقيق تعضد مفرداته بعضها البعض.
تنحصر هذه المهمة بالسيد السيستاني وحده، فهو المرجع الأعلى للشيعة، وهو آخر المراجع المؤثرين ـ بعد عمر طويل ـ فليس بمقدور خليفته أن يحظى بنفس مكانته وتأثيره. والمسؤولية تقع على المعنيين بمكتبه لدراسة هذا الموضوع.