كواليس نهائي دوري أبطال أفريقيا من مراسل جول العربي...
الاسكندرية | محمود ماهر
أبهر ما لا يقل عن 65 ألف مشجع زمالكاوي وسائل الإعلام المصرية والعربية على وجه العموم، بعد حضورهم المميز في مباراة إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا ليلة الأحد، والتي انتهت بفوز خجول للزمالك بهدف دون رد، ليتوج صن داونز بفضل فوزه العريض الذي كان قد حققه الأسبوع الماضي في لقاء الذهاب بثلاثية نظيفة.
كَل مَن تابع المباراة عبر الشاشات الصغيرة أو من مدرجات كبار الشخصيات أو في مقصورة الصحفيين المحرومة من شبكة الإنترنت كالعادة، أشادوا بالزحف الأبيض الكثيف إلى ملعب الجيش المصري في برج العرب وبالمجهودات المبذولة من رجال الأمن لحمايتهم وإحتوائهم قدر المستطاع منذ وصولهم حتى مغادرتهم للملعب.
|
واستحق الجمهور هذه الإشادة فقد كان واعيًا ولم تصدر منه أية أعمال شغب مثل إتلاف كراسي المدرجات كما كانت تفعل جماهير الأهلي في مباراة الوداد خلال دور مجموعات نفس البطولة، مع الإشارة إلى أن جمهور الزمالك لم يتعرض لمضايقات من رجال الأمن عند الدخول أو أثناء سير اللعب مثلما يحدث مع جمهور الأهلي.
خلال حضورنا لمباريات الفريقين في دوري أبطال أفريقيا هذا الموسم كنا نجد معاملة عنيفة من الأمن تجاه جماهير الأهلي مثل إلقاء القبض على بعضهم من أول سياج أمني، بينما لم يتم القبض على مشجعي الزمالك ممن لا يحملون التذاكر والسماح بدخول عدد ضخم منهم، لهذا وصل الحضور لأكثر من 65 ألفًا، ولم يكن يصل لسبعة ألاف في مباريات الأهلي قط، في الحافلة التي أوصلتني إلى بداية الطريق المؤدي إلى الملعب، كان فيها ستة مشجعين للزمالك لا يحملون تذاكر، وحين سألهم الشرطي «أين تذاكركم؟» فقال أحدهم «شقيقي ينتظرني بالداخل»..فسمح بالحافلة «الميكروباس» المرور وهذا المشهد سبق وحدث في مباراة الأهلي والوداد لكن الشرطي لم يسمح للحافلة بالمرور إلا بعد إلقاء القبض على المشجعين!.
على أرض الملعب، لم أجد تفسيرًا لحكمة وصبر جمهور الزمالك إلا رغبته في إيصال رسالة خاصة عن أهمية عودة الحياة إلى المدرجات في مباريات الدوري المحلي وكأس مصر، ومنح الفرصة للجميع بحضور المباريات القارية بكثافة، لكن ما هو أهم من ذلك إعادة المباريات إلى ستاد القاهرة بدلاً من برج العرب الذي يستنفذ الوصول إليه طاقة كل مشجع وصحفي.
من دون أن يشعر جمهور الزمالك «بالغ» في الإلتزام مثله مثل فريقه فأهدر فرصة ثمينة على نفسه لنيل اللقب، كيف؟ كان يجب استغلال فرصة الحشد للضغط نفسيًا على لاعبي صن داونز بالهتافات المستمرة وإلقاء الشماريخ على المضمار، فمن الواضح أن الأمن لن يتعامل معهم بمبدأ «لو كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله».
الهتاف بشكل عدائي ضد لاعبي صن داونز الذين تعمدوا إهدار الوقت في الكثير من اللقطات والمناداة على لاعب مثل شيكابالا للمطالبة بإشراكه، كلها وسائل كانت ستفيد الزمالك أكثر من صافرات الاستهجان عند استحواذ الخصم على الكرة وأكثر من لوم مرتضى منصور على ما حدث للفريق. كان من المفترض أن يلعب الزمالك الكل في الكل بدءًا من الشوط الثاني بنزول شيكابالا مع ستانلي وباسم مرسي وكذلك الجمهور كان عليه أن يشجع بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لانهاك الخصم تمامًا.
الجمهور كان أجمل ما في المباراة، واستحق أن يخطف العدسات من اللاعبين الذين لم يقدموا الأداء المأمول والمنتظر منهم، سواء لاعبي الزمالك أثناء الاستحواذ والتحكم في إيقاع المباراة أو لاعبي صن دوانز الذين لعبوا من أجل شيء واحد «الخروج من الملعب بأقل الأضرار».
عند دخولي إلى أرض الملعب، أول شيء لاحظته كان حرص عشاق الزمالك على ارتداء القميص الأبيض مع اشعال أضواء هواتفهم المحمولة في نفس التوقيت لإظهار الملعب وكأنه ثوب واحد لونه أبيض، وما أجمل ذلك المشهد بالطبع.
ولم يكشف الجمهور عن دخلة ضخمة عند بدء المباراة، ومن الواضح أن هؤلاء الذين يقومون بالدخلات قد منعوا من الحضور أو ما شابه، لأنه من غير الطبيعي غياب دخلة لألتراس الزمالك في مباراة بهذه الأهمية.
واكتفى بلافتات مثل «0/4» لتحفيز اللاعبين على تسجيل رباعية وإنهاء المباراة في وقتها الأصلي لصالحهم، وجوارها علم يتيم لدولة اليابان في إشارة لكأس العالم، بالإضافة للافتة كتب عليها اسم نادي الزمالك بالإنجليزية.
تحلي الأنصار بقدرة عظيمة من الهدوء وضبط النفس، وإن كانت نقطة سلبية في بعض فترات المباراة لكنها كانت ميزة لإعطاء صورة طيبة للأمن ولوسائل الإعلام عن أحقية الجماهير في العودة إلى المدرجات خلال مباريات الدوري المحلي من الآن فصاعدًا.
حدثت بعض الهفوات التي كان يمكن تجنبها لمساعدة الزمالك أكثر على التتويج الذي طال انتظاره منذ 14 عامًا، مثل الحماس والتشجيع المستمر قبل دقائق “كثيرة” من ضربة البداية، هذا أجهد شريحة كبيرة من الحاضرين وأثر على تفاعلاتهم بالسلب بدءًا من منتصف الشوط الأول حتى نهاية اللقاء، لدرجة ترديدهم لعبارة «لسه بدري..لسه بدري» في الدقيقة ٨٥ تقريبًا، فأين كانوا من بعد هدف ستانلي في الدقيقة ٦٥؟؟.
اللجوء إلى الهتافات العدائية ضد رئيس نادي الزمالك «مرتضى منصور» أوحى لاستسلام الجماهير للنتيجة، والبحث والتنقيب عن شماعة لتحميل الخسارة عليها، وهذه الشماعة كان الرئيس، فقال مدرج الكورفا سود في نفس واحد «الشعب يريد إعدام مرتضى منصور» قبل عشر دقائق من نهاية اللقاء، وهي دقائق كفيلة بتسجيل أي فريق يبحث عن الفوز بنتيجة عريضة لهدفين أو هدف على أقل تقدير، لكن هذا لم يحدث لأن اليأس نال من اللاعبين بالتزامن مع الهتافات الانهزامية للجماهير التي ترى الرئيس هو المسؤول الأول عن خيبة الأمل حين قرر الاستغناء عن خمسة أو ستة عناصر رئيسية من قائمة الفريق في دوري أبطال أفريقيا خلال فترة الانتقالات الماضية.
قد يكون الجمهور مُحقًا في تحميل مرتضى منصور المسؤولية، خاصةً عندما يعرفون بأنه قد وصل متأخرًا إلى الملعب في تمام الساعة السادسة والنصف، أي قبل ساعتين من المباراة، وقد رأيته بنفسي لأنني كذلك وصلت متأخرًا بعد تفويتي لحافلة الإعلاميين، فأضطررت للسير على الأقدام لثلاثة كيلومترات، وعند الكمين الأمني الرابع أوقفني أحد رجال الأمن ومنعني من المرور قبل سيارة رئيس الزمالك الذي كان يقود بنفسه.