نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا للسيناتور أليكسي بوشكوف تحدث فيه عن لقائه القذافي، وتعاون وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة مع الإرهابيين.
كتب بوشكوف:
سنحت لي الفرصة عام 2009 للقاء معمر القذافي في مكتبه بباب العزيزية في ضواحي طرابلس. كان القذافي هادئا وواثقا من نفسه ومن عظمته، ولم يخطر بباله بأن عليه أن يغادر يوما ما. لقد أذهلتني آماله التي علقها على باراك أوباما، حيث قال إن أوباما - "ابن إفريقيا"، وإنه يريد أن يبقى أوباما رئيسا للولايات المتحدة مدى الحياة.
Sputnik Владимир Федоренко
غير أن أوباما لم يعامل القذافي بالمثل، ولم يُعقد بينهما اللقاء الذي كان القذافي يعول عليه. بل إن ما حدث كان القضاء على القذافي وتغيير النظام. لقد لعب الناتو في الحرب ضد ليبيا دورا حاسما: إذ كانت 75 في المئة من القنابل والصواريخ التي أطلقها ضد ليبيا من صنع الولايات المتحدة. واليوم هيلاري كلينتون أحد أصحاب فكرة التدخل العسكري في ليبيا، تقف على بعد خطوة من منصب رئيس الولايات المتحدة.
وتنتمي كلينتون إلى جناح الغزاة في السياسة الأمريكية. وعندما عينت وزيرة للخارجية في ولاية أوباما الأولى، أطلقت العنان لغريزتها هذه.
ومهما قيل عن دور ساركوزي وكاميرون، اللذين أصرا على التدخل العسكري في ليبيا، فإن مسؤولية الحرب الليبية تقع على عاتق هيلاري كلينتون. لأنه لو قالت الولايات المتحدة "لا" آنذاك، لما أقدم حلفاؤها الصغار في الناتو على القيام بهذه العملية. ولكنها قالت "نعم". وعلى الرغم من أن أوباما وافق بتردد، فإن هيلاري كانت متحمسة جدا.
Reuters Philippe Wojazer
واليوم عندما يتهم دونالد ترامب هيلاري بأنها سبب الثقب الأسود في ليبيا الذي يمتص من دون تمييز مقاتلي "القاعدة" و"داعش" وغيرهما من المجموعات الإرهابية، فإنه يقول الحقيقة. لأن هذا الثقب الأسود هي التي خلقته فعلا. أما عندما تتحدث هيلاري عن هذه الحرب، فإننا لا نسمع منها غير الكذب. فقبل بداية قصف طرابلس بالقنابل والصواريخ الذي استهدف تدمير الجيش الليبي والقضاء على القذافي، كانت هيلاري تصرح لقنوات التلفزة الأمريكية بأن "الحديث في ليبيا لا يدور حول إطاحة شخص ما". ولكنها في النهاية اعترفت بصورة غير مباشرة بالهدف الحقيقي للحرب الليبية عندما شاهدت صورة القذافي مقتولا "نحن جئنا ورأينا، لقد مات".
وقد حاولت هيلاري لاحقا توضيح هذا السلوك بسعيها لنشر الديمقراطية في ليبيا. ونحن نعرف الديمقراطية التي جلبوها إلى العراق، الذي بنتيجتها أصبح جنة للإرهابيين. والجنة الثانية أصبحت ليبيا بفضل النشاط الذي بذلته هيلاري، والجنة الثالثة خلقتها في سوريا.
يقول المعارض الليبي محمود جبريل عن لقائه هيلاري أنها طلبت منه ومن أنصاره بإصرار "نموذجا طوباويا" - فرض الديمقراطية وسيادة القانون في ليبيا، وقد حصلت على وعد بذلك، فالمعارضة كانت بحاجة إلى السلاح. وعندما حاولت تبرير سعيها للطوباوية، فإن هيلاري كلينتون ورئيسها أوصلا ليبيا إلى الواقع الذي تعيشه حاليا.
والجميع باستثناء الكسالى لا يتحدثون عن كارثة ليبيا بعد مقتل القذافي، حتى أن بعضًا في أوروبا يتحدثون عنه كإنسان تمكن من الحفاظ على النظام في شمال إفريقيا.
لقد كانت ليبيا في عهده خالية من المنظمات الراديكالية، وعندما طلب منه أسامة بن لادن في نهاية تسعينيات القرن الماضي السماح بفتح مكتب لـ "القاعدة" في ليبيا، رفض القذافي الطلب رفضا قاطعا. بعد ذلك، بدأت الأجهزة الأمنية الليبية تتعاون مع الأجهزة الأمنية الأمريكية والأوروبية في محاربة الأعمال الإرهابية. وعندما بدأت الحرب ضد القذافي في بداية عام 2011، حاول توضيح جوهر ما يجري في ليبيا لساسة الغرب.
حاول القذافي توضيح الأوضاع لطوني بلير قبل بداية الحرب: "الحديث يدور عن الجهاد. لديهم أسلحة وهم يرهبون الناس في الشوارع. ونحن لا نقاتلهم، بل هم يهاجموننا. أنا اقول الحقيقة. الوضع ببساطة هو: هناك منظمة تطلق على نفسها اسم "القاعدة في شمال أفريقيا" وشكلت خلايا نائمة في الولايات المتحدة قبل 9 سبتمبر/أيلول 2011 وحصلت حاليا على الأسلحة ويرهبون الشعب".
Reuters POOL New
ولكن الغرب رد عليه بوقوفه إلى جانب الإرهابيين. وهنا انكشف السر، وهو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الإرهابيين للتخلص من الأنظمة غير المرغوب بها.
وقد بدأت الولايات المتحدة بتوريد الأسلحة إلى المعارضة الليبية بصورة سرية. وهناك معلومات تؤكد وقوف هيلاري وراء هذه العملية. بعد ذلك بدأت واشنطن عبر حلفائها في المنطقة بتوريد السلاح إلى المعارضة السورية، وكانت هيلاري على علم بذلك أيضا. وأخيرا، فإن ظهور ما يسمى بـ "دولة الخلافة" في العراق وانتقالها إلى سوريا جرى تحت أنظار إدارة أوباما. لذلك لم تتحدث هيلاري قط عن ضرورة القضاء على "داعش".