التصعيد.. الناتو يتحرك ودبابات وطائرات اوربية وامريكية ستطوق روسيا
بغداد/بابل24/.. بعد التهديد والاستعراض الروسي للأسلحة النووية، بدأت تحركات الناتو بجدية اكبر لصد أي هجوم نووي روسي محتمل على الأراضي الاوربية.
اذ نشهد هذه الأيام أكبر تعبئة عسكرية للناتو أمام الحدود الروسية منذ الحرب الباردة، فبريطانيا سترسل العام المقبل طائرات مقاتلة إلى رومانيا، فيما الولايات المتحدة ستبعث بجنودها ودباباتها وقاذفات صواريخها إلى بولندا، وأما ألمانيا وكندا وغيرها من دول الناتو فتعهدت هي الأخرى بإرسال قواتها، وذلك في اجتماع لوزراء دفاع ورؤساء أركان هذه الدول في بروكسل الأربعاء 26 تشرين الأول 2016، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان.
تأتي الخطوة بعد انشغال روسيا فترةً بنشر عتادها الثقيل واستعراضه، ففي وقت سابق من هذا الشهر قالت موسكو إنها ستنشر صواريخ ذات قدرات نووية في مدينة كالينينغراد، المنطقة الروسية المحاطة ببحر البلطيق وبولندا وليتوانيا. وفي هذا الأسبوع تسللت سفينتان حربيتان روسيتان محملتان بصواريخ كروز إلى بحر البلطيق.
في هذه الأثناء تتابع حاملة الطائرات الروسية الثقيلة الأميرال كوزنيتسوف تقدمها نحو سوريا. وقالت إسبانيا إن موسكو سحبت طلباً لإعادة تزويد ساحل إسبانيا الإفريقي الشمالي بالوقود، وسط شكوك غربية بأن الأسطول الروسي سوف يدمر حلب فوق رؤوس ساكنيها.
وحسب مقال الغارديان أن هدف الناتو هنا هو ردع أي أعمال عدوانية مستقبلاً على الأراضي الأوروبية، فبعد فترة الخمول التي تباطأت فيها استجابات الناتو، بدأ يستجمع نفسه الآن ليوجه رسالة صارمة، وكما قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر هذا الأسبوع: إن كل تحركات الانتشار هذه هدفها الردع.
وعلى وجه التحديد فإن رغبة الناتو هي أن يظهر لموسكو أنه مستعد للدفاع عن دول البلطيق المهددة بالحرب: إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
في شهر أيار المقبل سوف ترسل بريطانيا كتيبة قوامها أكثر من 800 جندي إلى إستونيا، مدعومة كذلك بالقوات الفرنسية والدنماركية، وبحلول الصيف المقبل سيكون عدد جنود الناتو المتمركزين أمام حدود روسيا الغربية حوالي 4000 جندي في وجه 330 ألفاً من الجنود الروس في موسكو.
وليس أي من هذا دليلاً على أن أوروبا مقبلة على معركة وشيكة بين الشرق والغرب، ولا حتى مثلما قال ترامب وبعض المعلقين في تلميح ينبئ بنهاية العالم، إن كل الدول تستعد الآن لدخول حرب عالمية ثالثة، لكن الأمر ليس كذلك، حتى إن بوتين نفسه قال نفس الشيء في مؤتمر عُقد بسوتشي الخميس، حينما تحدث إلى مجموعة خبراء غربيين قائلاً إن "من الغباء وغير الواقعية" الظن أن روسيا قد تهاجم أحداً ما في أوروبا.
ويرى الرئيس الروسي في الناتو تحالفاً عدائياً لا حد لعداوته، لكن المفارقة الكبرى هي أن حركات الانتشار العسكرية الأخيرة التي ينفذها الناتو في شرق أوروبا تصب الزيت على النار، لأنها تؤكد رواية بوتين، وتمنحها المصداقية في عقول الروس الذين استمعوا لتلك الأقاصيص والدعايات فترة طويلة، فيصدقون الآن أن الغرب فعلاً عازمٌ وعاقد النيةَ على "تطويق" روسيا وإركاعها جاثية على ركبتيها.
الخطر الآن ليس من صراع عسكري مفتوح، بل من كثافة أعداد الجنود المنتشرين واستمرار الطائرات الروسية المقاتلة بالتحليق فوق سفن ناقلات الطائرات الأميركية وغيرها، بسرعة تهتز لها الأخيرة، كل هذا سيزيد الخطر من احتمال وقوع حادث أو اصطدام ما.
ففي أيلول الماضي توصل تحقيق هولندي إلى نتيجة أن صاروخ Buk مهرباً عبر الحدود الروسية هو الذي كان قد أصاب الرحلة MH17 الماليزية، المتوجهة من أمستردام إلى كوالالمبور عام 2014، وأسقطها متسبباً بمقتل 298 شخصاً.
لقد كان الناتو يسير على غير نهج طيلة فترة التسعينيات الماضية، في السنوات الأخيرة أعوزته الأموال والنقود، وسط تشكّي الولايات المتحدة مراراً وتكراراً من أن العديد من الدول الأعضاء تكابر وتمتنع عن دفع ثمن هذا الأمن الأوروبي التعاوني المشترك.
أما الآن فقد بات لدى الناتو هدف وغاية لا ندري أشرٌّ هو أم خيرٌ له، ألا وهو وضع حدٍّ لتهديدات الكرملين المتصاعدة التي لا يؤمَن جانبها.