نصف سنة على الاتفاق: أنقرة وتل أبيب لم تُسّميان حتى اللحظة سفيريهما

آخر تحديث 2016-11-14 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

 

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

بعد مرور حوالي نصف سنة على توقيع اتفاق إعادة التطبيع بين تركيّا وإسرائيل، ما زالت العلاقات بينهما تعيش أزمةً حقيقيّةً تُلقي بظلالها على الدولتين: فحتى اللحظة لم تُسّمِ أنقرة سفيرها في تل أبيب، وإسرائيل أيضًا لم تُعلن عن سفيرها في أنقرة، على الرغم من أنّ أحد أهّم بنود الاتفاق بينهما نصّ على تبادل السفراء.

وبحسب المصادر الأمنيّة في إسرائيل، فإنّ دعم تركيّا لحركة حماس، ورفضها طرد كوادر الحركة من أراضيها يقُضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، وهو العائق الرئيسيّ أمام تنفيذ بنود الاتفاق بين تركيّا وإسرائيل.

وفي هذا السياق، أظهر استطلاع إسرائيليّ أنّ الرأي العّام بالدولة العبريّة يرى أنّ التعاون الأمنيّ أهّم سبب لإصلاح العلاقات مع تركيّا، حيث قال 44 بالمائة من المُشاركين إنّ الأمن هو الذي يُحتّم على إسرائيل تعزيز علاقاتها مع تركيّا، وهي أوّل دولةً مسلمةً اعترفت بها في الأمم المُتحدّة.

ورأى المحلل الإسرائيليّ نمرود غورين، الذي يترأس معهد “متفيم” للسياسات الخارجيّة-الإقليميّة، أنّ التطبيع بين البلدين سينعكس إيجابًا على المشهد الجغرافيّ السياسيّ في الشرق الأوسط، وقد يدفع إلى تقارب إسرائيليٍّ سعوديٍّ من جانب، وإلى إصلاح العلاقات التركيّة المصريّة من جانب آخر بتشجيعٍ وتأييدٍ من إسرائيل.

وأشار غورين إلى أنّ من أهّم أسباب تحسين العلاقات مع تركيّا تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيليّ، كما أنّ الفصل الجديد من العلاقات ينبغي أنْ يشمل تعزيز التعاون بين المجتمع المدنيّ والمنظمات غير الحكوميّة ومراكز الأبحاث، بما في ذلك حلّ النزاعات وقضايا الديمقراطيّة.

وفيما يتعلّق بأبرز نقاط الخلاف بين تركيا وإسرائيل بشأن الحصار المفروض على قطاع غزة، قال جورين: إنّ الجانبين بذلا جهدًا لإيجاد صيغة وسط تُعالج قلق تركيا بشأن الأوضاع المعيشية في غزة، وتُراعي قلق إسرائيل إزاء التهديدات الأمنيّة.

إلى ذلك، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّ الاتفاق يشمل التنسيق الكامل في سوريّة، وأحد أهدافه منع سيطرة إيران على سوريا عبر حزب الله، بحسب ما أكّدته المصادر.

وأوضح المُراسل السياسيّ في التلفزيون، أودي سيغال، أنّ معلوماته تؤكّد على أنّ الاتفاق يشمل التنسيق الأمني والاستخباري في سوريّة.

وعلى هذه الخلفية أضاف التلفزيون أنّ إسرائيل وتركيا تُحاربان أعداءً مشتركين، مثل حزب الله و”داعش”، إلى جانب تنظيمات أخرى، على حدّ تعبيرها.

إلى ذلك، قال المُحلل الإسرائيليّ للشؤون الأمنيّة يوسي ميلمان، نقلاً عن مصادر سياسيّة وأمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، قال إنّ تركيا تتجاهل الشكاوى الإسرائيليّة من استمرار وجود قيادات من حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) على أراضيها.

وأضاف إنّ عناصر حماس يدخلون ويخرجون من تركيّا دون إزعاج، ورغم الشكاوى الإسرائيليّة المتزايدة إلى الرئيس رجب طيّب أردوغان، فإنّ الأخير منشغل بتبعات محاولة الانقلاب الفاشلة ضدّه في الأسابيع الأخيرة، وكلّ ذلك يؤكّد على أن هامش المناورة الإسرائيليّة أمام تركيّا ضيّق جدًا، على حدّ تعبيره.

ولفت ميلمان في مقالٍ له اليوم بصحيفة (معاريف) العبريّة إلى أنّ حركة حماس لا تزال تعمل من داخل الأراضي التركيّة بصورة طبيعية، وفي حين تتجاهل أنقرة الشكاوى الإسرائيليّة، فإنّ حكومة بنيامين نتنياهو مضطرة لقبول هذه الخروقات التركية رغم أنّ الطرفين لديهما رغبة في تطبيع علاقاتهما بسرعة نظرًا لمصلحتهما المشتركة في ذلك، لكنّهما يُظهران تباطؤًا واضحًا.

وأضاف ميلمان، وهو على علاقةٍ وطيدةٍ جدًا بالأجهزة الأمنية الإسرائيليّة، أنّ ما يُقلق تل أبيب من تباطؤ المصالحة مع تركيا هو البند الخّاص بطرد نشطاء حماس من أراضيها، وبشكلٍ خاصٍّ عناصر الجناح العسكري لحماس كتائب عز الدين القسام، وإغلاق مكاتبهم المنتشرة في المدن التركية، كما قالت المصادر عينها.

وساقت المصادر قائلةً، بحسب ميلمان، إنّ الرئيس التركيّ أردوغان الطامح لأنْ يكون سلطان العالم الإسلاميّ يرى في نفسه حاميًا للإخوان المسلمين، التي تُعتبر حماس ذراعها الفلسطينيّة، ممّا يتسبب في توتر علاقاته مع مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي.

وأوضح أيضًا أنّ طرد حماس من تركيا كان أحد مطالب الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة من نظيرتها التركية، لكنّ تركيّا رفضت التجاوب معه، لأنّها لا تفصل بين جناحي حماس السياسيّ والعسكريّ، وتعتبرها حركةً واحدةً تخوض صراعًا عادلاً ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ وليس تنظيمًا إرهابيًا، على حدّ قوله.

واستدرك: لكنّ تركيا وافقت لاحقًا على طرد قائد الجناح العسكريّ لحماس صالح العاروري من أراضيها. وحتى بعد خروجه واصلت قيادة حماس العسكريّة العمل من داخل إسطنبول، وتُصدر التعليمات لعناصرها في الضفّة الغربيّة بتنفيذ العمليات.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، أنّ إسرائيل سئمت من المطالبة المتكررة لأنقرة بإنهاء وجود الجهاز العسكريّ على الأراضي التركيّة، كونه يُشكّل خطرًا عليها من خلال إدارته للمعارك ضدّ الجيش الإسرائيليّ في المناطق الفلسطينيّة، وهذا الأمر الذي لن تقبله أنقرة، بحسب ميلمان، ما قد يُعيد الأمور بين الدولتين إلى المربع الأول، أكّدت المصادر الإسرائيليّة.