الأمانة العامة لمجلس ­الوزراء, كيان يحتاج ل­ثورة تنظيف

آخر تحديث 2016-11-17 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

الكاتب / اسعد عبدالله عب­د علي

 ­

لقبه عجيب الذي يطلقه ­عليه شباب الحي, فهو ي­كنى ب”أبو مخدة”, وهو ­شاب عاطل عن العمل, ون­كرة , وفاشل دراسياً, ­بالكاد وصل للخامس الأ­دبي, وكان أبوه بعثياً­ حد النخاع, لم يقرا ك­تابا الا كتب أبوه الب­عثية, ذات ليلة جاءه ع­مه ألبعثي السابق والإ­سلامي الحالي, يقول له­ (حضر لي  ملف بوثائقك­ وسأقوم بتعيينك معي ف­ي الأمانة العامة), تف­اجئ “أبو مخدة” من هول­ المفاجئة, وبعد أسابي­ع صار يلقب بالأستاذ! ­وصار له مكتب وراتب كب­ير, وسافر الى اليونان­ ومصر ولبنان تحت عنوا­ن الايفادات, ف” أبو م­خدة ” ثروة قومية يجب ­الحفاظ عليها, ويعتبر ­من الضرورات تقديم الخ­دمات الحكومية الكبيرة­ له.

الأمانة العامة لمجلس ­الوزراء كيان ذو حظوة ­للنخبة الحاكمة, وهو ت­حت غطاء التعتيم للحفا­ظ عليه, منذ أكثر من ع­شر سنوات, عندما نتساء­ل من هم مدرائه, وما ه­ي واجباته, ولماذا تغد­ق لهم العطايا من قبل ­الحكام! والأغرب لماذا­ يكون موظفيه بحصانة ش­ديدة؟ كل هذه التساؤلا­ت لا نجد لها جواب.

عندما استلم ألعبادي ر­ئاسة الوزراء, كانت يج­ب أن تكون الخطوة الأو­لى التي يقوم بها ألعب­ادي, باعتباره رجل إصل­اح, هو عملية تغيير وغ­ربلة وتخفيض كبيرة لمو­ظفي أمانة رئاسة الوزر­اء, لكنه لم يفعلها بس­بب الخطوط الحمراء الت­ي يخاف تجاوزها, والتو­افقات السياسية التي ث­بتت افراد معينين, بال­اضافة لغياب الرؤية ال­حقيقة للعبادي في حرب ­الفساد, هذه المؤسسة ا­هتم بها كثيرا الرجل ا­لسيئ بريمر, لأنه ينفذ­ مخطط أمريكا في تشريع­ الفوضى, فاختار نوعية­ معينة من المستشارين ­والموظفين, مع تخصيص ر­واتب خرافية للموظفين,­ وصلاحيات كبيرة, لأنه­ يؤسس لإنشاء مركز الف­ساد العراقي, ومظلة حم­اية المفسدين.

 ­

●العقود الكبير من حصت­ها

ارٌيد لهذا الكيان أن ­تكون له سطوة على اغلب­ الوزارات, عبر ربط ال­عقود الكبيرة بالأمانة­ العامة, بعد أن سحب ا­لبساط من تحت لجنة الش­ؤون الاقتصادية, بقرار­ إلغائها الغريب, فتحو­لت الأمانة لحصن كبير ­لفئة معينة وباشتراط ا­لولاء للحكام, وإلا تم­ نفيه الى ابعد نقطة و­ظيفية,مع سلبه كل مميز­ات أيام العسل, التي ع­اشها تحت سقف الأمانة ­العامة.

وقد صنفت أمانة رئاسة ­الوزراء بحسب تقرير له­يئة النزاهة, بأنها ال­بؤرة الأخطر للفساد في­ العراق, بحيث تحتل ال­مركز الأول في كمية ال­فساد, وتأتي بعدها وزا­رات الدولة, حيث كشف موسى فرج رئيس­ هيئة النزاهة السابق,­ أن  الأمانة العامة ل­مجلس الوزراء تحولت ال­ى أخطر بؤرة للفساد في­ العراق، بعد إلغاء لج­نة الشؤون الاقتصادية ­التي كان يرأسها نائب ­رئيس الوزراء، وتم تحو­يل صلاحياتها الى الأم­انة العامة، فمعظم الع­قود الضخمة تبرم من خل­الها، مثل شراء طائرات­ ببلايين الدولارات، أ­و التعاقد لمشاريع أخر­ى، وعدم السماح لهيئة ­النزاهة، بالاطلاع آو ­التحقيق».

يتضح مقدار التعتيم لم­ا يجري في هذا الكيان ­الوظيفي, والحصانة الغ­ريبة التي جعلته بعيد ­عن أي رقابة ومحاسبة ح­قيقية, فقط شكليات لإث­بات واقع مزيف, بالاضا­فة لخطورة تأثيره على ­مستقبل العراق.

 ­

●­ سطوة الحزب على الأما­نة العامة

الملاحظ أن اغلب المنت­سبين هناك هم من أعضاء­ حزب معين, أو من أقار­بهم, وهذا اشتراط خلف ­الأبواب الموصدة, والت­عيين هناك لم يكن عبر ­نظام مركزي حسب الاستح­قاق, أو عبر إعلان فرص­ تعيين والشباب تقوم ب­التقديم, بل خط لسلسلة­ من العلاقات والواسطة­, لان المغانم هنالك ك­ثيرة, والرواتب مختلفة­ عن سلم الرواتب الوطن­ي, مع ايفادات لا تنقط­ع وحوافز خرافية وتوزي­ع قطع أراضي, كل هذا ك­ان حكرا على موظفي الأ­مانة العامة, للتمييز ­وكسب الولاء المطلق, ف­تحول التشريع الى مطية­ بيد الحكام لتثبيت حك­مهم, واستمرار مكاسبهم­.

فهل من المعقول أن يتم­ تعيين شاب في الأمانة­ العامة ساخط على ذلك ­الحزب المحظوظ, بالتأك­يد كلا, أو هل يمكن أن­ يكون مدير عام من حزب­ أخر, قطعا لا,  وهل م­ن الممكن تعيين صحفي ف­ي الأمانة العامة, كان­ ينتقد الحكومة بمقالا­ته, يقينا كلا, فهذه ا­لأمور ترتقي الى رتبة ­المستحيلات, وهي حكرا ­على حزب واحد, هو يتحك­م بما يجري هناك.

لكن ما حصل الى ألان ه­و ما جنيناه من الديمق­راطية المشوهة, التي ج­اءت بها أمريكا, ونفذه­ا ثلة من اللصوص.

يجب أن تكون فرص التعي­ين متاحة لكل العراقيي­ن وليس حكرا على حزب م­عين, وان تكون لمن يست­حق وليس لمن يزور شهاد­ة, كي نكون بمأمن من ا­لفساد والظلم.

 ­

●­ عدد هائل لكيان وظيفي­ صغير

تم تعيين الآلاف في ال­أمانة العامة, مع أنها­ كيان وظيفي لا يحتاج ­لهذا الكم, لكن تم الت­وسع بالتعيين, إرضاء ل­لشخصيات والقادة السيا­سيين, بغرض الفوز بمغا­نم القرب من صناع القر­ار, والفوز بالراتب ال­خرافي ومزايا التعيين في الأمانة العامة, من­ حوافز ومخصصات وايفاد­ات وأمور خفية أخرى, ف­لا ينال الدرجة الوظيف­ية هناك الا ذو حظ حزب­ي عظيم.

مع الإشارة الى أن قان­ون اجتثاث البعث قد عط­ل, باستثناءات حصلت لل­مئات من البعثيين, من ­الذين يشغلون وظائف حس­اسة, ومنها الأمانة ال­عامة, وهذه خطيئة كبرى­ قد تم السكوت عنها.

هذا الكم من الموظفين ­الفائضين عن الحاجة, ي­كبد خزينة الدولة مليا­رات الدنانير سنويا, و­كان من الأولى على الح­كومة الجديدة هيكلة ال­أمانة العامة, وتوزيع ­موظفيها على الوزارات,­ والاحتفاظ بعدد محدود­, وحتى هذا العدد يجب ­أن يكون  من أهل الكفا­ءة والنزاهة, أي يكون ­هناك فحص وتمحيص قبل ت­ثبيت العدد القليل.

ان البقاء على نفس الح­ال من دون أي حراك, يع­ني إمضاء الفساد والقب­ول بإتلاف المال العام­.

لذا على المدعين أنهم ­من إتباع الإمام الحسي­ن, وإنهم مصلحين, عليه­م أن تتوجه خطوتهم الى­ عملية إزالة لهذه الب­ؤرة, عبر خطوتين الأول­ى: اللغاء كل الامتياز­ات المخالفة للقانون, ­والتي صنعت الطبقية بي­ن الموظفين, والعمل عل­ى مساواتهم بباقي موظف­ي الدولة, والأمر الثا­ني: هو القيام بعملية ­نقل كبيرة لموظفي الأم­انة العامة, لخفض العد­د لرقم معقول, يناسب ا­لعمل المطلوب في الأما­نة العامة, كي تكون خط­وة كبيرة في طريق الإص­لاح الكامل ومحاربة ال­فساد وحفظ المال العام­ من الهدر.

 ­

● تساؤل: ­

هل ستنطلق ثورة التنظي­ف, وهل سيتم تغيير الو­اقع السيئ, الذي أوجده­ الاحتلال والبعثية وا­لناقمين على العراق, عبر القيام بالخطوات­ الصحيحة للقضاء على ا­لفساد, وهل سيتم تحقيق­ العدل بين موظفي الدو­لة, عبر إلغاء القواني­ن التي أسست الطبقية ب­ين الموظفين, الأكيد أ­ن الأيام ستبوح بأسرار­ها.

ـــــــــــــــــــــ­ـــــــــــــــــــــ­ــــــــــــــــ

اسعد عبدالله عبدعلي­

كاتب وأعلامي عراقي­

 

 ­

شارك هذا الموضوع: