سرت من معقل للقذافي وملاذ للجهاديين إلى سلطة حكومة الوفاق

آخر تحديث 2016-12-05 00:00:00 - المصدر: القدس العربي

طرابلس- أ ف ب- مدينة سرت الليبية التي اعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الاثنين السيطرة الكاملة عليها بعد أكثر من ستة أشهر من القتال، هي مسقط رأس الزعيم الراحل معمر القذافي، وبقيت على مدى أربعة عقود معقلا لنظامه قبل أن تسقط في أيدي الجهاديين في 2015.

- موقع استراتيجي

تقع سرت على بعد 300 كلم من الساحل الأوروبي وفي منتصف الطريق الساحلي بين طرابلس وبنغازي وعلى بعد 180 كلم من مصراتة في الغرب من حيث انطلقت في ايار/ مايو قوات حكومة الوفاق التي تضم عدة فصائل.

وكان قربها من منطقة “الهلال النفطي” إلى الشرق وراء تغذية اطماع تنظيم الدولة الاسلامية الذي كان يهدف إلى السيطرة على منافذ التصدير والموانىء النفطية.

- مسقط رأس القذافي

ينتمي سكان سرت ذات الطبيعة الصحراوية بمعظمهم إلى القبائل الاربع الاكثر شهرة في المنطقة وهم القذاذفة وورفلة وهم كثيرو العدد في غرب ليبيا، والفرجان والمقريحة الاقرب والأكثر ولاء للنظام السابق. واشتهرت المنطقة منذ قرون بتربية الماشية والإبل.

كان يعيش في المدينة 120 الف شخص قبل سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية عليها في 9 حزيران/ يونيو 2015، لكن بعضا منهم فروا من المعارك واصبح من المتعذر تحديد عددهم بدقة.

حظيت مدينة سرت لاكثر من اربعة عقود، بين عامي 1969 و2011، بمكانة مميزة على اعتبار انها مسقط راس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

واقام القذافي في هذه المدينة مقرات حكومية وحاول اكثر من مرة ان ينقل الاجتماعات الحكومية الرئيسية اليها دون ان ينجح في ذلك.

- ما بعد القذافي

تعرضت سرت خلال الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق لدمار كبير. وفي هذه المدينة اعتقل القذافي عام 2011 وقتل بعد ان لجأ اليها اثر سقوط طرابلس بايدي الثوار في نهاية آب/ اغسطس من العام ذاته.

وكانت سرت خلال الثورة هدفا لهجمات الثوار بعدما تركزت القوات الموالية للقذافي فيها، بينما جعلها ابنه المعتصم منطلقا لشن هجمات على الجبهتين الشرقية والغربية.

ودفعت سرت التي كانت آخر المدن الموالية للقذافي ثمن ذلك غاليا فتحولت شوارع باكملها فيها عقب انتهاء المعارك إلى ركام، بينما ظل سكانها ينتقدون السلطات الجديدة ويتهمونها بتهميشهم والانتقام منهم، حتى باتوا يطلقون على مدينتهم اسم “المنسية”.

- معقل لتنظيم الدولة الاسلامية

تحولت المدينة إلى ملاذ لتنظيم الدولة الاسلامية بعدما وقعت تحت سيطرته في حزيران/ يونيو 2015. وجعل التنظيم الجهادي من سرت قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الاجانب الذين يجري تدريبهم على شن هجمات في الخارج.

وفي هذه المدينة المتوسطية، قطعت الايادي واعدم الناس في الساحات. وفي شوارعها الرئيسية، رفعت رايات التنظيم الجهادي السوداء والسيارات التي تراقب حركة المارة واصحاب المحلات. وفرض على السكان اداء الصلاة في مواعيدها، ومنعت النساء من مغادرة منازلهن من دون محرم.

يعبر مدينة سرت شارعان حيويان، طريق الشط والشارع الرئيسي، وتتفرع منهما شوارع اخرى على امتداد الاحياء السكنية المقسمة في معظمها إلى مربعات.

وتضم المدينة ميناء على البحر المتوسط، ومطارا دوليا وقاعدة جوية. كما تضم جامعة حكومية، ومستشفى، ومصارف، ومجمعا للمؤتمرات هو الاكبر في شمال افريقيا يسمى مركز واغادوغو. وقد تحصن فيه مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية فترة طويلة.

بنى القذافي مركز واغادوغو لاستضافة القمم الافريقية والدولية خدمة لسياسته الافريقية، وفي هذا المجمع اعلنت فكرة قيام الاتحاد الافريقي في 9 ايلول/ سبتمبر 1999 ضمن “اعلان سرت”.

- طرد الجهاديين

اعلنت القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني الاثنين “فرض السيطرة الكاملة” على سرت بعد اشهر من المعارك مع تنظيم الدولة الاسلامية.

وانطلقت العملية العسكرية في 12 ايار/ مايو، وحققت القوات الحكومية تقدما سريعا في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت.

لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطؤ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل.

ومنذ نهاية تشرين الاول/ اكتوبر، كانت القوات الحكومية تحاصر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في رقعة صغيرة في المدينة، قبل ان تسيطر عليها بالكامل الاثنين.