الخريطة الاقتصادية وإعمار المناطق المحررة

آخر تحديث 2016-12-06 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

الكاتب / ملاذ الأمين

مع ظهور بشائر النصر العراقي وتحرير الاراضي المغتصبة وطرد عصابات «داعش» الارهابية من مدننا وقرانا في اخر معقل لهم بمحافظة نينوى، ينبغي على الحكومة ان تعمل منذ الان على رسم خارطة اقتصادية جديدة تليق بتعزيز الانتصارات واستثمارها واعادة المناطق المحررة الى الدورة الاقتصادية لتجاوز اخطاء الماضي لبناء اقتصاد وطني رافض للفساد مستغلا لجميع الامكانيات المتاحة في القطاعات المولدة للدخول وصولا لتنمية حقيقية تبعد العراق من اعتماد موازنته على بيع نفطه.
ان الدروس المستنبطة من العقد الماضي اشرت عجزا في القوانين والضوابط والاجراءات الخاصة بتحقيق التنمية رغم وجود الارضية الخصبة لها من ناحية الثروة البشرية والفكرية والمواد الاولية ورأس المال، بل ان بعض هذه الضوابط عملت على تعويق التقدم الاقتصادي لبعض القطاعات، فبدلا من الاعتماد على الصناعات الوطنية في رفد احتياجات دوائر الدولة من الاثاث والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ،تم استيراد جميع احتياجات تلك الدوائر من اثاث مكتبية وكهربائية  واخرى غيرها من دول الجوار رغم وجود معامل حكومية خاصة تنتج السلع ذاتها وباسعار منافسة وعند التشديد والمطالبة من قبل الخبراء الاقتصاديين ووزارة الصناعة وجمعيات ومنظمات غير حكومية تعنى بالقطاع الخاص، تدخل الفساد الاداري والمالي ليطعن المنتوج العراقي وليبقي اموال الفساد المتاتية من الاستيراد في تزايد مستمر.
ان انفتاح الحدود على مصراعيها امام السلع المستوردة دون ضوابط ساهمت بافراغ العراق من امواله وقلبت اذواق العراقيين نحو رفض المنتج الوطني الذي ينافسه المستورد الرديء والرخيص، وزادت من الايرادات المالية لدول الجوار الامر الذي حول اغلب المصانع والمعامل الحكومية والاهلية الى مخازن لسلع مستوردة كانت تنتجها قبل وقت قريب، والشيء ذاته ينطبق على البساتين والحقول الزراعية، ما ادى الى توسع دائرة البطالة لتبتلع اصحاب الكفاءات والخريجين وحتى اصحاب الشهادات العليا وظهور طبقة من التجار تتميز بعلاقات مشبوهة مع دوائر المنافذ الحدودية لتمرير البضائع غير المطابقة الى البلاد، بل ان بعض التجار اشترى 
مصانع ومزارع في تايون وايران وتركيا والصين لتوريد العراق بما يحتاجه من سلع سواء كانت غذائية (حبوب، شاي، زيت، حليب، لحوم…) او صناعية (كهربائية، منزلية، ملابس،  مفروشات….) بحيث اصبح المنتج الوطني غائبا تماما عن
الاسواق .
الخارطة الاقتصادية المطلوبة التي يجب ان ترفق بجدول زمني للتطبيق يمكنها ان تجنب العراق من كوارث اعتماده على مبيعات النفط كمصدر رئيس للموازنة المالية ،وتنعش تدريجيا القطاع الخاص وتخضع الاستيرادات الى رقابة صارمة تخفض من عمليات تهريب العملة وتضع ضوابط جديدة على عمليات المزاد اليومية في البنك المركزي وتهتم بمولدات الدخل في المناطق المحررة سواء كانت الاراضي الزراعية او الثروة الحيوانية او الابار النفطية، او المعامل او المناطق السياحية والاثارية والمزارات الدينية مع المنافذ الحدودية. 
وعلى الحكومة وبعد انتصاراتها على الارهاب وبعد تثبيت الاستقرار والامن في المناطق المحررة والرخوة ان تعمل على الافادة من الاكاديميين والخبراء والمتخصصين والمستشارين لوضع خطة حقيقية تنهي الديون المترتبة على العراق وتستثمر جميع الطاقات المكنونة والضامرة مع الافادة من الطاقات البشرية وجيش العاطلين من خلال اعادة صياغة القوانين الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاستثمار وضوابط مكافحة الفساد واجراءات مزادات البنك المركزي ودوائر المنافذ الحدودية.