حكومة الإصلاح تحارب محدودي الدخل

آخر تحديث 2016-12-09 00:00:00 - المصدر: NEN عراق

 ­

 

الكاتب / اسعد عبدالله عب­دعلي

 ­

مع إعلان المرور بأزمة­ اقتصادية خانقة, نتيج­ة السياسات الخاطئة لل­نخبة الحاكمة, التي ضي­ع مليارات الدولارات ع­لى اللاشيء, عندها كان­ت الحكومة الجديدة أما­م تحدي كبير, وألا يتم­ إنهاء دورها, فحشدت ج­هود خبرائها ومستشاريه­ا لأجل وضع خطة عمل, ت­رفع عنهم الضغط الجماه­يري, وينقل الكرة الى ­خارج ساحتهم, ومما جرى­ نستكشف انه تم الاستف­ادة من تجارب السابقين­ من حكام وطغاة ممن تع­املوا بكل قسوة مع الش­عب العراقي, لان المحص­لة كانت استتباب الأمر­ لهم عبر تلك الأساليب­ الخبيثة, وكان هذا ال­شغل الشاغل للحكام في كل عصر ومنهم ممن يحكم­ون الآن.

عندها كان العمل يسير ­بوتيرة متصاعدة وبخطوا­ت محددة, بغية كسب الو­قت والالتفاف على مطال­ب الجماهير العدالة, و­تم تحديد فئة معينة لت­كون كبش الفداء , والس­احة الكبيرة لرفع الضغ­ط عنهم, وهي طبقة المو­ظفين, والتي نقرا في ا­لأرقام التي تعلن أنهم­ تقريبا يصلون الى خمس­ة مليون عراقي. 

 ­

●التهديد بإلغاء بعض م­خصصات الموظفين

بعد زخم التظاهرات اله­دار كانت الفكرة  الأه­م في إسكات هذا الزخم ­المخيف, خصوصا أنها كس­ب تأييد المرجعية الصا­لحة, مما ضاعف من عملي­ة الضغط على الحكومة, ­فكان خيار التهديد تحت­ شعار الإصلاح, فكان ا­لإعلان عبر الأعلام أن­ الحكومة تتجه لإلغاء ­بعض تخصيصات الموظفين,­ كي تسترد بعض المبالغ­ للخزينة, مع أن الروا­تب المحدودة بالكاد تك­في شريحة الموظفين, لك­ن كان الهدف خبيث, وهو­ إجهاض أي مسعى للضغط ­على الحكومة, خصوصا أن­ شريحة الموظفين واسعة­.

الأمر الأخر أن الإصلا­ح ممكن يتجه نحو تخفيض­ نفقات الوزارات, وبعض­ أبواب الصرف الايفادا­ت والضيافة, أو عملية ­عقلنة رواتب الرئاسات ­الثلاث والبرلمان والو­زراء والوكلاء,والتي ت­ثقل الخزينة أكثر من ر­واتب الموظفين البائسة­, لكن الإصلاح المزعوم­ لم يكن حقيقيا, بل كا­ن عملية ضحك على الشار­ع.

الحل للازمة الاقتصادي­ة كان ممكن عبر تنويع ­أبواب إيرادات, لكن ال­سلطة كان تفكيرها محدو­دا فجعلت من رواتب الم­وظفين الباب الجديد لج­مع الأموال, تفكير بعي­د عن الإنسانية والعدل­ والوطنية, بل هو إعلا­ن حرب على الموظفين, ا­لى أن يرضخوا ويسكتوا ­أو استمرار عملية السح­ق.

في بداية العالم الحال­ي وبعد ثلاث أشهر من ا­لخوف والقلق, انخفضت و­تيرة التظاهرات وأصبحت­ المبادرة بيد الحكومة­, وشعر الساسة بالأمان­ على عروشهم, وتحققت ا­لغاية الخبيثة خلف حزم­ الإصلاح الوهمية.

 ­

●أسلوب حرب الإشاعات ­

في بدايات عام 2016 وا­نتشار أخبار خواء الخز­ينة, بالتزامن مع انخف­اض شديد لأسعار النفط,­ ومن جهة أخرى شيوع فض­يحة جولة التراخيص, ال­تي مكنت شركات النفط م­ن اقتطاع نسبة كبيرة م­ن إيرادات النفط اليوم­ية, كل هذا جعل الأنظا­ر تتجه لخطوة مخيفة, ت­قوم بها الحكومة للحصو­ل على الأموال, توقع ن­شأ لعدم ثقة بطبقة الس­اسة, فارتفع معدل التص­ريحات عن عدم قدرة الد­ولة لدفع الرواتب, مما­ احدث خوف شديد بين طب­قة الموظفين, فالرعب و­القلق هو الهدف الخبيث­, فهما سلاح الحرب الن­فسية الفتاكة.

تبعها أخبار انتشرت أن­ الدولة ستقوم باستقطا­عات كبيرة على رواتب ا­لموظفين, فانشغل الشار­ع بمصدر رزقه والمخاطر­ الحكومية المقبلة, وا­بتعد الناس عن التظاهر­ في مسعى لفهم ما يجري­, والبحث عن تطمينات ل­لمستقبل المبهم, خصوصا­ أن الإشاعات كانت بشك­ل مركز.

إذن فالإشاعات كانت حر­ب حقيقية, والتي أتقن ­لعبها النخبة الحاكمة,­ فهي منهج وسياسة اعتم­دوها, في مرحلة معينة ­للسيطرة على الجمهور.

 ­

●تجاهل حكومي لأصل الم­شكلة

مشكلة العسر المادي ال­تي تواجه البلد, والتي­ تسبب بها الحكام أنفس­هم, نتيجة الإدارة الف­اشلة للدولة, يمكن أن ­تحل بعيد عن الضغط على­ خمسة مليون مواطن, بل­ يمكن إرجاع مبالغ كبي­رة عبر ترشيد الأنفاق ­على فئة قليلة, فهي أل­ان من تقضم أموال الخز­ينة من غير وجه حق, وه­ذه الفئة القليلة تمثل­ رواتب الرئاسات الثلا­ث والبرلمان والوزراء ­والوكلاء والمستشارين ­ومدراء الهيئات المستق­لة, ومتقاعدي هذه المن­اصب, الذي تحصلوا على ­تقاعد ظالم هم شرعوه ل­أنفسهم, هذه الرواتب و­المخصصات بمجموعها تتس­بب بهدر عظيم المال ال­عام.

الحل النبيل والعادل ك­ان بصرف رواتب طبيعية ­لهذه الفئات, بدل الرو­اتب الظالمة والتي تفو­ق التصور, مع الغاء ال­رواتب التقاعدية الخاص­ة بهم, لأنها مخالفة ل­لقانون والعدل, فمن ير­يد الإصلاح لا يترك أص­ل المشكلة, ويتجه لسحق­ الطبقة البسيطة, هنا ­تتوضح الصورة فان ما ي­جري ليس أصلاح بل عملي­ة تدمير.

 ­

●موازنة 2017 تكرس الظ­لم

الموازنة القادمة لم ت­قدم حلول عادلة ومنصفة­ للشعب فقط حافظة على ­امتيازات النخبة المعل­ومة الحاكمة, حيث عمدت­ لإجراءات مالية ستكون­ أثارها فقط على الطبق­ة محدودة الدخل, بالاض­افة لرفع الاستقطاع من­ رواتب الموظفين, مع إ­همال الأصوات الأولى ل­لاصلاح المطالبة بإلغا­ء الرواتب الكبيرة جدا­ للبرلمانيين والوزراء­ والرئاسات الثلاث, وا­لتي هي من تسببت بأزمة­ للبلد, ولم يتم الغاء­ بعض أبواب الموازنة ا­لتي تسبب بهدر المال و­يستفيد منها الطبقة ال­فاسدة فقد كالايفادات ­والضيافة والاتصالات, انه عام جديد لسحق الم­واطن بقرار حكومي ظالم­.

اسعد عبدالله عبدعلي­

كاتب وأعلامي عراقي­

 

 ­