جولات الحكيم وإعادة إنتاج التسوية التاريخية

آخر تحديث 2016-12-11 00:00:00 - المصدر: وكالة SNG الاخبارية

حمزة مصطفى
بعد الزيارة التي قام بها الى المملكة الاردنية الهاشمية آواخر الإسبوع الماضي بدأ رئيس التحالف الوطني وزعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم زيارة الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الأوساط المقربة من الحكيم تنفي أن تكون هذه الجولة المكوكية التي يمكن أن تقوده في مرحلة لاحقة الى جمهورية مصر العربية علاقة بملف ما بات يعرف “التسوية التاريخية”. ليس هذا فقط فإنه طبقا للشيخ حميد معلة الناطق الرسمي بإسم المجلس الأعلى وممثله في لجنة كتابة الرؤية الشيعية لورقة التسوية ليس هناك مصطلح ثابت بإسم “التسوية التاريخية” بل هناك تداول لمصطلحين هما التسوية الوطنية وهو الأرجح اوالتسوية السياسية. وبصرف النظر عن كون زيارتي الحكيم الى عمان وطهران له علاقة مباشرة بالتسوية أم غير مباشرة وهو ما سنلقي الضوء عليه فإن القول بلاتاريخية التسوية ومنحها البعدين الوطني والسياسي يتماثل مع بات يطرح بشأن المشمولين بهذه التسوية. فما إن تم تداول التسوية داخل الأوساط السياسية وعبروسائل الإعلام بدأ نوع من التراجع أوتصحيح المفاهيم بخصوص من تشملهم ولا تشملهم هذه التسوية الأمر الذي عكس خلافأ في وجهات النظر داخل مكونات التحالف الوطني التي لايريد أي منها ولم يتبق للانتخابات وقت طويل ان يتورط في حكاية “الملطخة أيديهم بدماء الشعب العراقي”. ولذلك فقد سارع الجميع الى التاكيد أن هذه التسوية لن تشمل هؤلاء وإنها ليست “تاريخية” بل سياسية أو وطنية والأهم من كل ذلك لاعلاقة للقاءات الحكيم بعمان بها ولا صلة بين زيارة الحكيم ولقاءات ممثل الامم المتحدة في العراق يان كوبيش بشخصيات بعضها ممن يصنف بـ “الملطخة أيديه بدماء العراقيين” بينما تشير اوساط الأمم المتحدة أن كوبيش تسلم نسخة من ورقة التسوية وإنه مكلف بنقلها الى مختلف الأوساط الملطخة ايديهم وغير الملطخة.
وبالعودة الى زيارتي الحكيم الى الأردن وإيران فإنه لايمكن لأي مراقب سياسي حتى لو كان مبتدئ في العلوم السياسية أن لايربط بين هاتين الزيارتين وملف التسوية. فالأردن بيئة ووعاء وحاضنة للعديد من الشخصيات المعارضة وهذا امر لايمكن التغاضي عنه كما إنها تقف الى جانب العراق في حربه ضد داعش لأنها لاتريد ان تكون الهدف الثاني بعد العراق. ولذلك فإن عمان لاتريد أن تمسك العصا من الوسط بقدر ما تريد توضيح مواقفها بإتحاه الوقوف مع العراق وهو ما يعني إنها مع العملية السياسية الحالية وترفض اية محاولة للمساس بها لكنها في المقابل تريد من الجانب العراقي تفهم موقفها بإحتضان سياسيين وجماعات سياسية معارضة بصرف النظرعن طبيعة هذه المعارضة للنظام السياسي في العراق.
أما طهران فهي مؤيدة تماما وداعمة وليس فيها معارضة ولكنها باتت تمثلة حاضنة للجميع بمن فيهم القيادات السياسية التي بدأت مرحلة تطبيع العلاقات مع إيران مثلما أن إيران من جهتها بدات تعتني بأهمية الإستماع الى وجهة نظر هذه القيادات.صحيح أن ذلك ادى الى إنشقاق داخل ما يسمى البيت السني لجهة أن المعارضين السنة المدعومين من دول ليست على علاقة وئام مع إيران وبالذات السعودية اوقطر وحتى تركيا لكنه في النهاية يصب في مصلحة تمتين العملية السياسية في العراق حيث كان ينظر الى إيران في السابق على إنها داعمة للبيت الشيعي فقط. وبالربط بين هذه المسائل كلها فإن زيارات الحكيم الى دول الجوار العربية والإسلامية يعني أن ملف التسوية سوف يطبخ على نار هادئة في الخارج ويعاد إنتاجه هناك ومن ثم يأتي شبه جاهز مع مساحة واسعة لقبول المختلفين بمن فيهم من يصنف على إنه من الأعداء للعملية السياسية وربما أيديه “نصف”ملطحختين وهو مايعني ان التسوية الحالية سوف تتقدم خطوات عما سبقها من مصالحات لم تنتج شئ على أرض الواقع بينما التسوية الجديدة سوف توسع دائرة قبول المختلفين وتحرج في مرحلة لاحقة من يريد الإستمرار في معارضة الفنادق التي قد يكون إعتاد عليها وبات من مصلحته تخريب أي جهد يصب في مصلحة الوطن طالما يتعارض مع مصلحته الشخصية.

2016-12-11