إيران فرع حلب

آخر تحديث 2016-12-16 00:00:00 - المصدر: القدس العربي

خمسة باصات انتظرت منذ ساعات الصباح الباكر في معبر الجاموسة الذي يربط بين شطري مدينة حلب. وكان مئات من سكان المدينة المحاصرة قد حزموا امتعتهم وعدوا اللحظات كي يغادروا المدينة من هناك بناء على اتفاق وقف النار الذي تحقق أول أمس بوساطة روسية وتركية. ولكن في السابعة صباحا، قبل لحظة من وصول الباص الاول ـ بدأ قصف وضع حدا لأملهم.
بدلا من الباصات التي كان يفترض بها أن تخلي الجرحى والمواطنين على ثلاث مراحل، جاء مقاتلو «القدس» من الحرس الثوري الإيراني إلى جانب دبابات جيش الأسد. وحسب شهادات السكان في الميدان، حرص الإيرانيون على تصفية الحسابات مع الثوار ولا سيما مع كل من اشتبه به بمساعدتهم ـ وانطلقوا في حملة قتل وسلب ونهب كبيرة. «العالم يجب أن يمنع المذبحة الدينية التي يقودها الإيرانيون»، صرخ ممثلو المتمردين في المدينة.
يتبين من التقارير الميدانية بأن جنود الجيش السوري، الحرس الثوري ومقاتلي حزب الله سيطروا على الممتلكات المهجورة، سلبوا ونهبوا، واطلقوا النار فقتلوا النازحين. وفي المعارضة السورية قالوا أمس ان عشرين امرأة انتحرن خشية اغتصابهن من قبل الميليشيات الشيعية. وروى أحد سكان المدينة بأن «النساء كن شاهدات عيان على الفظاعة التي اجتازتها رفيقاتهن، وفضلن أن يعفين أنفسهن من مصير مشابه». وافادت منظمات الاغاثة أمس بأن الف مواطن على الاقل محتجزون في الحواجز ولا يسمح لهم بالخروج من منطقة المعارك.
وظهر أمس، ومع استمرار القصف على الأحياء المحاصرة في حلب، اتهمت قوات الثوار التي باتت جاهزة لاخلاء المدينة نحو محافظة حلب، بأن إيران هي المسؤولة عن انهيار الاتفاق. فبأمر من قائد وحدة «القدس» الجنرال الإيراني قاسم سليماني اخترق الاتفاق في ظل اضافة إيران شرطين جديدين: مقابل اخلاء الثوار من حلب طالبوا بأن تحرر قوات الثوار في إدلب مئة رهينة إيرانيين ويسلموا قريتين في ضواحي إدلب سيطروا عليهما. اضافة إلى ذلك طلب الإيرانيون الغاء الاذن الذي اعطي لسكان شرق حلب بحمل السلاح. وحذروا من أن «كل ثائر يحمل السلاح هو مثابة قنبلة موقوتة».
وفي اثناء اليوم حاول الوسطاء الروس والاتراك اعادة الهدوء، وأمس في منتصف الليل، بعد محادثات ماراثونية مع قادة الثوار، تحقق اتفاق جديد لوقف النار واخلاء السكن من الاحياء المحاصرة في شرقي حلب. وحسب وقف النار الذي كان يفترض أن يدخل حيز التنفيذ فجر اليوم، يبدأ اخلاء السكان هذا الصباح في السادسة ويكون على ثلاث مراحل. وفي هذه الاثناء ينزل النازحون في معسكرات، بينما يتلقى الثوار المتبقون الاذن بحمل السلاح الشخصي «للحماية فقط».
أما الرئيس الأسد، الذي تلقى تعزيزا هاما لقوته من احتلال حلب، فقد أطلق في مقابلة أجراها معه التلفزيون الروسي رسالة مفاجئة للرئيس الأمريكي المنتخب: «اذا كان بوسع ترامب بصدق ان يقاتل ضد الإرهاب فإن بوسعه أن يكون شريكا طبيعيا لنا». وقال الأسد انه «متشجع» من تصريحات ترامب في أثناء الحملة عن نواياه للقتال ضد الإرهاب الإسلامي والتزامه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. وقال ان «خطابه في اثناء الحملة كان ايجابيا بالنسبة للإرهاب، وما تبقى لا يهمني، هذه شؤون أمريكية داخلية». ومع ذلك فقد هاجم تصريحات باقي زعماء الغرب الذين على حد قوله «يحرصون اكثر على انقاذ الإرهابيين وليس المدنيين». «لو احتل الحكم السوري (مدينة تدمر) في الغرب لاعربوا عن قلقهم على مواقع التراث. واذا حررنا حلب فإن الغرب والإعلام يهتمان بسلامة المدنيين. ولا يهتمان حين يقتل الإرهابيون المدنيين ويدمرون مواقع التراث العالمية».
وفي أرجاء اوروبا تواصلت امس مظاهرات التأييد ـ ولا سيما الرمزية ـ لسكان حلب: برج ايفل في باريس، على سبيل التضامن اطفأ أنواره لعدة دقائق.

سمدار بيري
يديعوت 15/12/2016