إيران تعرقل اتفاق روسيا وتركيا الخاص بحلب الشرقية: هل سينفجر الخلاف بين طهران وموسكو؟

آخر تحديث 2016-12-18 00:00:00 - المصدر: القدس العربي

«القدس العربي»: نفى عضو في «مجلس الشورى» لحركة «أحرار الشام « الإسلامية ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ أن «اتفاق اجلاء المدنيين والثوار من مدينة حلب المحاصرة يرتبط بإخراج أحد من الفوعة وكفريا، لا مدنيين ولا مقاتلين، من الميليشيات الشيعية المتواجدة في البلدتين المحاصرتين».
ووصف ما نقلته وسائل إعلام النظام عن دخول البلدتين في الاتفاق أنه «إشاعات يبثها النظام وإيران من أجل الضغط على روسيا بهدف اشراك البلدتين في الاتفاق».
وحصلت «القدس العربي» على نسخة من الاتفاق المكتوب الذي وقع من أربعة أطراف، هم روسيا والنظام والمعارضة والوسيط بينهما. حيث وقع عن الحكومة الروسية الجنرال فلاديمير سافتشنكو، بينما وقع عن مجلس قيادة حلب العسكري، مسؤول حركة «أحرار الشام» والمكلف بالتفاوض، الفاروق أبو بكر.
ونص الاتفاق، على أربع نقاط: خروج المسلحين مع السلاح الفردي، وخروج المدنيين والمسلحين الذين يرغبون بمغادرة حلب. كما تتكفل القوات الروسية والسورية بضمان سلامة خروجهم حتى عقدة الرقة (غرب حلب). وكذلك التعهد بوقف إطلاق النار من الطرفين أثناء خروج المسلحين، بضمان الفريق المفاوض ممثلا بالشيخ عمر رحمون.
وأكد الناطق الرسمي باسم «أحرار الشام»، أحمد قرة علي، صحة الاتفاق في حديث إلى «القدس العربي»، وقال: «نص الاتفاق صحيح، لكن تأخر يومين بسبب خلافات في الجانب الآخر». واتهم قرة علي إيران وميليشياتها بأنها «عرقلت الاتفاق للضغط على الفصائل الثورية في ملف كفريا والفوعة».
وعلمت «القدس العربي» من الفريق المفاوض أن روسيا والنظام رفضا خروج المدنيين إلى ريف حلب الشمالي عبر تل رفعت باتجاه الشمال، وقال ممثل القوات الروسية أننا أبلغنا أنقرة أن باستطاعتها نقل المدنيين أو المقاتلين إلى ريف حلب الشمالي عبر الأراضي التركية، كما تفعل مع فصائل «درع الفرات».
في السياق، قامت الميليشيات الإيرانية بعرقلة الاتفاق، أكثر من مرة، من خلال محاولة خرق بنوده وإطلاق نيران رشاشاتها الثقيلة على الأحياء المحاصرة. وتطور الغضب الإيراني ظهر يوم الجمعة، عندما قام مدنيون سوريون، ينحدرون من بلدات الفوعة وكفريا ونبل والزهراء، من قطع طريق الراموسة أمام قوافل الخارجين من الحصار. كذلك قامت الميليشيات الإيرانية باحتجاز نحو 700 مدني من الخارجين من حلب المحاصرة، في محاولة منها لفرض شروط جديدة على الاتفاق.
والشرط الجديد الذي وضعته إيران، بعد فشلها في ادراج ملف الفوعة وكفريا في عملية الإجلاء، هو الإفراج عن أسرى «حزب الله» وباقي الأسرى الإيرانيين الذين وقعوا في أسر فصائل المعارضة المسلحة، في ريف حلب الجنوبي والشيخ سعيد والكاستيلو والملاح سابقا. واتهم النظام فصائل المعارضة أنها حاولت نقل أسرى مع المدنيين في القوافل الخارجة من الأحياء المحاصرة، إضافة إلى تهريب السلاح الثقيل في السيارات الخاصة التي خرجوا بها.
الخلاف الإيراني – الروسي ظهر إلى العلن مجددا عندما هددت روسيا بقصف أي طرف من الأطراف يخرق الاتفاق، وأصرت إيران عبر قنواتها الإعلامية أن تروج خبر «اخلاء الجرحى والحالات الإنسانية» من الفوعة وكفريا، المحاصرتين من «جيش الفتح» منذ ربيع عام 2015، عندما سيطر هذا الجيش على أغلب محافظة إدلب، واستعصت عليه البلدتان.
والضغط الذي تمارسه إيران على جميع الأطراف، من أجل ربط ملف البلدتين، هو ضغط سياسي يندرج في إطار الصراع الهادئ بينها وبين روسيا على قيادة المعركة في سوريا. فجميع المراقبين يعلمون أن لا جرحى في المدينة التي لم تتعرض لقصف منذ سنة، عندما أقر اتفاق الفوعة – كفريا/ مضايا – الزبداني. حينذاك قامت إيران بإجلاء كامل أعداد الجرحى عبر طريق إدلب – باب الهوى، ومن ثم تم نقلهم من مطار انطاكيا جنوب تركيا إلى مطار بيروت.
ولو سلمنا جدلا بوجود أي جريح، لقامت إيران بمقايضة خروجه مقابل الأعداد الهائلة للمرضى والجرحى الذين يموتون في مضايا بسبب نقص المواد الطبية، والحصار المطبق على نحو 40 ألف مدني محاصر في البلدة الحدودية مع لبنان.
إضافة إلى قيام طيران النقل الجوي العسكري، التابع للنظام، بإلقاء الاحتياجات العسكرية والطبية بشكل أسبوعي ودائم في صناديق مثبتة بالمظلات، فـــوق الأراضــي الزراعية التي تسيطر عليها الميليشيات على أطراف الفوعة من الجهتين الشرقية والشمالية.
ومن الواضح أن إيران تريد أن تفهم الروس أنها القوة الضاربة على الأرض وهي المتحكمة بمجريات الأمور ميدانياً. فهي التي تدعم نحو أكثر من 60 ميليشيا شيعية استقدمتها من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان وغيرها من الدول التي تتواجد فيها الأقليات «الشيعية».
ولا شك أن القرار الذي توصل إليه الروس والأتراك منفردين، دون إشراك إيران فيه، أثار غضبها. وستعمل على عرقلته حتى آخر لحظة ان استطاعت.
في المقابل، فان روسيا لن تتحمل «الشغب» الإيراني كثيرا، وإذا ما استمرت عرقلة التفاهمات الروسية مع الآخرين فإنها حكما ستلجأ إلى رفع الغطاء الجوي عن العمليات العسكرية الجارية في حلب. لكن، بالطبع، سيكون القرار الروسي قد تأخر كثيراً قبل أن تدرك حجم الخديعة التي أوقعهم فيها الإيرانيون.