مصر: العشرون جنيها للدولار ترفع إنكسار الحالة النفسية الاجتماعية والاقتصادية

آخر تحديث 2016-12-21 00:00:00 - المصدر: القدس العربي

القاهرة – «القدس العربي» : ضمن حالة نفسية كارثية، شهد سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري أمس ارتفاعا جديدا بحوالى 50 قرشا في عدد من البنوك في منتصف التعاملات، ليصل أعلى سعر بيع إلى 19.75 جنيه وأعلى سعر شراء إلى 19.25 جنيه.
وتأثرا بارتفاع سعر صرف الدولار اليومي، شهدت أسعار عدد من السلع والمنتجات ارتفاعات جديدة، لتأتي تلك الارتفاعات ضمن سلسلة الزيادات المتكررة التي تشهدها جميع أنواع السلع في السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة وذلك منذ تحرير سعر الصرف ورفع التعريفة الجمركية، إلى جانب تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، فضلًا عن قيام بعض التجار بتخزين واحتكار السلع لتعطيش السوق ومن ثم إظهارها وبيعها بأسعار مضاعفة.
وتركزت الزيادات في المعكرونة والسكر والمياه المعدنية والمشغولات الذهبية، وسط توقعات بزيادة 40% في الأجهزة الكهربائية والمنزلية مثل الثلاجات وشاشات التليفزيون الذكية مطلع الشهر المقبل.
واشتكى عدد من المواطنين من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، خاصة السكر والأرز والزيت، علاوة على نقص تلك السلع من المنافذ الحكومية والخاصة خلال الفترة الأخيرة. فيما قال أحد المواطنين، مفضلا عدم ذكر اسمه، في تصريحات خاصة لـ« القدس العربي»، «إن ارتفاع الدولار هو السبب الرئيسي في تدهور الوضع الاقتصادي الحالي، وهو الذي يؤثر بدوره على ارتفاع الأسعار، ونقص السلع الغذائية ورفع سعر المعروض منها بنسبة لا تقل عن 100%»، موضحا أن «منافذ بيع السلع الاستهلاكية التابعة للحكومة نفسها لا يتواجد بها السلع وخاصة الأساسية كالزيت والسكر والأرز».
وأكد أن «ارتفاع الأسعار يعود بشكل سلبي على حال المواطنين وخاصة الفقراء، فالأسعار كل أسبوع في تزايد، فالأسبوع الماضي ارتفعت أسعار الدواجن واللحوم إلى أكثر من 20 %، وارتفع سعر السكر ليصبح سعر الكيلو الى 19 جنيه في الأحياء الشعبية في القاهرة، وارتفع سعر كيلو العدس الى 30 جنيها وهو الذي يعد الوجبة الأساسية هو والفول للبسطاء وارتفعت أيضا أسعار الأجهزة الكهربائية بنسبة 30% «، مطالبا الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد التجار الذين ينتهزون فرصة ارتفاع الدولار ومن ثم يرفعون الأسعار وبالتالي يزيد عبء المعيشة على المواطنين».
وعلى جانب آخر، قال يحيى كاسب، رئيس شعبة المواد الغذائية والبقالة في الغرف التجارية في الجيزة، في تصريحات تلفزيونية، «إن السبب وراء ارتفاع أسعار السلع والمنتجات يعود إلى  الدولة والمواطنين والإعلام والى ارتفاع الدولار، حيث أن الدولة أهملت توفير السلع الإستراتيجية ولم تراع تغيرات السوق واحتياجات المواطنين، كما حدث في الزيوت»، مشيراً إلى «أن الحكومة تعلم حدوث نقص في الزيوت خلال موسم الشتاء ومع ذلك الحكومة لم تراع ذلك، بالإضافة إلي إغفال الدولة إعادة تشغيل شركات إنتاج الزيوت المغلقة في ظل استيراد مصر 95% من الزيوت.
وأبدى كاسب، اندهاشه من تداعيات أزمة السكر في الأسواق رغم إنتاج مصر نحو 2.2 مليون طن في العام مع استيراد مليون طن فقط، ومع ذلك ارتفعت أسعار السكر لتصل إلى أكثر من 200%.
وأرجع رئيس شعبة المواد الغذائية في الغرف التجارية، السبب وراء أزمة ارتفاع الأسعار إلى المواطنين أيضاً، حيث يلجأ المواطنون إلى تخزين كميات أكبر من احتياجاتهم، مضيفاً أن السبب وراء استمرار أزمة السكر خوف المواطنين من عدم توافره مما يجعلهم يشترون أي كميات معروضة للتخزين مما يؤدي إلى عدم حصول كثير من المواطنين على السكر أيضاً.
فيما أكدت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذة الاقتصاد في جامعة عين شــــمس «أن الارتــفاع الكبير في سعر صرف الدولار ليتجاوز 19 جـــنيها، أمر متوقع بسبب غياب الإجــراءات الحكومية التي تؤمن استقرار العملة المحلية عـــقب قرار تـــحرير سعر الصرف «التعـــويم».
وأضافت الحماقي، في تصريحات لفضائية «صدى البلد»، «أن التعويم تم بدون وجود إجراءات لتأمين سعر الجنيه، في ظل تراجع حجم النقد الأجنبي من الإيرادات الاستثمارية والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، لذا كان من الطبيعي أن تحدث قفزات كبيرة في سعر النقد الأجنبي».
واستنكرت الحماقي عدم تطبيق قرارات المجلس الأعلى للاستثمار حتى اليوم، الإجراءات الخاصة بمنح إعفاءات مطلقة لأصحاب المصانع التي تنتج سلعا قادرة على حل محل المستورد، مما يخفف الضغط على النقد الأجنبي في ظل تزايد الخلافات بين وزارتي المالية والاستثمار حول هذا الأمر.
وأشارت الحماقي إلى «أن هناك تعطيلا لتطبيق قانون الاستثمار، والخلافات بين وزارات المجموعة الاقتصادية والضربة التي تلقتها السياحة مؤخرا بتفجيرات الكنيسة البطرسية، بعد أن بدأت تعود على استحياء كلها عوامل تقلل من الاستقرار الاقتصادي وتساهم في المزيد من الضغط على العملة المحلية».
وأوضحت «أن الرقم الذي وصل له سعر الدولار لا يعكس القيمة الحقيقية للدولار، ولكن به مبالغة بسب  الطلب الكبير، وأزمات الاقتصاد المصري والاحتياج المستمر للاستيراد، خاصة مع سوء الأداء الحكومي وغياب الإجراءات التأمينية لاستقرار سعر العملة المحلية مقابل الأجنبية».
ومن جهته، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، خلال مداخلة هاتفية على فضائية «LTC»، «ان ملامسة سعر الدولار في البنوك مبلغ 20 جنيهاً حاليا مع توقعات بـاستمرار الارتفاع قد يجعل البنك المركزي المصري الى اتخاذ خطوة من خلال طرح جزء من الاحتياطي النقدي لرفد السوق بالعملة الصعبة خصوصا مع اختفاء ســلع تــــجارية اساسية بينها الأدوية إثـــر عدم تــوفر الـــدولار لاســــتيراد مواد خــــــام» .
ووصف النحاس قرار تعويم الجنيه المصري بالقرار الخاطئ منذ البداية، مستشهدا بتجربة الصين بـخفض قيمة العملة المحلية غير ان سعر السلع لم ترتفع لاعتمادهم على الإنتاج لتلبية السوق المحلي ثم التصدير بعكس ما يجري في مصر .

مصر: العشرون جنيها للدولار ترفع إنكسار الحالة النفسية الاجتماعية والاقتصادية
وسط حقائق بشأن الارتفاع في الأسعار الغذائية
محمد علي عفيفي