الخزعلي.. معادلة المنتصرين والمهزومين

آخر تحديث 2016-12-25 00:00:00 - المصدر: الحشد الشعبي

نشر الأمين العام لحركة عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخز علي, اليوم الاحد,  في جريدة الصباح مقالا تحت عنوان” معادلة المنتصرين والمهزومين” وجاء فيه

كثيرة هي الحروب والصراعات التي شهدها العالم على مر تاريخه الطويل، ومن المؤكد ان لتلك الحروب والصراعات أسباب ودواعي مختلفة، قسم منها كانت اسبابها قضايا مبدئية وفق مفهوم الحق والباطل او الخير والشر، وقسم آخر كانت اسبابها اختلافات حول مصالح ومغانم.

وقد يتداخل السببان في صراع واحد، فينتصر احد الطرفين معنويا ويخسر عسكريا وقد ينتصر فيهما معا، ولكن صاحب القضية الحقة لا يخسر إثبات حقانية قضيته أبداً، حتى وان خسرها عسكريا، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى

في كتابه الكريم (ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل او يَغلب فسوف نُؤْتِيه أجرا عظيما) فيمكن لصاحب القضية الحقة ان يُقتل ولكنه لا يُغلب لأن عدوه لن يستطيع إثبات حقانية قضيته الباطلة على حساب القضية الحقة مهما اوغل في القتل او الاجرام، وهكذا كان جهاد الأنبياء والأولياء ومن أوضح القضايا قضية الإمام الحسين (عليه السلام) عندما يقال عنه انه انتصار الدم على السيف.

وبطبيعة الحال فان بلدنا العراق في زماننا الحاضر لا يختلف في حروبه وصراعاته عما تقدم، ومن هنا أخذ البعض ينظر ويطرح ما أسموه (معادلة المنتصرين والمهزومين)، وهذا البعض الذي ينتمي سياسيا وإيديولوجيا الى احد طرفي الصراع – وهو الطرف الخاسر في المعركة – افترض ان المنتصر هو الطرف الشيعي وانه يريد ان يطبق هذه المعادلة مع السنة كشعب او جمهور ويعاملهم كمهزومين وبالتالي يفرض عليهم شروطه ويطبق عليهم قراراته كما يحصل من اي طرف ينتصر في معركة.

واعتقد ان صاحب هذا الطرح يستهدف بالدرجة الأساس ان يعمد الطرف الشيعي الى إنكار هذه النتيجة او هذا التوصيف من حيث المبدأ ومن ثم وعند الدخول في اي مفاوضات او حدوث اي تطورات تتطلب إجراءات معينة، فيتم تذكير الطرف الشيعي (المتهم) بالانتصار بأنه يريد ان يجحف بالمكون السني اذا أراد ان يقدم على اي خطوة يراها ضرورية للوضع الأمني او الاجتماعي او السياسي وبالتالي فعليه ان يتراجع وان يقدم التنازل الذي يريده الطرف السياسي السني حتى يدفع عن نفسه هذه (التهمة).

اعتقد ان الجواب الصحيح الذي يجب ان نتفق عليه في التعامل مع هذا الطرح يتكون من مبدأين او قاعدتين:

الاولى: ان جميع أبناء شعبنا بمختلف المكونات كانوا خاسرين من المرحلة التي مرت بِنَا والاحداث التي حصلت فيها، وبالتالي فان الشعب كله كان هو الطرف المتضرر من صراع الإرادات والمشاريع السياسية.

الثانية: يجب ان نعلم بأنه فعلا هناك صراع بل حرب بين الأطراف السياسية كانت في جزء منها حربا قذرة لم تراع فيها اي اعتبارات وطنية او إنسانية او شرعية ، وان هذه الأطراف كان قسم منها يراهن بل يعمل على إسقاط العملية السياسية وانهاء الحكم السياسي الحالي وان يستلم هو زمام الأمور ويمتلك السلطة ، وان هذا القسم استعمل الأدوات التالية لتحقيق هدفه:

-1 الخطاب والتأجيج الطائفي.

-2 الاتفاق او تسهيل او السماح (باختلاف الأطراف والشخصيات السياسية) للجهات المسلحة (التي كانوا يسمونهم بالثوار) بالدخول ومواجهة الجيش العراقي والاجهزة الأمنية الاخرى.

-3 العمالة والتخابر مع دول اخرى في تنفيذ مشاريع الإضرار بالوضع السياسي.

اعتقد بشكل واضح اننا يجب ان نسمي الأشياء بمسمياتها مع ملاحظة ما تقدم في النقطتين أعلاه ونعي جيدا اننا (اي المنتصرون) قد دخلنا في حرب حقيقية لم ننتهِ منها ومن تداعياتها الى الآن، وأننا قد غدر بِنَا في بداية الحرب عندما أُعدم المئات من شبابنا، إذ كان للشيعة حصة الأسد في مجزرة سبايكر وغيرها، وسُبيت الآلاف من نسائنا دفع الايزيديون الضريبة الأكبر فيها ، ونزح وهاجر الملايين من أبناء شعبنا وأكثرهم من المكون السني مضافا الى التركمان والشبك والايزيديين والمسيحيين، ورجالات هؤلاء هم من يستحقون وبجدارة ان يكونوا الطرف المنتصر في المعادلة، سواء كانوا من السياسيين الذين وقفوا الموقف الوطني الواضح في رفض التقسيم والفتنة الطائفية ورفض التدخل الأجنبي، او الذين تصدوا عسكريا للطرف الآخر عندما قاتلوا في الحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة.

ومن ثم استطعنا امتصاص زخم العدو عندما كان في ذروة وهجه وقوته وانتقلنا من مرحلة الدفاع الى الهجوم وقدمنا الآلاف من الشهداء اغلبهم من الشباب كتضحيات من اجل الانتصار في هذه الحرب المفروضة.

أيها الإخوة فعلا يجب ان نؤمن بأننا دخلنا حربا ضروسا قاسية مع طرف سياسي متدني في أخلاقياته ووحشي في افعاله، وأنها كانت حربا بكل معنى الكلمة جنود وآليات وطائرات، شهداء وجرحى وأسرى، قتل وتهجير واغتصاب، الم ومعاناة وحزن، أيتام وأرامل وثواكل، ماذا تحتاج الحرب اكثر حتى تكون حربا بل انها حرب بامتياز بل انها حرب من نوع خاص وفريد، بل انها حرب كادت أن تكون او كانت حربا عالمية.

والسؤال هو: اننا كنّا نحارب من؟ نحارب مجموعة من القذرين المتخلفين! هل يملك هؤلاء قدرة وإمكانية ان يحققوا ما حققوه عندما احتلوا هذه المساحات الواسعة من دولتين كبيرتين مهمتين هما العراق وسوريا؟! هل يمتلك هؤلاء بمفردهم القدرة على إيصال هذا العدد من المتطوعين من قارات العالم لأرض المعركة ويتجاوزون حدود بلدان العالم التي عبروها مرورا بتركيا؟! هل يستطيع هؤلاء بمفردهم ان يستخرجوا نفط هاتين الدولتين ويبيعونه الى العالم؟! هل وهل وهل؟!.

من يتصور اننا كنّا نحارب داعش فقط فهذا

واهم أشد الوهم او هو بسيط في تفكيره بل

ساذج الى درجة قياسية. داعش لم يكن

المراد منه ان يكون اكثر من اداة عسكرية

لتحقيق إرادة المشروع السياسي بأطرافه المحلية والإقليمية والدولية ، وان مبدأ (لا غالب ولا مغلوب) هو تنازل بلا داعي لطرف لم يكن ليرحمنا أصلا لو انه حقق اي انتصار في مشروعه ولو كان

بسيطا.

إذن نحن حقيقة قاتلنا هذا المشروع ويجب ان نعي اننا انتصرنا عليه وبدون تردد ويجب ان يعترف هو بخسارته وانه لا يحق له بعد الآن ان يتطاول بلسانه او يشخص بعينيه او يرفع رأسه امام من انتصر عليه بشرف، هذه هي معادلة المنتصرين والمهزومين التي يريد منا البعض ان ننكرها ونرفضها، المعادلة التي تحققت بدماء شهدائها وآلام جرحاها وأنين سباياها ومعاناة نازحيها فلا تضيعوها يا قادتها بأوهام العيش المشترك مع الأفاعي والمصالحة مع الذئاب.

*الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق