مكرمة أوباما الوداعية “لإسرائيل” لامعنى لها

آخر تحديث 2016-12-26 00:00:00 - المصدر: وكالة SNG الاخبارية

في العالم 26 ديسمبر, 2016 4 زيارة

بلاط رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والناطقين باسم اليمين الإسرائيلي، صبّوا الكثير من الأوصاف المشينة بحق الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، الذي أفسح المجال أمام تبني مجلس الأمن الدولي للقرار 2324 ضد المستوطنات الإسرائيلية في المناطق (الفلسطينية). والإهانة والغضب اللذين يجري الحديث عنهما غير مبررَين: فمع نهاية ولايته فإن أوباما يستحق عضوية الشرف في “ييشع” (مجلس مستوطنات الضفة العربية) وفي مركز الليكود. وتأييده الأخير لقرار مجلس الأمن، قبل هنيهة قصيرة من قيامه بجمع متاعه وتسليم البيت الأبيض لدونالد ترامب، يسم جيداً سنوات ولايتيه الثمان، والتي امتازت بالقضاء على الجهد الأمريكي لإنهاء النزاع الإسرائيلي – العربي وإحلال السلام.

لقد استلم أوباما مهام منصبه وهو يطلق تصريحات مرتفعة ضد الاستيطان، ولقّب في ذلك الوقت السلام الإسرائيلي الفلسطيني بـ “المصلحة الأمريكية”. إلا أنه باستثناء بعض الخطوات الجزئية، التي لم تثمر أي شيء، وخطاباته عديمة الفائدة، لم يضع ولو لمرة واحدة وزنه الرئاسي بالكامل من أجل تطبيق “حل الدولتين”. ففي ولايته الأولى عيّن أوباما جورج ميتشل كموفد خاص له للشرق الأوسط، وفرض على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تجميداً مؤقتاً للبناء في المستوطنات. وفي الولاية الثانية تم إرسال وزير الخارجية جون كيري لإجراء مباحثات عقيمة مع كل من نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وعندما فشل هذا الجهد أيضاً، قام أوباما بطي الراية واكتفى بتوجيه توبيخات علنية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في أعقاب نشر التقارير عن توسيع عمليات البناء في المستوطنات.

إن وقف الاحتلال وإنهاء النزاع هما قبل كل شيء مصلحة إسرائيلية وفلسطينية، وليست أمريكية. ولكن توجد للولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية بوصفها الدولة الأعظم في العالم، الملتزمة قولاً وعملاً بأمن إسرائيل وبوضع الأسس لاستقلال فلسطين. وكانت التوقعات والآمال المنتظرة من أوباما كبيرة جداً، وذلك لأنه يمثل حقوق الإنسان والاهتمام بالضعفاء. إلا أنه وبدلاً من أن يفعل ما يبرر الحصول على جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها في بداية ولايته، قام أوباما بالتخلي عن الجهود التي بذلها سابقوه منذ عام 1967 للمساعدة على حل النزاع، وأحجم عن الإقدام على مخاطرات سياسية.

إن مكرمة أوباما الوداعية في مجلس الأمن لا تشذ عن الأسلوب الذي ميز سياسته حتى اليوم. فقد تجرأ أوباما على مواجهة نتنياهو فقط من وراء السور الواقي الخاص بالفترة الانتقالية الرئاسية، والتي تكون تصرفات الرئيس فيها متحررة من أية اعتبارات سياسية. وحزبه قد خسر الانتخابات أصلاً وهو لن يكون مطالباً بتنفيذ القرار.

وإدارة ترامب القادمة ستكون طليقة اليدين من أي التزام علني لحل الدولتين أو للجم المستوطنات. والمقربون من الرئيس الجديد، وفي مقدمتهم السفير القادم في إسرائيل، يؤيدون سياسة الضم الخاصة بحكومة بينيت – نتنياهو. وكان زعيم حزب البيت اليهودي قد أعلن أنه قد آن الأوان لتنفيذ مبادرته لضم “المناطق ج” في الضفة الغربية. وقرار مجلس الأمن سيشجع اليمين الإسرائيلي على “معاندة الأمم المتحدة” ووضع المزيد من الحقائق الوخيمة على الأرض.

لذلك يجب عدم الانفعال والإعجاب بالشجاعة السياسية، الظاهرية، التي أبداها أوباما مع إسدال الستار على رئاسته. فقد تم إهدار سنوات رئاسته الثمان بالأحاديث الفارغة، في الوقت الذي كانت تقوم فيه حكومة اليمين الإسرائيلية بتسريع عملية الاستيطان، وواصلت شطب الخط الأخضر. لقد وعد أوباما بإنهاء الاحتلال إلا أنه بتردده عن الإقدام على المخاطرات السياسية وعن خطوات ضعيفة الأمل، وضع حجر الأساس للدولة الواحدة.