كثر اللغط والكلام، عن التسوية الوطنية، التي كانت نتاج التحالف الوطني، حيث بين التحالف، وعلى لسان رئيسه السيد عمار الحكيم، وفي أكثر من مناسبة، على أن هذه الوثيقة، إجراء سياسي لمرحلة ما بعد داعش، حيث يبدو إن هنالك هزات سياسية إرتدادية، سوف تلقي بظلالها، على سائر العملية السياسية، والتحول بحسب المعطيات، الى مرحلة جديدة، سوف تكون بسلاح ذو حدين، إذا لم يتم التعامل مع تلك المرحلة بعقلنة وواقعية، فإن العراق سوف يعود للمربع الأول، وتعمه فوضى عارمة. السؤال الذي يتبادر لكل المراقبين، هل المبادرة التي أطلقها التحالف الوطني، كانت فردية الإنتاج والتصدير؟ أم مررت عبر الهيئات الثلاث، القيادية والسياسية والعامة؟ التي تمثل النسيج التكويني للتحالف الوطني، لقد ولدت وثيقة التسوية الوطنية، بعد أن حازت على ثقة التحالف بأغلبيته، وعبر عدة إجتماعات، فخرجت بمبادئ عامة، تمثل خارطة الطريق للمرحلة القادمة، على أن يتم إشراك الأمم المتحدة، لتكون شاهدا" على ما سيتم الإتفاق عليه، بين المكونات السياسية العراقية، وتكون الأمم المتحدة، مسوقا" لهذه التسوية، داخليا" وخارجيا". لذا من الغرابة أن نشاهد، بعض ساسة التحالف الوطني، يبين إمتعاضه من هذه الوثيقة، عبر وسائل الإعلام، بعد أن تمت الموافقة عليها، وحسمت دون رجعة، على الأقل داخل أروقة التحالف الوطني، حيث أظهروا تخوفهم من أمور محددة، الغريب إن تلك الأمور، قد بينت ومن خلال المبادئ العامة لوثيقة التسوية، إنه لا عودة للبعث وشخوصه، وليس هنالك إي حوار أو تفاوض، مع الفصائل الإرهابية المسلحة، ولا مع الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين. ثم لماذا هذه الضجة التي أرعبت الشارع؟ وكلنا يعلم إن التسوية، لم تكن ملزمة لأي طرف، دون أن يوافق عليها، ثم إن هذه الوثيقة، خرجت من التحالف بمبادئ عامة، أي بخطوط عريضة دون التفاصيل، أي إنها لم تصل إلى مرحلة النضوج، حيث سلمت لكل الكيانات السياسية، الداخلة في العملية السياسية، بل تعداها لبعض المكونات، غير المشتركة في تشكيل الحكومة الحالية، لإنضاج مشروع الدولة، الذي نفتقده لحد إلان، وهنا يتبين لنا إن تخوف الساسة ليس له من سبب. ودعنا نفترض، إن ما يتخوف منه بعض الساسة، وحسب قاعدة فرض المحال ليس بمحال، أي إن بعض الاحزاب، سوف تعمد بإقتراح أسماء او مكونات، محضورة حسب الدستور العراقي، وبعض القوانين المقرة، هل تستطيع تلك القوى، أن تلزم التحالف بقبولهم؟ من المؤكد لا! وهل الموافقة على مقترحات تلك الكيانات والأحزاب السياسية، يكون عبر السيد عمار الحكيم، بصفته رئيسا" للتحالف، أم يتم التشاور بين كل مكونات التحالف؟ قطعا" وحسب النظام الداخلي للتحالف الوطني، إن الرأي سوف يكون تشاوريا"، هنا تزول كل التخوفات. أقول للذين يريدون، أن يقدموا المصالحة المجتمعية، على التسوية الوطنية، إن مشاكل المجتمع، من فقدان الأمن، وتدهور التعليم والصحة والأقتصاد، كل ذلك كان بسبب التناحر السياسي، الذي بينكم، وكوننا بلد عشائري، وتقريب للمشهد السياسي، لو أن هنالك خلاف بين قبيلتين، كيف يسوى الخلاف، نذهب إلى أبناء القبيلتين ونجمعهم، ثم يتصالحون، وهذا الحل صعب مستصعب، أم يجلس شيخا القبيلتين! وبمجرد التصارح والتصالح بينهما، ينتهي الخلاف وتسوى الأمور تماما"، عليه إذا ما تصارحوا الساسة، وتم تسوية خلافاتهم، فأعلموا إن المصالحة المجتمعية، ستكون تحصيل حاصل للتسوية الوطنية، وكفى الله المسلمين شر القتال.