مبادرة الحكيم تصطدم بـ"التفاصيل السُّنيّة".. والدعوة يعكف على مشروع بديل
المدى برس/ بغداد
يسير رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم وائتلاف دولة القانون باتجاه ترتيب الأوضاع لما بعد داعش لكن بخطين متوازيين قد لايلتقيان في النهاية.
فالائتلاف الذي يقوده حزب الدعوة، وبحسب قياداته، يعكف على إعداد مشروع لـ"مصالحة مجتمعية" ستكون بديلا عن "التسوية السياسية".
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد ألمح، في أكثر من مناسبة، إلى المشروع البديل. وينتظر ائتلاف دولة القانون تغيير أغلب القيادات السُّنيّة الحالية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ليبدأ بالتفاوض وتقديم "تنازلات" لشخصيات يُعتقد بأنها ستكون أكثر انسجاماً مع مواقفه من الطبقة الحالية.
في موازاة ذلك ما زال الحكيم يطوف بورقته بين أروقة القوى السياسية السُنية والدول الاقليمية من دون ان تتضح نتائج هذه الزيارات.
لكن أوساط رئيس التحالف الوطني تؤكد نجاحه بإقناع الجميع، مشيرين الى اختيار يوم تحرير الموصل لإعلان "التسوية" بشكل رسمي.
وتبدو القوى السُنية قد نجحت في مغادرة خلافاتها، لا سيما بعد الزيارة التي قام بها قادتها الى الاردن. وظهر خطاب القيادات السنية متناغما الى حد كبير خلال الاجتماع الاخير الذي عقدوه مع وفد التحالف الوطني في منزل رئيس البرلمان سليم الجبوري.
واشترط اتحاد القوى، خلال الاجتماع، على الحكيم تنفيذ بعض "الاجراءات الاستباقية" قبل الموافقة على التسوية. وتطالب الاطراف السنية توسيع مظلمة ضامني "التسوية"، لتشمل مجلس الامن.
لكن ائتلاف دولة القانون يؤكد أن الحكيم غير قادر على إعطاء "ضمانات" لوحده، لا سيما أن زعيم التيار الصدري قد خلط الاوراق على طاولة الحكيم، عندما أعلن تحفظه على مشروع التسوية.
وكرر الصدر، في اجتماعه مع رئيس الحكومة، رفضه "التصالح مع القتلة"، مكرراً مواقف سابقة له حول "التسوية" في معرض رده على أسئلة بعض أتباعه.
وأقر التحالف الوطني مشروع التسوية قبل شهرين، وتم عرضه على الهيئة القيادية والسياسية للتحالف، فضلا عن الهيئة العامة. وكانت الأمم المتحدة قد تعهدت بحماية الاتفاق "السياسي- المجتمعي"، ومعاقبة أي طرف داخلي أو خارجي يحاول عرقلة إعلانه. وتعتمد "التسوية" على وثيقة سابقة للسلم الأهلي أطلقها رئيس المجلس الاعلى العام الماضي.
الحكيم وحيداً
ويرجح قيادي في حزب الدعوة عدم مبادرة الحكيم بسبب معارضة كل الاطراف الشيعية للمشروع.
وقال القيادي لـ(المدى)، مشترطا عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات، ان "الحكيم هو الوحيد الذي يدافع عن مشروع التسوية"، ورأى ان دوافع الاخير "انتخابية ومحاولات لقيادة الشيعة".
وكشف القيادي في حزب الدعوة عن مشروع يعد له ائتلاف دولة القانون "بعيدا عن التسوية يتضمن مصالحة مجتمعية لمرحلة ما بعد داعش".
وكان رئيس الوزراء العبادي قد أكد، خلال احتفالية تأسيس حزب الدعوة، قبل أسبوعين، أن "المصالحة المجتمعية ستنطلق بعد تحرير الموصل مباشرة". وعاد العبادي، قبل ايام قليلة، لتكرار موقفه بأنّ "أفضل رد على تنظيم داعش هو المصالحة المجتمعية".
ويؤكد القيادي والنائب عن دولة القانون أن كتلته تنتظر انتخابات البرلمان في 2018، لتعلن عن مشروعها، عازياً ذلك الى "رغبة الائتلاف بالشراكة مع وجوه سُنية جديدة".
ويتوقع النائب ان "تغيير الانتخابات المقبلة 60% من الشخصيات السُنية الحالية، بآخرين ممن يؤمنون بالعملية السياسية والمقاتلين ضمن الحشد العشائري".
ويقول القيادي في حزب الدعوة "في ذلك الوقت فقط سنكون مستعدين للتنازل"، مؤكدا ان "دولة القانون ليست بحاجة اليوم او غدا لقوى سُنية خارج العراق لاتؤمن بتغييرات 2003".
وكرر نواب من حزب الدعوة رفضهم ان تشمل التسوية السياسية وزير المالية السابق رافع العيساوي، وخميس الخنجر، ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي.
السُّنة بعد لقاء عمّان
وفي السياق ذاته، يؤكد النائب صلاح الجبوري، عضو اتحاد القوى العراقية، ان كتلته متفقة على التسوية لكنها بحاجة الى الوقت لاكمال كتابة ورقتها.
وقال الجبوري في حديث لـ(المدى) امس، ان "اتحاد القوى طلب من التحالف الوطني، في الاجتماع الاخير بمنزل رئيس البرلمان، ان يمنحه المزيد من الوقت لاستكمال كتابة ورقة تمثل رأي المكون في إدارة الدولة بعد مرحلة داعش"، لكنه لم يحدد موعداً نهائيا لتقديم الورقة السنية.
وأوضح عضو اتحاد القوى ان "أبرز ملامح الورقة السُنية ستتضمن التحول من السلطة الى الدولة المدنية، وحفظ التوازن، كما تشترط تدخل مجلس الامن والاتحاد الاوروبي بالاضافة الى يونامي كضامنين لتنفيذ التسوية".
وتشتكي القوى السنية من عدم الايفاء بتنفيذ اتفاقيات أُبرمت لمراعاة التوازن في العملية السياسية وآخرها "الورقة الوطنية"، التي بموجبها حكومة العبادي نهاية 2014.
هذه الشكوك دفعت القوى السُّنية الى مطالبة الحكيم، خلال الاجتماع الاخير، برسائل اطمئنان قبل البدء بمشروع التسوية السياسية.
وتشمل هذه المطالبة، بحسب النائب صلاح الجبوري، "إعادة النازحين الى مناطق مثل جرف الصخر، ويثرب، وآمرلي وغيرها، بالاضافة الى كشف مصير عدد من المختطفين والمعتقلين"، وقضايا اخرى قال الجبوري انه سيعلن عنها في وقت لاحق.
وأكد عضو اتحاد القوى ان رئيس التحالف الوطني وعدهم بنقل تلك الطلبات الى الحكومة ،لأنها "إجراءات تنفيذية".
لكن قيادات في دولة القانون ذكرت لـ(المدى) ان "الحكيم لايمكنه إعطاء وعود لأي طرف من دون موافقة جميع أطراف التحالف".
وكان أسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، وصالح المطلك، رئيس ائتلاف العربية، اول من تحدث عن هذه الشروط، التي أعلن عنها اتحاد القوى، قبل زيارتهما الاخيرة الى العاصمة الاردنية عمّان ولقائهما بالعاهل الاردني.
الخشية من التفاصيل
إلى ذلك، يرى محمد المياحي، القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي، ان اهم ما تمخض عنه اجتماع منزل الجبوري هو "اعتراف الجميع بضرورة التسوية السياسية لمرحلة ما بعد داعش".
واضاف المياحي، في تصريح لـ(المدى)، ان "وفد التحالف الوطني برئاسة الحكيم ساهم بإذابة الجليد وإزالة المخاوف التي أثيرت بعد إقرار قانون الحشد الشعبي".
وتابع القيادي في المجلس الاعلى ان "اتحاد القوى يرغب بإعداد ورقة تمثل رؤيته لعراق ما بعد مرحلة داعش"، مؤكدا ان "آراء الطرفين غير متقاطعة في الخطوط العريضة، لكنّ الاختلافات تكمن ببعض التفاصيل".
وأشار المياحي الى ان "هناك 5 مراحل لتنفيذ التسوية"، مطالبا تحالف القوى بالقول "لنترك التفاصيل الآن، لتنفيذها في المراحل المقبلة، ولنمضي اليوم بالتوقيع على التسوية".
وستتضمن مراحل تنفيذ التسوية، تشريع عدة قانونين، وإصدار قرارات، وإجراءات حكومية. ويؤكد القيادي في المجلس الأعلى ان "اشتراطات القوى السُنية، في الاجتماع الاخير، تحتاج الى موافقة الحكومة، وعليهم ان يدركوا أن هذه المطالب تنفيذية، ولا يمكن تحقيقها بالكامل".
ويكشف المياحي ان "ورقة التسوية ستعلن في أول يوم أو أسبوع بعد تحرير الموصل بشكل كامل من داعش"، عازيا ذلك الى ان "أساس التسوية هو لترتيب الاوضاع في البلاد بعد زوال التنظيمات الإرهابية".
من..وائل نعمة