المخابرات العراقية تحبط مخططاً "داعشياً" لاستهداف قاعدة "انجرليك"

آخر تحديث 2017-01-03 00:00:00 - المصدر: المدى برس

المخابرات العراقية تحبط مخططاً "داعشياً" لاستهداف قاعدة "انجرليك"

 

المدى برس/ بغداد

أحبطت المخابرات العراقية، مخططاً أعده (داعش) لاستهداف قاعدة انجرليك التركية التي يستعملها التحالف الدولي والقوات الأميركية في مهاجمة مواقعه بالعراق وسوريا، وتمكن من اعتقال المهندس الموصلي المكلف بجمع المعلومات عنها في مطار اتاتورك بمدينة اسطنبول التركية، قبل سفره إلى السودان، وإحالته إلى القضاء لينال الجزاء العادل الذي يستحقه.  

فقد كشف المهندس المدعو أبو اسامة، الموقوف على ذمة محكمة التحقيق المركزية في بغداد، بحسب ما أوردت جريدة (القضاء) التي تصدرها السلطة القضائية، اليوم الثلاثاء، وتابعته (المدى برس)، عن مخطط أعده (داعش) لاستهداف قاعدة (انجرليك)، مؤكداً تلقيه توجيهات بمراقبتها وتهيئة أماكن للانتحاريين المكلفين بمهاجمتها كونها مقراً لانطلاق غارات التحالف الدولي على التنظيم، وفي حين أقر بإعداده خارطة للطرق المؤدية إلى المقرّ العسكري شديد التحصين بواسطة نظام حديث للرسم الالكتروني تدرب عليه في ألمانيا، بين أن التنظيم الإرهابي طلب منه السهر يومياً في الملاهي وإقامة العلاقات مع فتيات الهوى لإبعاد الشبهات عنه قبل الشروع بالعملية.

وقال أبو أسامة، الذي أحكم جهاز المخابرات العراقي قبضته عليه في مطار اتاتورك، في عملية نوعية، إن "بداية حياتي المهنية كانت بعد تخرجي من دراسة الهندسة المدنية من جامعة الموصل، حيث التحقت بشركة ألمانية لهندسة الطرق والجسور في المدينة"، مشيراً إلى أن "تفوقي في مجال عملي شجع مهندسي الشركة على إرسالي إلى ألمانيا للتعلم على أنظمة الرسم المتطورة لاسيما التي تتم بواسطة الحاسوب".

وأضاف أبو أسامة، أن "سيطرة التنظيم المتشدد فتحت صفحة جديدة في حياتي"، مبيناً أن "ما يعرف بالخليفة أبو بكر البغدادي أرسل بخطبة صوتية دعا فيها كفاءات أهل الموصل إلى الالتحاق بمؤسسات دولة الخلافة، وذلك قبل احتلال التنظيم للمدينة وبالتزامن مع التظاهرات التي شهدتها، حيث شعر الجميع بأن الموصل على وشك الوقوع بيد تنظيم داعش".

وأوضح المهندس المتهم، لقد "بقيت عاطلاً عن العمل لنحو عام ونصف، لأن جميع الشركات الأجنبية غادرت المحافظة، وبعدها قرّرت الالتحاق بداعش"، لافتاً إلى أن "المشمولين بالانضمام إلى ديوان التطوير التابع لداعش كانوا نحو 15 شخصاً، جرى وضع غطاء على رؤوسنا لكي لا نستدل على الطريق الذي تم اخذنا عبره بواسطة حافلة".

وذكر أبو اسامة، أن "الانضمام للتنظيم حصل في أحد الجوامع المعروفة في الموصل"، وتابع أن "عدداً من المتقدمين كانوا معي جرى توزيعهم على الدواوين بحسب الاختصاص".

وأوضح المتهم، أن "المشرف على توزيع المتقدمين كاّن ضابطاً كبيراً في الجيش السابق يرتدي الزي المعروف بالقندهاري، وعندما علم بخبرتي وجّه بانضمامي إلى ديوان التطوير"، لافتا الى أن "المواد الأولية لمتفجرات العبوات كانت تأتي من مدينة المنبج السورية في صناديق مغلقة، حيث تعلمت وضع المتفجرات في الصواريخ وكيفية جعلها جاهزة للانطلاق وكيفية تعاملها مع الحزم الهوائية بغية الوصول إلى أهدافها".

وومضى المهندس المتهم، قائلاً، إن "الطريق إلى الهدف الذي توجهنا إليه لم يكن طويلاً وبمجرد وصولنا ورفع الغطاء من رأسي علمت أنني داخل جامعة الموصل كوني درست فيها وأعرف أروقتها جيداً"، مضيفاً أن "الدراسة استمرت لثلاثة أشهر، تعلمنا خلالها طريقة صناعة الصواريخ والعبوات، حيث حول التنظيم العديد من أبنية الجامعة إلى مقرات للتصنيع وورش للتفخيخ".

وذكر، المتهم، أن "التنظيم أرسل لي في البداية 15 ألف دولار، وأبلغني بضرورة السهر يومياً في الملاهي وإقامة علاقات غرامية مع فتيات الهوى، والبحث عن عمل جديد"، مبيناً أن "مسؤول ديوان التطوير أمرني بالذهاب إلى مدينة الرقة السورية والمكوث في أحد فنادقها التابعة للتنظيم وأبلغني بضرورة عدم التحدث لأحد".

وأكد أبو أسامة، أن "التنظيم لم يبلغني بالواجب الذي يفكر بتكليفي به، سوى أنني اتحدث مع مسؤولي من خلال أحد محال الانترنت في الرقة يومين في الأسبوع"، مشيراً إلى أن "توجيهات غريبة صدرت لي بالانتقال عبر الحدود إلى تركيا بنحو غير مشروع، والعيش فيها كشخص طائش غير ملتزم دينياً وأخلاقياً بغية إبعاد الشبهات عني".

وواصل المهندس المتهم، لقد "قمت بعمليات مراقبة يومية لقاعدة انجرليك والتجوال بالقرب منها بحجة البحث عن دار للسكن في المنطقة"، متابعا أن "يومي كان عبارة عن عمل في مكتب للعقارات صباحاً، والسهر في النوادي الليلية والعودة ثملاً قبل الفجر إلى المنزل حيث كنت أعيش مع زوجتي وأولادي لإبعاد الشبهة عني بأنني أعمل لصالح داعش".

وتابع أبو اسامة، أن "بقائي في تركيا استغرق لأكثر من ستة أشهر تنقلت بين مناطق عدة كانت آخرها مدينة أضنة على ساحل البحر الأبيض المتوسط"، وأن "قوة تركية ألقت القبض عليّ في إحدى المرات وسألتني عن سبب تواجدي  في أضنة فتذرعت ببحثي عن عمل وجرى إطلاق سراحي، وأبلغت المسؤولين في التنظيم بأن المخطط سيكشف".

وافاد المتهم، بأن "علاقتي مع أمير ديوان التطوير انقطعت وتقرّر ربطي مع أمير ديوان الجند (الحرب)، الذي أبلغني أن الواجب يتعلق برصد قاعدة انجرليك الأميركية بغية استهدافها"، مبيناً أن "معلومات حصلت عليها من أحد الأتراك عن عدد الجنود المتواجدين فيها، حيث توصلت إلى أن للقاعدة منفذين أحدهما يقع بالقرب من مجمع للمنازل المتنقلة (كرفانات) التي نويت استئجار أحداها لتكون منطلقاً للانتحاريين الذين سيهاجمون القاعدة العسكرية".

وذكر أبو اسامة، لقد "أعددت ملفاً كاملاً عن القاعدة الجوية وأبعادها ومساحات الطرق المؤدية إليها بواسطة النظام الحسابي المتطور الذي سبق أن تدربت عليه في ألمانيا، وأرسلته إلى مسؤول ديوان الجند في الموصل"، عازياً سبب اختيار القاعدة، إلى أن "التحالف الدولي كان يستخدمها في شن غارات جوية ضد عناصر التنظيم في الموصل فأردنا تخفيف جزء من الضغط لاسيما أن القوات العسكرية العراقية تحرز تقدماً كبيراً على الأرض".

وأكمل المهندس المتهم، أن "أوامر صدرت بالانتقال إلى ولاية جنوب أفريقيا على وجه السرعة من خلال العاصمة السودانية الخرطوم، وقبل ركوب الطائرة في مطار اتاتورك جرى القبض عليّ وإعادتي إلى بغداد نهاية العام 2016 المنصرم".

يذكر أن علمية بناء القاعدة بدأت في ضاحية انجرليك بمدينة أضنة، جنوب شرقي تركيا، تحت إشراف أميركي، عام 1951، وانتهت بعد ثلاث سنوات، وشكلت نقطة انطلاق للعديد من الحملات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم طوال عقود، فضلا عن استعمالها من قبل الأميركيين كمركز تخزين إقليمي.

وقد اتفقت تركيا وأميركا عام 1954، على الاستعمال المشترك لقاعدة انجرليك، التي أطلق عليها في البداية اسم " قاعدة أضنة الجوية"، ليتغير لاحقا إلى الاسم الحالي الذي يعني "شجرة التين" بالتركية.

ويسهّل موقع القاعدة المهام أمام الطائرات التي تقلع منها، فهي قريبة من روسيا (الاتحاد السوفيتي سابقا)، وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، إذ لا تبعد انجرليك سوى  100 كم من الحدود السورية، ونحو 30 كم من البحر الأبيض المتوسط.