عمليّات تحرير مناطق غرب الأنبار تتوقّف للمرّة الثانية خلال 3 أشهر
المدى برس/ بغداد
للمرة الثانية، خلال ثلاثة أشهر، تنطلق عمليات عسكرية لتحرير مناطق غرب الأنبار وتتوقف من دون أن تصدر قيادة العمليات المشتركة العراقية موقفاً رسمياً بشأنها.
وتزامن انطلاق عمليات غرب الأنبار مع إعفاء قائد عمليات الأنبار، إسماعيل المحلاوي، التي تربطها بعض المصادر، لـ"رفضه تنفيذ أوامر عسكرية تتعلق بالعمليات".
وتحيط عمليات غرب الأنبار، التي بدأت لأول مرة في تشرين الأول 2016 المنصرم، حالة من "الغموض وتضارب" المعلومات.
ففي حين أوقف الجانب الأميركي الحملة الأولى لتحرير غرب الأنبار، التي أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، بالتزامن مع انطلاق عمليات الموصل، نجد أنه عاد ودعم انطلاق العمليات للمرة الثانية مطلع كانون الثاني 2017 الجاري.
وبدا التباين واضحاً بين الموقفين العراقي والأميركي، فقد وجهت القيادة العراقية، التي غابت عن تفاصيل الحملة الثانية، بتجميد عمليات تحرير غرب الأنبار بسبب الانشغال بتحرير الموصل.
لكنّ القوات الأميركية تواصل جهودها لتسليح عشائر غرب الأنبار بآليات عسكرية وأسلحة ثقيلة لاستئناف عمليات تحرير مناطقها.
وفي كلا الحملتين لم يتم تحرير سوى عدد محدود من القرى الصغيرة، تركها مسلحو داعش من دون قتال حقيقي.
لكنّ أطرافاً في الأنبار أكدت أن عمليات غربي المحافظة، كانت "محدودة" بهدف تأمين بعض البلدات المحررة، ومشاغلة داعش في الموصل، من دون أن تستبعد تلك الأطراف المحلية، أن يكون "نقص" القطعات وراء توقف العمليات.
وقدّر عدد القوات المشاركة في العملية العسكرية الأخيرة، التي أوقفت بعد أقل من اسبوع من انطلاقها، بنحو ثلاثة آلاف مقاتل، بينهم مئات من أبناء العشائر.
وحررت القوات المشتركة، مؤخرا، قريتي الزوية والصكرة، اللتان تبعدان مسافة 30 كم غرب قضاء حديثة، قبل أن تتوقف العمليات بنحو "غامض".
من جمّد العمليّات؟
ويتوقع زعيم عشائري في الأنبار، أن يستغرق استئناف العملية العسكرية مدة لا تقل عن الشهر.
ويؤكد القيادي في الحشد العشائري، في حديث إلى صحيفة (المدى)، مشترطا عدم كشف اسمه، أن "الجانب العراقي هو من جمّد العمليات هذه المرة"، مبيناً أن رئيس أركان الجيش، الفريق عثمان الغانمي، "أبلغ العشائر أنّ العمليات لن تنطلق قبل تحرير الموصل".
وبعد يوم واحد من انطلاق عمليات غرب الأنبار، وصلت القطعات العسكرية إلى أطراف مدينة راوة التي تبعد نحو 200 كم غرب مدينة الرمادي.
وشهدت العملية وجودا نادرا للقوات الأميركية على الأرض قرب مناطق التماس، ووصف دورها بأنه "أكثر من استشاري".
ويتواجد آلاف من الجنود الأميركيين منذ أكثر من عام في قاعدة الأسد العسكرية، غرب الرمادي، كما شاركت مدفعية القوات الأميركية إلى جانب طيران التحالف الدولي، بتوجيه ضربات لمواقع تنظيم داعش، غربي الأنبار.
لكنّ المعطيات الميدانية، في وقت انطلاق المعركة، لم تكن تشير إلى وجود عملية عسكرية "حاسمة" لملاحقة بقايا جيوب التنظيم في الأنبار.
وثارت آنذاك بعض الشكوك بأن العمليات قد تتوقف من جديد، لاسيما أن العملية ذاتها كانت قد توقفت قبل أربعة أيام من انطلاقها مجددا، ولوحظ أيضاً عدم إعلان رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، عن انطلاق العمليات، كما جرت العادة.
وخلال الحملة العسكرية الأولى، نهاية تشرين الثاني المنصرم، تحدثت أطراف في الأنبار عن تدخل أميركي أدى إلى إيقاف تقدم قطعات الجيش العراقي نحو عانة وراوة بعد ثمانية أيام من إعلان بدء المعركة، عازية ذلك لـ"منع التأثير على عملية تحرير الموصل".
أميركا تسلِّح العشائر
ويؤكد القيادي في الحشد العشائري، القريب من العمليات في غرب الأنبار، أن الأمريكيين "لم يؤيدوا إيقاف العمليات الاخيرة نظراً لحجم الدعم الذي قدموه".
ومؤخرا شوهدت القوات الأميركية خارج قاعدة الأسد، إذ تواجدت في مناطق التماس، وقامت بالتقاط اتصالات داعش.
وعلى النقيض من الموقف العراقي القاضي بتجميد عمليات غرب الأنبار، كشف الزعيم العشائري، عن خطة أميركية لتسليح عشائر راوة وعانة، والقائم، لافتاً إلى أن القوات الأميركية تعتزم توزيع 400 سيارة (بيك آب تويوتا) بالإضافة إلى 150 أُحادية على مقاتلي عشائر المناطق المحتلة.
ويؤكد الزعيم العشائري، أن العشائر "ستتلقى هذه التجهيزات من القوات الأميركية مباشرة من دون وساطة عراقية".
وشارك في الحملة الأخيرة 600 مقاتل من عشائر الجغايفة، والبو محل، وأبناء عانة وراوة.
وكانت العشائر قد تسلمت أسلحة خفيفة قدمتها هيئة الحشد الشعبي، والفرقة السابعة التابعة للجيش العراقي، وقيادة عمليات الجزيرة والبادية.
وكانت صور أولية لبدء الهجوم على غرب الأنبار، أظهرت وجود آلية عسكرية تابعة لمقاتلي الحشد العشائري، تردد أنه تم الحصول عليها من "غنائم داعش".
تمرّد قائد عسكري
وأدى قرار قائد عسكري رفيع إلى تغيير محور انطلاق العمليات الأخيرة إلى منطقة الخسفة، القريبة من حديثة باتجاه راوة، بعد أن كان مقررا لها الانطلاق من محوري حديثة والرطبة ، مروراً بمنطقة عكاشات.
وأوضح القيادي في الحشد العشائري، أن "اللواء الركن إسماعيل المحلاوي قائد عمليات الأنبار، اعتذر عن تحريك قطعاته ، لذا تم إعفاؤه من منصبه"، مشيراً إلى أن "المحلاوي تعذر بانشغال قطعاته بتأمين جزيرة هيت، وأنه لا يستطيع المغامرة بتحريكها".
ويؤكد الزعيم العشائري، أن "جزيرة هيت مؤمنة من كل الاتجاهات، لاسيما بعد قطع الفرقة السابعة الطرق الواصلة بينها وبين قضاء بيجي"، يتوقع أن "يعاد ترتيب المعارك مجدداً مع اللواء محمود الفلاحي، قائد الفرقة العاشرة، الذي تم تعيينه قائداً لعمليات الأنبار".
وكشف القيادي في الحشد العشائري، عن "نجاح العملية الأخيرة بإبعاد خطر الصواريخ عن مركز قضاء حديثة الذي كان يتعرض للقصف انطلاقاً من قرية الزوية"، ويرجح "قرب إعادة تشغيل شبكة الاتصالات في مناطق غرب الأنبار للحصول على معلومات من المصادر المحلية".
جبهات جديدة
وفي السياق ذاته، يقول النائب عن الأنبار وعضو لجنة الأمن النيابية، محمد الكربولي، إن "عملية غرب الأنبار الأخيرة كانت لإشغال المسلحين في الموصل".
ويضيف الكربولي، في اتصال مع (المدى)، أن "انطلاق العمليات وتوقفها مدروس من قبل القيادة العسكرية"، ويكشف عن "طلب تقدمت به لجنة الأمن النيابية، خلال اجتماعها الأخير مع العبادي، لفتح جبهة في الحويجة لتشتيت المسلحين في الموصل".
ويتوقع عضو لجنة الأمن، أن "تستأنف معارك غرب الأنبار بعد تحرير الساحل الأيسر في الموصل بالكامل".
إلى ذلك نفت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، علمها بالأسباب الحقيقية لتوقف معركة غرب الأنبار أكثر من مرة.
ورجح رئيس اللجنة، راجع بركات العيساوي، في تصريح هاتفي لـ(المدى)، أن "يكون نقص القطعات العسكرية وراء تجميد المعارك"، ويتوقع أن "يتم تأجيل استئناف معارك غرب الأنبار لحين تحرير كل الموصل وليس ساحلها الأيسر فقط".
من/ وائل نعمة