مع تداعي دولة "الخلافة".. تنظيم داعش يزداد شراسة بالعراق

آخر تحديث 2017-01-18 00:00:00 - المصدر: رويترز

بعد يومين من بدء القوات العراقية لهجوم جديد ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل هزت تفجيرات سوقا في وسط بغداد كانت البداية لسلسلة هجمات تنذر على ما يبدو بتغير في أساليب التنظيم المتشدد. واستهدف المتشددون السنة مدنيين شيعة. وصاحبت التفجيرات هجمات على مواقع للشرطة والجيش في مدن أخرى وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها أيضا. وتظهر الهجمات أنه حتى لو خسر تنظيم الدولة الإسلامية الشطر العراقي من دولة "الخلافة" التي أعلن قيامها من جانب واحد فإن خطره قد لا ينحسر. ويقول دبلوماسيون ومحللون أمنيون إن التنظيم سيتحول على الأرجح من إدارة أراض يسيطر عليها إلى أساليب المتمردين وسيسعى لتأجيج التوترات الطائفية التي ساهمت في صعوده.

وإلى جانب العمليات في بغداد وحولها نفذ التنظيم هجمات في المنطقة وأوروبا مع تعرضه لضغوط في العراق وسوريا. وفي العراق تعمل القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة على طرد التنظيم من الموصل أكبر معقل حضري للدولة الإسلامية في الأراضي الواسعة التي سيطر عليها قبل عامين ونصف العام هناك وفي سوريا. وتدرك الحكومة العراقية التحدي الذي تواجهه في القضاء على تهديد الدولة الإسلامية بعد الموصل. وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي لساسة ومسؤولين عراقيين في بغداد يوم السبت "الإرهاب وداعش أراد أن يفرقنا. يستخدم سلاح الطائفية في العراق وسوريا... من أجل تفريق السكان وتفريق المجتمعات ليتمكن من السيطرة عليها."

وتابع قوله إنه ينبغي عدم السماح بعودة الأوضاع التي كانت قائمة قبل الدولة الإسلامية وحث الساسة على نبذ الطائفية وتعهد بمحاربة الفساد الذي ابتليت به قوات الأمن قبل تقدم الدولة الإسلامية الخاطف في 2014. وقال محللون إنه إلى جانب تحسين الأوضاع الأمنية فإنه ينبغي أن تشرك السلطات السكان المحليين في مساعي جمع المعلومات وتحسين وضع الكثير من السنة الذين يشكون من التهميش ولاسيما من تشردوا بسبب القتال وعددهم ثلاثة ملايين. والفشل في تحقيق ذلك قد يفسح للدولة الإسلامية المجال لإعادة تنظيم صفوفه ونشر الصراع الطائفي. وقال دبلوماسي غربي كبير لرويترز إن الهدف الرئيسي للدولة الإسلامية في مرحلة ما بعد الموصل سيكون بغداد والمناطق المحيطة بها على الأرجح. وقال الدبلوماسي "ما ترونه الآن هي عناصر داعش التي تبقت في (محافظة) الأنبار في أعقاب تحرير الرمادي والفلوجة وهيت وحديثة... يجري أيضا تعزيز صفوفهم عبر الحدود من سوريا." *وتيرة أسرع للهجمات طردت القوات العراقية العام الماضي المتشددين من معاقلهم في الأنبار مركز العشائر السنية التي تشعر بالاستياء من الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد. وذكر الدبلوماسي أن بعض المتشددين لجأوا للاختباء في تلك المناطق فيما وجهت لهم القوات العراقية ضربة كبيرة هناك وفي الموصل. لكنهم يحاولون إثبات وجودهم مرة أخرى بهجمات نفذت في الآونة الأخيرة. ويقول مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن استخدام السيارات الملغومة بشكل متكرر هذا الشهر - وهو أسلوب كان قد تراجع في بغداد بحلول أواخر العام الماضي - يظهر أن شبكات المتشددين حول العاصمة انتعشت. وقال "قطعا شهدنا تحرك تنظيم الدولة الإسلامية بوتيرة أسرع مع بداية العام." وتابع قوله "سيكون صراعا طويلا لأن هذه الشبكات تتكيف لذا تستطيع تعطيلها لمدة ستة أشهر لكنها عازمة على الظهور مرة أخرى." ومن خلال هجمات جديدة تستهدف الشيعة في معظمها يهدف التنظيم لتشتيت الانتباه ليس عن خسائره العسكرية وحسب وإنما لتأجيج التوترات الطائفية. ويقول محللون أجانب وعراقيون إن على السلطات أن تتصدى لمشاكل مثل الفساد وتهميش السنة الذي استغله التنظيم لتفادي تنامي العنف. ووفقا لمسؤولين عسكريين فقد حققت عملية الموصل بعض النجاح على صعيد جمع المعلومات إذ لعب المخبرون المحليون دورا حيويا في مساعدة الجنود على دحر المتشددين. *الحفاظ على دعم السنة حاول الجنود العراقيون تفادي قتل المدنيين حتى فيما كان التنظيم يختبئ بينهم ويستهدفهم. واستقبل السكان القوات بترحاب كبير نظرا لارتياحهم للتخلص من التنظيم الذي نفذ عمليات إعدام علنية وقطع أيادي اللصوص. وتساءل المحلل الأمني هشام الهاشمي المقيم في بغداد والذي يقدم المشورة للحكومة بشأن الدولة الإسلامية "السؤال هو هل سيستطيعون الحفاظ على هذه الثقة؟" قائلا إن التعاون سيكون أصعب في المناطق الأقرب للعاصمة. وقال "عملية جمع المعلومات في مدن تمت استعادتها من الدولة الإسلامية (قرب العاصمة) ضعيفة. يستخدمون مصادر محلية لاعتقال الأشخاص لكن المشتبه بهم كثيرا ما يطلق سراحهم بالرشوة." ومع توغله في العراق في 2014 استغل التنظيم الشعور في بعض المناطق السنية بأن قوات الأمن التي يغلب على أفرادها الشيعة تستهدفهم. وقال دبلوماسي غربي كبير آخر إن الثغرات الحالية في عملية جمع المعلومات يمكن سدها من خلال التعامل الحذر مع العلاقات بين الحكومة وسكان هذه المناطق. وأضاف أنه على سبيل المثال ينبغي تدريب بعض أفراد الشرطة من السنة وإرسالهم إلى مناطق يسكنها السنة. وقال إحسان الشمري مدير مركز الفكر السياسي العراقي إن العبادي يدرك ما يتعين فعله للقضاء على خطر الدولة الإسلامية. لكن الاختبار هو تحقيق ذلك في ظل مناخ أمني صعب. وقال "إعادة الإعمار وفرض القانون والنظام وإعادة النازحين.. قد تكون خريطة طريق لتحقيق الهدوء."