Thu, 19 Jan 2017 11:48:51
حمزة مصطفى
يحسب للأوربيين أن لاخصومات شخصية بينهم الإ ماندر لاسيما في العمل السياسي مع أنهم بشر مثلنا ويتاثرون بالكلام هنا وهناك وربما بالقيل والقال. لكنهم وبسبب رسوخ التجارب الديمقراطية لبلدانهم يحترمون قواعد اللعبة الديمقراطية والعمل السياسي ولو بحدوده الدنيا المعقولة. قاعدة العمل عندهم تقوم على مبدا التنافس لا الخصومة الشخصية. وحتى الخصومات الشخصية يمكن أن تكون موجودة حتى في الغرب وقد تترتب عليها نتائج سياسية في كثير من الحالات لعل اخرها الانتخابات الاميركية حيث جرت الحملة الانتخابية بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون على قاعدة قوامها الخصومة الشخصية بينهما. ولكن ماجعلها لاتبلغ درجة الشخصنة هو التعامل مع النتائج التي افرزتها الانتخابات. ففي الوقت الذي احترمت كلينتون نتائجها فإن ترامب الذي وعد خلال الحملة بزج هيلاري بالسجن في حال فوزه اشاد بخدماتها الجليلة لبلادها.
اذن ماجرى كان خصومة شخصية فيها قدر من الفروسية لانها لم تتحول الى شخصنة. مايسم خلافات زعاماتنا السياسية انها في الغالب الاعم تتحول بعد الخصومة السياسية المشروعة اذا كانت على قاعدة التنافس الايجابي الى شخصنة لاسيما بعد ان يتلاقفها المقربون من الطرفين والأخطر اذاذهبت الى وسائل الاعلام التي يملكها كل طرف بمن في ذلك ما يسمى بالجيوش الالكترونية. حيث يجري للاسف تغذية الخلاف ويتحول ماهو بسيط منه وعادي الى خلاف عميق وكأن لا حل له. ولعل الخلاف بين السيدين سماحة مقتدى الصدر والحاج نوري المالكي يقع في هذه الخانة. فهو في جزء كبير منه خلاف سياسي حاله حال أي خلاف يين زعيمين او تيارين لدى كل واحد منهما رؤيته لبناء الدولة. لكن بسبب التغذية السلبية للخلاف من قبل اطراف عديدة بدا يكبر ويتسع وكان ما بين المالكي والصدر مشاكل وخلافات عميقة لايمكن حلها. وهذا غير صحيح طبقا لكل معايير العمل السياسي الذي لايستند على قاعدة الصداقات الدائمة والخصومات الدائمة بل على قاعدة المصالح المشتركة كما انه لايستند حتى على الارث السياسي للطرفين بوصفهما في النهاية ابناء مدرسة واحدة.
ومن منطلق هذه الحيثيات تجئ المبادرة التي يجري الان العمل عليها داخل المركز الخبري بهدف تقريب وجهات النظر بين السيدين المالكي والصدر بما يؤدي الى تحويل الخلاف بينهما من الخصومة التي تبلغ في كثير من الاحيان حد الشخصنة الى التنافس الانتخابي والسياسي البناء. ولكي تنجح التسوية بين المالكي والصدر لابد اولا ان تنجح التسوية بين اجنحة الطرفين السياسية والاعلامية. فاذا اراد كل من جناحي المالكي والصدر حصول تقارب بين زعيميهما يتوجب عليهما المبادرة الى وضع خريطة طريق تستند الى جملة خطوات لعل في المقدمة منها ايقاف الحملات الاعلامية بينهما. والأتفاق على هدنة اعلامية تقوم على ميثاق شرف غير مكتوب انما يقوم على تعهد شخصي بين الطرفين بحيث لايتم التجاوز والتعدي والتنابز بالالقاب وغيرها من اساليب التشهير او كل ما يؤدي الى خلق البغضاء والشحناء بين الطرفين. كما يتوجب على المقربين من كلا الزعيمين البدء بحملة لتقريب وجهات النظر سواء من خلال نقل رسائل ايجابية بينهما او اسداء النصائح التي تمهد للقاء قمة او العمل ما امكن على اذابة جبل الجليد الذي تراكم خلال السنوات الماضية.
كما يتطلب من بعض الزعامات السياىسية التي ترتبط بعلاقات شخصية قوية مع كل من المالكي والصدر لاسيما الطبقة الشيعية الدينية لا السياسية (يعني قيادات كبيرة من حزب الدعوة ليست مشاركة في الحكومة وليست جزء من العملية السياسية او قياديون شيعة كبار بمن في ذلك بعض مراجع الدين الكبار او صدريون كبار لا صلة مباشرة لهم لا بكتلة الاحرار ولا بالتيار الصدري ومن هو بمكانتهم) القيام بحملة بين الطرفين للبدء بعمل تسوية بينهما بما ينهي الخصومة الشخصية ويحولها الى تنافس في ساحة مفتوحة وتتسع للجميع. وفي هذا السياق نرى ان يتم تحديد جدول زمني لكل هذه التحركات التي نامل ان تجري بصمت على ان يسبقها صمت اعلامي ومن ثم يمكن الاعلان عن لقاء يجمع الصدر والحكيم في أي مكان يختاره الطرفان. وفي قناعتي ان التسوية بين المالكي والصدر سوف تمهد الطريق لانجاح خطوات التسوية التاريخية.