في نهاية الأسبوع أعلنت قناة الجزيرة أن المصريين قد فتحوا معبر رفح في الاتجاهين لمدة ثلاثة أيام. والسياسة المصرية في غزة هي لعنة بالنسبة لحكام قطر، الذين يعملون، إلى جانب تركيا، كوكلاء للمنظمات الإرهابية الإسلامية العاملة تحت تأثير الفطر السام الخاص بالأخوان المسلمين في الشرق الأوسط وفي العالم.
فتح معبر رفح في الاتجاهين لمدة ثلاثة أيام
لقد شكل طرد مرسي من سدة الرئاسة في مصر، وترسيخ حكم السيسي، شكلا ضربة قوية بالنسبة لقطر التي تعمل بشكل دائم كمركز لتحريض وتمويل المتطرفين الإسلاميين المعادين لمصر وإسرائيل، ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي وخالد مشعل ومجموعة "زعماء الخارج" لحركة حماس. ويقوم المصريون بـ "رد الصاع"، حيث لا يزال رأس محرضي الجزيرة ضد النظام، محمود حسين، مسجوناً في مصر. كما أن تركيا قد خاب أملها. فخططها للاستفادة من الربيع العربي من أجل تركيب "بازل" الخلافة الإسلامية في سوريا، وفي العراق وفي مصر برئاستها، عبر استخدام الحركات الإرهابية الإسلامية من نمط الأخوان المسلمين، وحماس وداعش، قد باءت بالفشل. فإقامة نظام السيسي، وإفشال جهود داعش والمتمردين الإسلاميين لإسقاط نظام الأسد، أدى إلى تعقيد وضع نظام أردوغان مع كل من الروس والإيرانيين، الساعين للحفاظ على نظام الرئيس السوري. ومثلما هو حال الإسلاميين في داعش، في العراق وسوريا، الذين لا يتراجعون فإن الإسلاميين في حركة الأخوان المسلمين وحماس وداعش يواصلون القتال في مصر وفي سيناء. إلا أن الواضح أن المصريين ينجحون في تحييدهم ويقضون بنجاح متزايد على مراكز داعش وعلى منظومة المتعاونين مع حماس وأنفاقها في منطقة العريش وشمال سيناء. وبما أن القاعدة في منطقتنا تقول إن "عدو عدوي هو صديقي" فإن المصريين لا يتعاملون مع الإيرانيين والروس والأسد على أنهم مجذومون – وذلك على الرغم من استياء قطر ودول الخليج الأخرى. كما أن المصريين لا يسارعون منتشين إلى مساعدة التحالف الخليجي (السني) الذي يقاتل الحوثيين المدعومين من قبل إيران. وفي الوضع الناشئ يبدو أن حركة حماس قد تضررت جداً. صحيح أن قطر تبعث بأموال المساعدات إلى غزة في ظل العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية، إلا أن هذا يحدث لِماماً. وبوصفها قد اعتادت تقديم الأجهزة والخدمات الطبية لداعش في سيناء في مقابل الحصول على السلع الإرهابية المهربة، فإن حماس بدأت (تشعر) بالاختناق نتيجة للخطوات الإسرائيلية والمصرية، ووصلت مواردها الأمنية والاقتصادية والسياسية إلى طريق مسدود. كما بدأت حركة حماس تعاني مؤخراً من أورام إرهابية سلفية متطرفة بين صفوفها، والتي بدأت بمبادرتها الخاصة بإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وضرب أهداف حماس، والفرار إلى صفوف داعش في سيناء والعمل معها ضد مصر. وكما يقول المثل العربي: "انقلب السحر على الساحر". فالاعتقالات والخطوات المضادة التي قامت بها حركة حماس ضد داعش وضد المتعاونين مع حركة "التكفير" جعلت منها عدواً لهم، وأدت إلى عقوبات متبادلة وحدوث تراجع في التعاون بين الطرفين، الأمر الذي خلق فرصة لشراكة مصالح مع مصر. وفي ضوء اعتبارات الواقع فإن حركة حماس ستضطر لوضع مسار جديد ولاختيار زعيم "من الداخل" بدلاً عن مشعل، الذي ينتهج سياسة مفروضة تتعدى احتياجات السكان (في القطاع) وتقل عن إملاءات الإرهاب الخارجية مثل تلك التي يقوم بها مشعل من فندقه في قطر. والشعور بالفخ (الذي وقعت فيه) والأضرار التي لحقت بها، وكذلك فقدان الأمل في أن تؤدي عمليات الأخوان المسلمين وحماس إلى إسقاط السيسي، كل ذلك دفع حماس إلى القبول بتدخل مصري متزايد في تخطيط مستقبلها. وبما أن أبو مازن قد رفض الاقتراح، المقبول على كل من مصر وحماس، بقبول دحلان بديلاً له، قام الرئيس (عباس) بتأبيد الانقسام بين القطاع وبين الضفة، ودفن بذلك الفرصة الأخيرة أمام خيار الدولة الفلسطينية الموحَدة. ويقوم المصريون الآن، بالتدريج، بحلحلة الحبل الاقتصادي والأمني في معبر رفح، وذلك انطلاقاً من الافتراض القائل إنه على الرغم من تسلحه فإن من شأن القطاع، في ظل رقابة صارمة، أن يتحول إلى رافعة لمحاربة الأخوان المسلمين وداعش، وأن يشكل أيضاً مورداً اقتصادياً مؤثراً على مصر وذلك بسبب المساعدات الدولية المقدمة له. وقبل حرب 1967 سيطر المصريون على القطاع بواسطة شاويش مصري كان يحمل في يده عصا من الخيرزان. وبما أن المصريين قد طالبوا بإعادة طابا لهم "حتى المتر الأخير"، فإن الواقع سيؤدي إلى قيام المصريين بإعادة سيادتهم على قطاع غزة "حتى المتر الأخير"، وبذلك يُعاد القرد العضاض (الشرس) إلى أصحابه. ترجمة: مرعي حطيني