ضيف حمزة ضيف: هل أساءت قناة LBC إلى المرأة اللبنانية المسيحية؟.. و”الجرابيع″ في المشافي التونسية!.. في غياب تحليل حقوقي متخصص: تقرير منظمة العفو الدولية بين الظهيرين ?

آخر تحديث 2017-02-09 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

ضيف حمزة ضيف

هل أساءت قناة  LBCإلى المرأة اللبنانية المسيحية؟

أثار برنامج (“نقشت” معك) على قناة ” الأل بي سي” والنسخة الثانية عنها “الأل دي سي”، زوبعة كبرى في كل مكان، يمكن أن تستثار فيه الزوابع ويقوى على إثره الجدل.

البرنامج الذي استدعى كوكبة كثيرة من الفتيات اللبنانيات، وأوقفهنّ على شكل قوس مطر في الأستوديو، يقابلهنّ المقدّم الذي، وللحق؛ لم نفرق بين حديثه وصراخه، وافتعالهِ للنزق الذي يحدث للأطفال عادةً، حينما يشاهدون منظراً عاطفياً على التلفزيون رفقة عائلاتهم.

يتحدّث البرنامج عن “المساكنة”، ويعرض “موديل” رجالي، يثور حوله الطلب والنقاش.

بالتأكيد، إنّ “المساكنة” خيار شخصي، لم يتناسب يوماً مع طبيعة مجتمعاتنا – إذا رغبنا في أن نصارح أنفسنا- وحتى المجتمع اللبناني نفسه، إذ لا يعرف الكثير من العرب، “بفضل” الإعلام اللبناني، بأنّه مجتمع محافظ، والمرأة اللبنانيّة حصينة، ولا تدخل ضمن المتاح، الذي قد يطفو على الذهن العربي حالَ مشاهدته للقنوات اللبنانيّة، لا سيما قنوات التسالي التي غطت على صورة لبنان زمناً طويلاً ولا تزال..

لا أحد ينكر بأنّ قناة “الأل بي سي”، أيّ قناة السيد بيار الضاهر، الذي كان على خلاف “ودي” لم يفضِ إلى طلاق بائن، مع الداعم السياسي للقناة الدكتور سمير جعجع، دون أن يبدو أيّ خلاف جهير بينه وبين صاحب الحصص الماليّة فيها، الملك الوليد بن طلال، الذي يقربهُ اللبنانيون لناحية الأم.

قلت لا أحد ينكر أن هذه القناة بقدر ما أبدعت في البرامج الغنائيّة والجماهيريّة، من الزاويّة التقنيّة، إذ برزت كإحدى القنوات المتخصصة في إخراج هذا النوع من البرامج، وتطويبه بالشكل الذي يمنح قدراً كبيراً من الشو والبهجة للمشاهد، وهو يلاحظ دقة التجانس بين منحنيات الأضواء، وتصميم الرقصات، وذكاء الصوت الموسيقي، وهو يتراوح بين العلو والضآلة. وهذه تحسب للقناة بلا منازع، وللكادر اللبناني المحترف في هذا المجال.

لكنْ وبالمقابل يعرف الكثير، أن هذه القناة لم تتورّع لحظة عن إبداء “مسيحيّتها”، وبدفاعها الضاري عمّا تُضمّنه في برامجها دون أن تتفوّه به، أيّ لبنان ذو الثقافة المسيحيّة غير لبنان بباقي الأديان والثقافات، وعندما كنّا نشاهدها في فجر الصبا، ظننّا – نحن العرب- لعديد المرات بأنّه لا وجود لامرأة لبنانيّة سافرة وتكون شيعيّة المذهب. ومن غرائب الأقدار أن هيفا وهبي كسرت هذه القاعدة، وبيّنت لخلق الله من العرب والعجم، بأنّ الجنوبيات جميلات أيضاً، ومنهنّ من لا ترتدي الحجاب، ويمتلكن شطراً من الجمال اللبناني الذي صوّرته “الأل بي سي”؛ “مشفوطاً” إلى الشمال فقط، تماماً مثل الثروة في البلدان المتخلفة، إذ تشفطها المنشفة إلى الأعلى، ويتذرر القطر البخيل إلى الأسفل، حيث نتواجد نحن.

وضمناً؛ لدى القناة اللبنانيّة “المسنّة” المذكورة بالإضافة إلى شقيقتها “الشابة” “الأم تي في”؛ لبنان كله ينتهي عند متحف بيروت!

لقد كنت ومن خلال خبرتي في مشاهدة “مسابقات الجمال” في لبنان، إذ صيّرتني الأقدار إلى منحة أو محنة، عدم تفويت أيّ عدد لهذه السباق الشهير، أتعجب دوماً، من عدم ورود أيّ اسم لمتسابقة يدلّ على أنّها مسلمة، سواءً سنيّة أو شيعيّة، وربما درزيّة أيضاً، وكنت أعتقد بأنّ الحجة الخفيّة بأنهنّ محافظات ليست مقنعة دائماً.

هذه القناة ليست علمانيّة على الإطلاق، وادعائها ذلك، لم يقنع أحداً، والأشد غرابةً أنّها بتصويرها لبرامج من نوع “نقشت” معك، لا اعتراض على مضمونهِ، لناحية الإيمان بأنّه لا طابوهات للإعلام على الإطلاق، ومن حيث كون خيار “المساكنة” أمر شخصي بحت، لكنّ المعالجة التي يرافقها الغمز واللمز، تبيّن كم أننا في طور الحريّة صغارا؛ نحمل الطابو في وجداننا ولو ادّعينا تحرّرنا منه، بالإضافة إلى أنّ القناة أساءت كثيراً للمرأة المسيحيّة، إذّ صورتها غالباً في شكل عارضة فقط.

أعرف الكثير من العوائل اللبنانيّة المسيحيّة، وفي مجملها عوائل محافظة، مما ينسف الهراء الضمني الذي تروّج لهُ القناة اللبنانيّة الآنفة الذكر.

شاهدت القنوات الفرنسيّة قبل أن أعرف القنوات العربيّة، وقدمتُ إلى الثقافة العربيّة من الثقافة الفرنكوفونيّة، وخبرتي من مشاهدة القنوات الفرنسيّة التي تقلدها “الأل بي سي” وشقيقاتها، تقول الآتي: إنّ التفرقة سهلة للغاية في بداية أيّ برنامج فرنسي، تقع عليه بمجرد تغيير القناة، بين كونه برنامجاً إباحياً أو لا، في لباس المقدّمة ومكياجها، فإذا كان صارخاً، وجلستها أفقيّة، ولباسها مختصر جداً، تعرف أنّ ما يلي يعبّر عمّا سبقَ، في حين البرامج العاديّة حتى تلك التي تتحدث عن مشاكل المساكنة، تبدو فيه الصحفيّة أو الصحفي، يرتدي وترتدي كأنّه (ها) في مكتب عمل عادي، وماكياجها خفيف للغاية، وغالباً يكون من نوعٍ فرنسي شفاف جداً، ونادراً ما ترى الغمز واللمز الذي غمر المذيع في قناة “الأل بي سي”.

على قناة “الأل بي سي” أن تحترم الفتاة المسيحيّة، وتتعلم من القنوات الفرنسيّة التي تحبها، كيف يكون التقديم خالياً من الاستعراض المبالغ فيه.

  • ••

“الجرابيع″ في المشافي التونسية!

في “النشرة” على قناة نسمة التونسيّة، قال السيد مالك قطاط “الناطق الرسمي باسم المنظمة التونسيّة للأطباء الشبان”،”إنّ “الجرابيع″ تسرح في المستشفيات التونسيّة”.

والواقع أن التونسيين، وهم أفضل من عرفت من الشعب العربي، ثقافةً ومعرفةً، وتمتلك المرأة التونسيّة كاريزما خاصة للغاية، فهي امرأة قويّة الشخصيّة وفاعلة في وسطها، ودائماً لها وجهة نظر حيال أعقد القضايا، سواءً سياسيّة أو اجتماعيّة.

برزت مقدّمة النشرة المختلفة عن النشرات الكلاسيكيّة، على درجة من السرعة والترتيب، والمقدرة على الانتقال النقاشي من الخبر إلى الجدل والعكس. السيدة منى مقدّمة النشرة في شكل برنامج قريب من “التوك شو” إلى حد ما، منحت ضيفها الشاب مالك قطاط فسحة الحديث بكل حريّة، حول المشافي التونسيّة، جعلهُ يتحدث عن وضع المستشفى التونسي عموماً بكل مسؤوليّة ووضوح، ولعل الرسالة وإن نحت مبلغاً “تهويلياً”، كان الهدف منها، تحمّل المسؤوليّة كاملة، من أجل مستشفى يليق بكرامة التونسي.

  • ̉••

في غياب تحليل حقوقي متخصص: تقرير منظمة العفو الدولية بين الظهيرين المؤيد والمعارض:

ثار جدل إعلامي حول تقرير منظمة العفو الدوليّة حول الإعدامات التي يُعتقد بأنّ النظام السوري نفذها في سجن صيدنايا، حيث أعدم هذا الأخير 13 ألفاً في غضون الفترة الممتدة بين 2011 إلى 2015.

سمت المنظمة هذا السجن بـ “المسلخ البشري”، ويقال أن هذه المنظمة “حذرة للغاية” من الجانب الاصطلاحي، ورغم ذلك لم تتورّع في وصف المكان بـ “المسلخ البشري”.

الإعلام هنا، لم يخرج عن المثل التحريري الانجليزي في الصحافة “اقرأ الافتتاحية تعرف المموّل”، حيث أنّ القنوات التي نفت هي قنوات تابعة أو متعاطفة مع النظام السوري، فيما القنوات التي أكدت هي قنوات ضدّ النظام وتموّلها الجهات التي لها موقف مضاد للنظام السوري.

وبين هذا وذلك، ضاعَ ذهن المشاهد بين الكفتين.

إنّه ومن النافل الحديث أن مصداقيّة هذه المنظمة ليست بالشكل الذي يجعل البعض يتجه نحو اليقين، وسجل النظام السوري في مجال حقوق الإنسان، هو الآخر ليس بالمضيء الذي يجعلهُ بريئاً بالشكل الذي يراهُ أتباعه وأنصاره.

التقرير بحاجة إلى تحليل من قبل المتخصصين، أكثر مما هو يتقلّب على وجهين، إحدهما يقيني بأنّه قد حدث فعلاً، والآخر يقيني بأنّه لم يحدث قطعاً، وحين يتمّ إغفال المتخصصين من قبل القنوات “التابعة”، تضمحلّ الحقيقة شيئاً فشيئاً.

السجون السوريّة من أسوأ السجون على وجه الأرض، ولا يدانيّها سوى السجون المغربيّة في عهد الملك الراحل “الحسن الثاني”، والسجون العراقيّة في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.

هذا الثالوث الجهنّمي هو مسكن الموت، لكن حين نكون إزاء تقرير حقوقي يجب إقصاء السياسة تماماً، ذلك أن القانون لا علاقة له بالسياسة وإن كان ملازماً لها، إذ لا يمكن أنّ تتحدث عن مادة قانونيّة أو دستور معدل أو تقرير حقوقي، من وحي السياسة وبناءً على معرفتك بهذا النظام أو ذلك.

سنعطي مثلاً بسيطاً، إذا وُضعَ هذا التقرير في طاولة الامتحان في كلية الحقوق في جامعة هارفارد أو السوربون (وهما أعرق وأقوى الجامعات الحقوقيّة في تخصص القانون، رغم فارق المنهجية بينهما)، وطُلب منك تحرير تحليل قانوني (غالباً يكون جنائياً، كون التحقيق يدخل ضمن هذا المقياس)، وطفقت تقول إنّ النظام السوري استبدادي وصاحب سوابق حقوقيّة سيئة، أو قلت بأنّ النظام السوري يتعرّض لمؤامرة وهو الأفضل قياساً بما سيأتي والتحقيق مفبرك، في كلتا الحالتين ستحصل على العلامة 0.

تحليل التقرير، يبدأ في النظر في شهادة الشهود أولاً، ثم إلى المنطوق ثانياً، لأنّ الطعن القضائي سواءً كان من النيابة العامة أو من محامي المدعى عليه، لا يخرج عن تينك الجهتين.. وهذا ما غاب عن القنوات العربيّة للأسف.

كاتب جزائري

Dif.Hamza@gmail.com