عدة فلاحي
كم كان ذلك الشيخ القادم من الازهر الشريف موفقا حينما استهل مداخلته التي تقدم بها خلال الملتقى العالمي للتقريب بين المذاهب في طبعته 30 و الذي دامت اشغاله ايم 15/16/17 ديسمبر 2016 بطهران، و هذا بتذكيرنا بحديث شهير و معروف و لكنه يتداول في اضيق المعاني و هو ” إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات ، و عفروا الثامنة بالتراب ” ، و هو بذلك كان يريد ان ينقل لنا الصورة المادية المتعارف عليها و يرتقي بها الى صورة معنوية في أعمق دلالاتها و هي ان عقول ابناء الامة الاسلامية و في مقدمتهم شبابها قد تعرضت الى ولغ الكلي المسعور الذي يحمل لعاب لسانه جراثيم قاتلة تحمل عناوين : التكفير و التقتيل و التطرف و العلو و الارهاب الذي يزهق الارواح دون تردد او خوف و بطريقة لا تقرها الشرائع السماوية و لا القوانين الإنسانية و بالتالي و حتى نحفظ وجودنا من الهلاك لابد من تحمل المسؤولية المقاصدية و في مقدمتها حفظ العقل لأن العقل هو الذي يعمل على حفظ النفس و حفظ الدين و بدونه لا كرامة لمخلوق..نعم حفظ العقل اولا لأنه بغياب العقل من حياتنا تسقط كل القيم..
إن حضور رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الدائم حين افتتاح اشغال ملتقى التقريب الذي يعتبر محجا للفقهاء والعلماء و المفكرين عبر العالم بالتأكيد يعطي للملتقى بعده السياسي و للموضع المأساوي الذي تمر به الامة الاسلامية بدء رئيس الجمهورية السيد حسن روحاني حديثه عند الافتتاح بالآية القرآنية ” و ان هذه امتكم امة واحدة و انا ربكم فاعبدون ” كما انه نبه إلى ان الرسول عليه الصلاة و السلام حينما جاء بالتوحيد و تحطيم الاصنام لم يكن ليقصد الاصنام الحجرية و إنما الأصنام المعنوية التي هي في عقول و قلوب الناس من جهل و استبداد و كبر و عصبية جاهلية ممزقة للوحدة و الجهاد الحقيقي اليوم كما قال السيد روحاني هو في الدفاع عن سيادة الاسلام و المسلمين ضد الاستكبار العالمي و ضد الظلم و التعسف و ليس جهاد المسلمين ضد بعضهم البعض و التي تعتبر كارثة العصر التي نعاني منها اليوم كما شدد السيد روحاني على انه أسوء من الاستبداد و الاستعمار هو خلق مجموعات تكفيرية من المسلمين حتى يتم التآكل الذاتي الذي لا يكلف اعداء الاسلام أي ضريبة كما كان عليه الامر في الفترات السابقة و بالتالي الوحدة هي الحل لمقاومة هذه التحديات..
بعد انتهاء رئيس الجمهورية من خطابه تناول الكلمة السيد الامين العام لملتقى التقريب الشيخ آية الله محسن الاراكي الذي جاء على لسانه نفس الآية التي تكررت طوال أشغال الملتقى و هي ” و ان هذه امتكم امة واحدة و انا ربكم فاعبدون” مما يعني ان الامة هي احوج للوحدة اليوم من أي وقت مضى ، فاستراتيجية تمزيق و تفتيت و زرع الأحقاد و النزاعات التي يزرعها التكفيريون الذي اضحوا اداة في يد العد بدد الكثير من طاقات الامة لدرجة أننا نسينا و غفلنا عن قضيتنا المركزية و هي قضية فلسطين ..، و ما أشار اليه الشيح الاراكي يستدعي و بشكل عاجل إيجاد مشروع سياسي واقعي يطبق على أرض الواقع لنتخلص من داء الفتنة الطائفية و المذهبية و البداية تكون بتجاوز مقولة أقلية و أكثرية مذهبية الى مقولة المسلمون يد واحدة على من سواهم : ” و تعالوا الى كلمة سواء”..و هذه المعاني و هذه الروح هي التي تجسدت في ملتقى التقريب الذي احتوى كل الطيف الاسلامي و في مقدمتهم السنة و الشيعة الذين خرجوا بقرار واحد و هو انهم ضد التشيع البريطاني و ضد التسنن الامريكان الذي لا يريد الخير للطرفين و من إحدى الواجبات التي تؤديها امة التوحيد و الوحدة هي إقامة مثل هذه الملتقيات و إن شكك البعض في أهميتها و في قيمة نتائجها من المنهزمين و المتخاذلين متناسين من أن الفريضة لا تسقط مهما كانت الظروف و هي غير مرتبط بالنتائج المستعجلة بقدر ما هي مرتبطة بالرسالة التي يجب تتحملها الاجيال حتى يتحقق الهدف و لو بعد حين و في كل الحالات اصحابها مأجورين لأنهم في جهاد قرآني لا يأتيه الباطل كما يأتي من الجهات الضالة و المضلة………………………………………………………………………………………………………………………………………………………. . لا يمكن و نحن نرد بانتقاء اسماء بعض الشخصيات المهمة التي شاركت بمداخلاتها بملتقى التقريب أن نسقط من حساباتنا خطاب مرشد الثورة الاسلامية آية الله علي الخامنائي الذي في كثير من الاحيان لا يلتفت الاعلام الى فتاوي الوحدة التي يعلنها مثل تجريم سب الصحابة رضوان الله عليهم و زوجات النبي صلى الله عليه و سلم و في مقدمتهم السيدة عائشة رضي الله عنها و ان قرآن المسلمين هو قرآن واحد و لا يوجد قرآن للسنة و قرآن للشيعة و غيرها من القضايا الحساسة التي لم يرض عنها حتى بعض الفصائل من الشيعة المتطرفين الذي نالوا من مقامه لدرجة التكفير و السب و الشتم كما تمنوا له الموت العاجل و لكن سماحة السيد القائد بقي صامدا في موقفه لأنه يدرك بأن العدو بعمل على فرقة المسلمين ليكونوا لقمة سهلة يمكن ابتلاعها بيسر و قد حمل خطابه الذي استمعنا اليه بالمسجد الذي تعبد فيه و يؤدي فيه صلاة الجمعة هذا التحذير الذي تزامن و العبث المدمر الذي تقوم به داعش في الشام و مثله الذي تقوم به قوى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن الشقيق و الفتنة التي تمزق جغرافية ليبيا التي لا يوجد بها اي اصطفاف مذهبي و مع ذلك أبناءها يقتتلون و يتنافسون على السلطة و آبار النفط بخلفية قبائلية و بتدخل من قوى أجنبية و الحصيلة في النهاية هي الخراب و الدمار للإسلام و للحضارة الاسلامية.
إن أشغال ملتقى التقريب هذه المرة خرجت عن المألوف و ذلك لأنها استوعبت الملتقى الدولي للسينما من اجل وحدة المسلمين و هذه كما قلت في مداخلتي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح و السليم لامية السينما و الفن عموما في حياة الناس و كم كان المشهد رائعا حينما تم تكريم الفنانين السينمائيين من ممثلين و مخرجين و سيناريست في حضرة الشيوخ أصحاب العمائم بل ان رئيس الجمهورية السيد روحاني و الامين العام لملتقى التقريب السيخ محسن الاراكي و غيرهما من السادة العلماء قدموا هدايا التكريم للسينمائيين رجالا و نساء نعم النساء اللائي حولهن داعش الى مكينة للنكاح باسم الجهاد و من تأبى ذلك تقتل او تباع في سوق العبيد.. و هذا بلا شك اقصد تكريم السينمائيين مرحلة متقدمة من الوعي حتى لا يبقى مفهوم الوحدة حبيس الاكاديميين و حبيس النصوص و المتون و إنما ينتقل الى المسلمين بالصورة و الصوت و يدخل بيوتهم حيثما كانوا و هم موزعين في العالم، فالاهتمام بالإعلام كان حاضرا هذه المرة و بقوة لأن الاعلام الطائفي و بالخصوص عبر الفضائيات فعل فعلته الشنيعة واستطاع ان يهدم في ساعة ما يتم بناءه في عقود من الابحاث و الدراسات و الملتقيات و لهذا خرجت الملتقى هذه المرة لينص في توصياته على ضرورة انشاء قناة فضائية للتقريب و الحوار بين المذاهب الاسلامية و في مقدمتها السنة و الشيعة و هذا لتفويت الفرصة على مخططات الاستخبارات العالمية التي تريد ان توظف هذه الورقة لخلق الفتنة و الفوضى داخل البيت الاسلامي الذي هو في أمس الحاجة إلى القدوة الرشيدة حتى تتحقق فريضة الوحدة تحت راية التوحيد و لهذا اخترت ان تكون مشاركتي بملتقى طهران بورقة تحت عنوان ” التوحيد و الوحدة ” و التي جاء فيها …
لقد جاء في الحديث النبوي الشريف ” اعدى اعدائك نفسك التي بين جنبيك” و إذا كان هذا الامر العضوي يتعلق بحياة الشخص في حياته الشخصية و في علاقته مع ربه و مع الآخرين و ما يتطلبه من مجاهدة حتى تنضبط النفس و تسوي على الصراط المستقيم كما ارادها لها ربها و بالتالي يمكن القول كذلك أن الامر يصدق في حياتنا اليومية الاجتماعية بأن أخطر ما يتهددنا هو التيارات الدينية و الفكرية التي تريد مصادرة الحقيقة و احتكار الاسلام و تفسيره من وجهة نظرها التي ترى بأنها صائبة و تتوافق مع النص المقدس و ما هي في الحقيقة إلا قراءة متخلفة و سطحية للنص ، و هذه التيارات غالبا ما يكون مشروعها متطرفا و كارها و عدوا للآخر باسم الاسلام ضد جزء من المسلمين ممن لهم مشروع و رؤية و تفسير آخر للدين و الورقة القوية التي تشهر في وجه الآخر دائما و عبر مسار تاريخ الامة الاسلامية للأسف هي ” ورقة التكفير ” ففي وقت متقدم من تاريخنا كانت ابرز جماعة ظهرت هي الخوارج التي استحلت دماء المسلمين و بشكل مأساوي غير مبالية بوصية الرسول صلى الله عليه و سلم التي جاءت في حجة الوداع و التي توصي بحرمة دم المسلم مع حرمة دينه و عرضه و ماله طبعا و لكن هذه الدماء ما كانت لتستباح هكذا بسهولة لو لم تكن هناك سوابق كسرت هذا الحاجز النفسي و العقادي و هي ” معركة الجمل ” و حرب صفين ” التي كان ضحيتها الامام علي كرم الله وجهه و جماعته و التي سقط فيها الآلاف من القتلى و لم يكن مطروحا حينها ثنائية سنة / شيعة و بالتالي ما يمكن قوله أن الحركة التكفيرية في عصرنا الحاضر لها مرجعيتها التراثية التي تستند اليها و تستعين بها لدعم حجيتها في المواجهة و لكن هؤلاء القوم لا يدركون بان نتيجة هذه المواجهة هي الخسارة للأمة الاسلامية لأن الامة التي تفقد وحدتها تفقد حريتها و سيادتها و بالتالي تقع في التبعية و العبودية للآخر التي اشار اليها في العديد من المرات المفكر الراحل بعبارة ” القابلية للاستعمار” التي تحولت في عهد الاستقلال كما قام بتشريح ذلك المفكر الراحل الدكتور علي شريعاتي الى ” القابلية للاستحمار”.
إن تشتيت صفوف المسلمين و ضرب وحدتهم من الكبائر كيف لا و قد قال رسول الله (ص) ليس منا من دعا الى جاهلية و من خصائص الجاهلية هي العصبية القبلية و العرقية و الله تعالى قال :” و ان هذه امتكم امة واحدة و انا ربكم فاعبدون ” و بالتالي لا يمن فصل هذه عن تلك و إذا حاولنا ان نكون اكثر دقة موضوعية فيجب القول بان التيارات التكفيرية التي تتغذى على تمزيق صفوف المسلمين لغاية يعلمها الخاص و العام في غالبيتها مرجعيتها سنية و هي زبادة على انها تكفر صراحة إخواننا اهل الشيعة و انما كذلك تكفر و تبدع حتى الفرق السنية التي ليست تحت مظلتها و منهجها بل و حتى تلك التي تدعو الى الوحدة بين جميع مكونات الطيف الاسلامي و تدعوا الى التقريب سواء كانوا اصحاب هذا المسعى في تنظيم جماعي او شخصيات مستقلة، فلقد تم تكفير و تبديع جماعة الاخوان لان فصيلا كبيرا منها كان من العاملين و السباقين لفكرة التقريب و في مقدمتهم الامام الشهيد حسن البنا و الشهيد سيد قطب كما تم التشكيك و الطعن حتى في وثيقة شيخ الازهر الشيخ شلتوت التي افتى فيها بجواز التعبد بالمذهب الشيعي ، و إذا كانت مثل هذه الحملات الهدامة من الطائفة الوهابية بالدرجة الاولى في المشرق العربي فإن المغرب العربي لم يسلم هو كذلك من مثل هذه الحملات التي يستخدمها العالم الغربي الذي استعمرنا بالأمس و يريد اليوم العودة مجددا و لكن بأقل الخسائر و ذلك بإشعال و إذكاء حرب مذهبية و طائفية بين المسلمين أنفسهم ثم يأتي هو لبقطف الثمرة، ففي المغرب العربي قلت بأن من الشخصيات التي نالها ما نالها من الجور و الحيف المفكر المرحوم مالك بن نيي الذي اتهم بالتشيع و إن كانت هذه تهمة تشرف صاحبها و لكن الهدف منها كان سلبيا و في غير هذا الاتجاه و هذا عندما دعا الى ضرورة الوحدة في اطار كومنويلت اسلامي يظم جميع الاقطار الاسلامية و على خلفية لقائه بالإمام موسى الصدر الذي كان لا يتخلف هو و الامام حسين فظل الله الشيخ آية الله تسخيري عن حضور ملتقيات الفكر الاسلامي التي كانت تنظمها الجزائر خلال ثمانينيات القرن العشرين و لكن للأسف جاء من بعد مالك بن بي من يفسد هذه الوحدة الاخوية و ممن يدعي أنه تلميذه و هو الاستاذ نور الدين بوكروح الذي كان من الاوائل الذي سافروا الى طهران بعد نجاح الثورة الاسلامية لتقديم التهاني للامام الراحل آية الله الخميني و لكنه اليوم نعم اليوم ينقلب على عقبيه و يقول في سلسلة مقالاته التي جاءت بعنوان غريب ” تغيير تصورنا للوجود.. الصراع السني الشيعي ..من سينصره الله ؟ “، ما خلاصته بأن ايران قد ضيعت عقودا من الزمن لتصل في الاخير الى اتفاق تفاهم مع الغرب حول التكنولوجيا النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية و بالتأكيد انها بعد ذلك ستفكر في شن حروب مع جارها القريب قبل البعيد .. !! فهذا النوع من الكتابات و التحليل السياسي من رجال ينتمون الى عالم النشاط السياسي و الثقافي لا تقل خطورة أفكارهم عن الفتاوى الدينية التي لا تفقه طبيعة الصراع الدولي الذي تتحكم في المخابر و المخابرات الغربية بما فيها و سائل الاعلام التابعة لها و التي تؤدي ادوارا مهمة في تضليلنا و في تشويه المفاهيم لتغليط الرأي العام العالمي و الاسلامي حتى يغرق هذا الاخير في الفوضى..
إذا اعتبرنا مالك بن نبي من الشخصيات المهمة في الجزائر التي حملت رسالة التقريب و الوحدة بين المسلمين فإن العلامة علال الفاسي بالمغرب الاقصى هو ثاني اثنين من اعلام المغرب العربي ممن تحمل مسؤوليته و لو كره الكافرون بالوحدة و الاخوة الاسلامية فلقاءاته المتكررة مع المراجع الشيعية لتجاوزات الخلافات المفتعلة و تحقيق التضامن المشترك نموذج يجب الاقتداء به، فعلال الفاسي الذي ترأس الملتقى الدولي بجامعة مشهد سنة 1970 و ذلك بمناسبة مرور ألف سنة على ميلا د الامام ابو جعفر الطوسي الذي لم يتعرض له علماء السنة المشاركون في الملتقى حينها بسوء عكس ما هو عليه الامر اليوم للأسف، أكد في عدة مناسبات بأن الخلافات هي سياسية و ليست عقادية كما يريد ان يروج لها من في قلوبهم مرض من ابناء أمتنا و بالتالي لا يجب ان يفسد الخلاف للود قضية كما يقال و في كل الحالات الخلافات السياسية موجودة و بحدة حتى بين الدول العربية الجارة فيما بين بعضها البعض رغم القواسم المشتركة التي تجمع فيما بينها من حيث التاريخ و الجغرافيا و المذهب فهل يمكن التذرع بان خلفية الامر و أسبابه مذهبية ؟ فالتأكيد لا، فدول المغرب العربي عجزت و لم تستطع تحقيق الوحدة رغم ان ما يجمعها اكبر من الذي يفرقها و لكن الخطر القادم و الذي يجب الانتباه له هو التوظيف الخبيث لمصطلح ” الغزو المذهبي الشيعي” لهذه الديار السنية و ليس خفيا بان من يزع هذه الفوبيا هم المتطرفون و المجانين من اتباع السلفية الوهابية الذين يجاهرون بعداوتهم هذه في بعض مساجد الجزائر التي يتخذوها منبرا لخطبهم كما انهم لا بتورعون في نشر الكتيبات و القصاصات في باحات المسجد و في الطرقات يحذرون من الشيعة و من ايران و هم بالتأكيد من خلال هذا التصرف يستعدون اخواتهم ظلما و عدوانا و يخلقون البلبلة في صفوف المسلمين و امام هذه السلوكيات المشينة و الحمد لله لا نجد رد فعل مماثل من الشيعة في بلادنا لأنهم احرص على أمن البلد و سلامة المجتمع و أبعدهم عن الدخول في المواجهة لان ذلك ليس في صالح الجميع و هذا هو الوعي الذي نتمنى ان يتحلى به كل صاحب قناعة ولكن صاحب القناعة الخاصة الذي له هذا الحق الطبيعي يجب أن يتحصن كذلك من القابلية للاستعمار الذي يريد العودة من جديد و بطرق و اساليب أخرى ربما نحن الذين نمدوه بها من حيث ندري او لا ندري، فإعادة قراءة التاريخ و اخذ العبرة فريضة و ضرورة و يكفي العودة الى كتاب ” الخلافة و الملك ” للشيخ المودودي يكفي لندرك بان الخلافة الاسلامية طوال القرون التي خلت كلها من حياتنا كانت سنية و مع ذلك سادها فساد و ظلم و قتل و فرقة اوصلت بنا بعد هذا السفر الطويل الى عبيد للاستعمار الحديث ثم فيما بعد الى دول وطنية و لكن باستقلال و حرية مبتورة و منقوصة العزة و الكرامة كان الدور و المتسبب فيها كذلك للتكفيريين المتخلفين الذين يجب معالجة عقولهم حتى و إن اقتضى هذا العلاج الكي فالحكمة الشهيرة تقول :” آخر العلاج الكي” و بالتالي لا يجب أن تبقى السلطة في بلادنا و بالخصوص المؤسسة الدينية تتعامل مع التيار التكفيري السلفي الوهابي بتردد و أيد مرتعشة و لكن بالتوازي مع الحزم و الحسم في التعامل مع هذه الملفات يجب على النخب الدينية و الثقافية و الاكاديمية تطوير مشروع المصالحة الوطنية و الارتقاء به و توسيعه الى مجالات اخرى بعدما حقق نتائجة على المستوى السياسي و الامني و أضحى نموذجا يحتذى في العالم و هذا و ذلك بالتفكير في آلية لإقامة مصالحة مذهبية بين الفرق الاسلامية تكون بدايتها بتنظيم ملتقى دولي تحت عنوان ” الملتقى الدولي للمصالحة بين المذاهب الإسلامية و أعتقد بأن بمقدور الجزائر القيام بذلك إذا توفرت الارادة السياسية و بالخصوص و ان لها تجربة رائدة في تنظيم ملتقيات الفكر الاسلامي التي جمعت حينها بين كل أطياف مكونات المدارس الاسلامية بل و حتى الدينية من اهل الكتاب و قد أصدرت في هذا الشأن بيان او نداء ادعو فيه لذلك أتمنى ان يجد اذنا واعية للقيام بهذا الواجب المقدس..
باحث في الاسلاميات