ما تقوم به «الميادين» رافد هام وعصريّ بلغة بصرية وسردية بمستوى التحدّي المهني من جهة، وبأمانتة ورفعة سياسيين وإتقان توثيقيّ من جهة مقابلة، حيث التوازن بين الجاذبية والجدّية مطلوب كشرط رئيس للنجاح.
صحيفة "البناء" خصصت مساحة لوثائقي "إميل لحود" الذي تعرضه الميادين الأحد
ـ لم تكتفِ قناة «الميادين» منذ أن تيقنت تخطّي مرحلة تأسيس هويتها كقناة إخبارية، نجحت بامتلاك مصداقية عالية لدى شرائح واسعة من الجمهور العربي، وتخطّت الاختبارات الصعبة في الجمع بين تقديم الصورة الشاملة للمشهدين الإخباري والسياسي من جهة، وانحيازها الصارخ بقوّة إلى خيار المقاومة، وتخطّى معها جمهور المقاومة مراحل المواءمة بين المهمّتين وفهم صدقية المبتغى المهنيّ والسياسيّ، وتجاوز مراحل التساؤل حول مدى صلابة الخيار في ظلّ الانفتاح في عرض المواقف والأخبار. وتعمّدت الثقة بسنوات كافية ومحطّات وافية، تنطلق «الميادين» لتشتغل على إعادة صوغ ذاكرة جمعية لجمهورها، ينسجم مع الهوية التي تنتمي إليها وتريد لجمهورها أن يكوّنها بالوعي والعقل ولغة الوقائع والمشهدية البصرية الفنية المحترفة المحقّقة مقتضيات المهنة بمعاييرها الرفيعة.ـ تقدّم «الميادين» سلسة حلقات وثائقية عن تجربتَي الرئيس المقاوم إميل لحّود كقائد للجيش لتسع سنوات ورئيس للجمهورية لتسع مثلها، وهي بذلك تقدّم قراءة لمرحلة من تاريخ لبنان ومعه تاريخ حيّز هام من صراعات المنطقة، خصوصاً الصراع مع «إسرائيل» الذي كانت المقاومة وسورية ركيزتاه، وكان الجنرال لحّود قائداً للجيش ورئيساً للجمهورية تالياً أحد رموزه البارزة، حاضراً في كل محطاته بالموقف والدور والنقطة والفاصلة.
ـ ليست القضية مجرّد تكريم لقائد بحجم قامة فخامة المقاوم وحسب، وهو من يستحقّ التكريم بالتأكيد، بل قضية إعادة كتابة التاريخ، بما يحقّق مشروعاً ثقافياً، ردّاً على المنهجية التي تشتغل عليها الآلة الإعلامية العملاقة للصهيونية لكتابة تاريخ مشوّه يلعب بذاكرة أجيال لم تولد بعد. وإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية أمر يصير بفعل الزمن هوية، تعتاش عليها الشعوب وتنمو بها ثقافتها وتتجذّر على أساسها قناعاتها وخياراتها. وما تقوم به «الميادين» رافد هام وعصريّ بلغة بصرية وسردية بمستوى التحدّي المهني من جهة، وبأمانتة ورفعة سياسيين وإتقان توثيقيّ من جهة مقابلة، حيث التوازن بين الجاذبية والجدّية مطلوب كشرط رئيس للنجاح.
ـ سلسلة الرئيس لحّود الوثائقية واحدة من محطات تاريخ لبنان والمنطقة الحديث، اهتمّ الوزير اللبناني السابق كريم بقرادوني بالإشراف والتدقيق السياسي لوقائعها وتراتبيتها وتحليلاتها، وهو واحد من الذين عايشوا عن قرب، وكتبوا بعمق، ودقّقوا ببصيرة الراوي الموضوعي والمحلل التركيبي والرؤيوي، تلك المرحلة. وهو واحد من الذين لم يساوموا على الخيارات الكبرى التي شكّلت ثوابت الرئيس لحّود وتتشكّل منها ثوابت «الميادين»، والحضور السياسي لبقرادوني كالحضور الإعلامي للزميل غسان بن جدّو، من مواقع الاحتراف والخبرة والجدّية والمسؤولية.
ـ كلّ أحد، سنتابع بمتعة وفائدة ما تقدّمه «الميادين» في هذه السلسلة لننهي كلّ حلقة بتحية الحبّ والوفاء إلى الرئيس المقاوم… وإلى «الميادين».