الاذاعات الاردنية المجتمعية … التضخم الاعلامي غير المهني … تغول عقلية قوى التجارة التسويقية على مفاصل الاعلام

آخر تحديث 2017-02-11 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

أحمد عبد الباسط الرجوب

في صباح احدى الايام التي خلت وتحديدا بداية شهر شباط / فبراير الجاري حيث كانت درجة الحرارة تلامس الدرجة المئوية الواحدة ، كنت في حينها خلف موجه سيارتي (الستيرنج) قاصدا قضاء مصلحة لي في احدى وزارات بلادي ، وفي ذات الحين كنت أقوم بجولة روتينية من خلال مذياع السيارة على محطات الاذاعة بحثاً عن شي مسلٍ ، وفي الاثناء استوقفتني مشادة عنيفة بين مذيع جهبذ – كانت الصدف لي في غابر الزمان ان التقيته قبل عشرين عاما – وكان في حينها يلفظ انفاسة من قلة حيلته وعدم قدرته على الاتيان بجديد في مجال مهنته وقد يكون ذلك عائدا لعدم تطوير قدراته او لضعف امكانية مؤسسته التي كان يعمل بها او الاثنان معا واذا به نسخة جديدة من احمد سعيد القرن الحادي والعشرين ليصبح اسطورة اذاعية عابره للميكروفونات ، ولكي لا اصبح بنظركم مثل مذيعنا الجهبذ وتضجروا مني للاطالة … سوف اختصر ، وهنا بصدق اقول ما شدني في تلك المهاترة مخاطبة هذا المذيع الجهبذ ويعنف و«يبهدل» مسؤلا عاماً حكومياً بلغة تهديدية واصبحت ماركته المسجلة هو الصراخ والسباب ، لا اعرف ما هى الجهة التنفيذية التي تقف خلفة وتدعمة للتطاول بهذه الدرجة البهلوانية على هذا المسؤول ، مما جعلني أتساءل إن كان صاحبنا إعلامياً أم محققاً أمنياً يمارس موهبته البوليسية التي يقبض عليها أجراً من الجهة التي نصبته على مسامع شعبنا الذي لا يعرف الا اللغة المهذبة بالاحترام المتبادل والتي يتسم به مجتمعنا الاردني الطيب..

وهنا أتساءل وبصدق ، هل يتحمل اصحاب ومالكي هذه الاذاعات أوطاقم الإعداد أو الاثنان معا المسؤولية عن تلك المشاجرات المخجلة؟ ام ان الطاقم يعلم بأن ضيوفه عدائيون ويستمر بدعوتهم لزيادة عنصر التشويق ورفع المتابعات على وسائل التواصل الاجتماعي؟ الاصل انها برامج لنقل هموم المواطنين الى المسؤولين في الابراج العاجية أي بمعنى أنني كمستمع أتوقع حواراً على قضية أو موضوع مثير وجدلي ، واتوقع كمستمع ، جدلاً محترماً يحترمني أنا الجالس في بيتي او خلف موجه سيارتي او في مقهى احتسي رشفة قهوة الصباح مع رفقة من زملائي او اقراني في السن ، ونعطي من وقتنا للاستماع ونتلقى الفائدة ، لكن الذي حصل وبكل اسف أن هذه البرامج صيغة جديدة من برامج الزعيق والردح التي أكل عليهما الدّهر ولم يشرب بعد.

لم يعد خافيا بأن تجارة البزنس في الاعلام وتغول شهية رجال الأعمال وفتك رأس المال الذي يفقد الأشياء قيمتها الحقيقية لتصبح جزءاً من مداولات العرض والطلب في السوق ،  أقول اخذت تتغول في كل مفاصل الإعلام في بلادنا وخاصة تلك التي تدخل بيوتنا وبدون استئذان من فضائيات الدعاية والاعلانات الكاذبة الرخيصة والتي يلهث عليها ممن اطبقت عليهم الدنيا بفقرها وقرارات الحكومة ” بالمال والعشار ” واصبحوا مثل الحب تحت الرحى ولسعات اسنان العوز والحاجة لعلة يجد وظيفة او قرضا بواسطة الشركات الوهمية التي تعرض لها هذه الفضائيات السطحية مثل صاحبنا المذيع الجهبذ ويدخل على هذا الخط السيركي التحالف الجاهز مع مواقع التواصل ونكهات اللايكات المعجبة وعدد المتابعين من محركات الرسائل الاعلانية لتحصيل المال ، ولا بخافي عن احد ما تجنية تلك الفضائيات او صاحبنا من عوائد تلك الاعلانات ” والله لست حاسدا ” لا بل مشفقا على ابناء بلدي الذين يقصدوا اعتاب اثير اذاعة صاحبنا او غيرها من اذاعات الردح او قنوات الاستعراض (الشو Show) او ذلك المسؤول الضعيف الذي يحاول مجاراة هذا المهرج وكاني به في حلبة سيرك اوكراني لجلب اكبر عدد من المستمعين والمعلنين على السواء.

وهنا ومن نظرتي كمتابع وناقد وللتوضيح اكثر على ما قدمت اليه عن الاعلام المجتمعي فلا بد من الشرح عن حقيقة ومهنية الاذاعات المجتمعية عندما تقوم باداء رسالتها بالشكل الذي وجدت من اجلة ، لقد وصفت وسائل الإعلام المجتمعية بمعنى شامل بأنها “اتصالات المجتمع″ وهنا يقول الاتحاد الدولي لأبحاث وسائل الإعلام والاتصالات : أن وسائل الإعلام المجتمعية “نشأت وتنشر وتتردد من دائرة المجتمع المدني”. فمثلما أنشأ المجتمع المدني وسائل الإعلام تلك ، فهناك مكون ضمني لمشاركة المجتمع المدني في إنتاج وسائل الإعلام المجتمعية حيث تهتم وسائل الإعلام الشعبية بشكل أكثر تخصصًا على وسائل الإعلام التي ينفذها المجتمع المحلي لصالحه وهي تركز أساسًا على مجموعة فرعية من المشاريع الإعلامية ضيقة النطاق تهدف إلى التجميع بين الرؤى والعوامل المختلفة لـ “القوانين”التي تندمج بسهولة في علم النفس الاجتماعي. وهنا تبرز الدوافع الوليدة لتحليلات وسائل الإعلام المجتمعية من الجهود المبذولة لـ “تطبيق الديمقراطية” في وسائل الإعلام وإحتياج المجتمع المدني إلى وسائل اتصال من خلال إنشاء إذاعات محلية خاصة لتتطور هذه الإذاعات لاحقًا في مضمونها وطريقة إداراتها وتمويلها بصفتها إذاعات مجتمعية خدمية.

وختاما نتوجه بالرجاء لمن يهمة الامر بعد وجود قناعة راسخة بضرورة مراجعة كافة التشريعات الناظمة للعملية الإعلامية في بلادنا الاردنية ، كما ونتوجه الى هيئة الاعلام المرئي والمسموع في بلادنا بضرورة  وضع الضوابط الناظمة الصارمة لعمل هذه الاذاعات وتحديدا فلتان من هم خلف الميكروفونات وفق خطة عمل تحدد اهدافها كاذاعة محلية مجتمعية لتغطية احتياجات الجماعير فى جميع القطاعات وذلك بتقديم برامج الخدمات التى تخدم المستمع والمجتمع وان  تهتم بنفسية وعقلية جمهورها من المستمعين والابتعاد عن الاسلوب التجريحي البهلواني الاستعراضي وان تكون متعددة الطروحات تبعا لتنوع رغبات الجمهور ونوعيته ومتطلباته ، مع التزامها بتقديم مادة اعلامية تثقيفية للمجتمع  ترتبط بالبيئة التى انشئت فيها.

حمى الله بلادنا الاردنية من كل مكروه وجنبها شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن ،،،

السلام عليكم ،،،

arajoub@aol.com