إن حركة "حماس" ليست حليفاً سياسياً لـ"داعش"، ونهجها الأيديولوجي يختلف في الغاية، وإن كان ليس على هذا الحال في موضوع الصراع ضد إسرائيل. إلا أنه يوجد بين العناصر على الأرض والقادة العسكريين، من كلا الطرفين، تعاون وثيق منذ عدة سنوات. إذ تحول القطاع إلى ملاذٍ آمن، وإلى قاعدة تدريب لعناصر "داعش"، وقد حصل أكثر من مرة وأن كان هناك تنسيق على صعيد تنفيذ العمليات ضد إسرائيل.
اسرائيل اليوم: الهدوء الذي عاد ليسود في إيلات بعد إطلاق الصواريخ هدوء مضلِّل
بعد عدة سنوات من الهدوء عادت الصواريخ إلى إيلات، وقد أعلنت ولاية سيناء، فرع "داعش" في شبه الجزيرة الواقعة إلى الجنوب مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ. وكان هناك في إسرائيل من أشار إلى التقارب الزمني المثير للقلق بين عملية إطلاق الصواريخ باتجاه إيلات وبين عملية التصعيد الأخيرة في قطاع غزة، التي شملت إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل، والردّ الأقوى من المعتاد من جانب الجيش الإسرائيلي باتجاه أهداف لـ "حماس" في القطاع. وتدور في سيناء، منذ عدة سنوات، حرب استنزاف وعصابات بين الإرهاب الإسلامي المتطرف وبين الجيش المصري. وفي البداية كان هناك تنظيم محلي مستقل، أنصار بيت المقدس، الذي يتمتع بالسيطرة على القبائل البدوية في شبه جزيرة سيناء. إلا أنه منذ عام 2011 قام هذا التنظيم بمبايعة تنظيم "القاعدة"، وبعد ثلاث سنوات من ذلك نقل بيعته إلى تنظيم "داعش" وأصبح "ولاية سيناء" في خلافة أبو بكر البغدادي. ويركز هذا التنظيم جل نشاطاته على قتال قوات الجيش المصري في سيناء، إلا أنه يقوم بين الفينة والأخرى بإرسال نظرة منه، وبخاصة لأهداف دعائية، باتجاه إسرائيل. ففي نهاية المطاف، ليس بوسع تنظيم متطرف من هذا النمط أن يسمح لنفسه بإبقاء الحدود هادئة مع إسرائيل. وهو قد درج خلال السنوات الأخيرة، مرة كل عدة أشهر، على إطلاق الصواريخ باتجاه إيلات. ففي عام 2011، وكجزء من قسم البيعة لتنظيم "القاعدة"، نفذ التنظيم عملية كبيرة على الطريق 12، على امتداد السياج الحدودي مع مصر، والتي قُتل فيها ستة مدنيين إسرائيليين. هذا ويبذل النظام المصري جهوداً كبيرة بهدف القضاء على هذا التنظيم خشية أن يمتد الإرهاب من سيناء إلى وادي النيل. وقد أرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سيناء حوالي 20 ألف جندي، بموافقة إسرائيل، بالإضافة إلى طائرات ومروحيات حربية. ووفق تقارير إخبارية في وسائل الإعلام العربية فإن إسرائيل تقدم العون لمصر في حربها ضد "داعش" سيناء، وهو الأمر، الذي يفتح من وجهة نظر هذا التنظيم الإرهابي حسابات جديدة مع إسرائيل. إلا أن سيناء بعيدة عن القاهرة، ولذلك فإن الأولوية المصرية تنصب على ضمان الاستقرار والهدوء في المدن المصرية، وفي مقدمتها القاهرة، وليس شرم الشيخ أو العريش. وحقيقة وجود جهة محلية في صحراء سيناء، على خلاف وادي النيل، تقدم الدعم لـ "داعش" – تتمثل هذه الجهة بالقبائل البدوية التي لديها الكثير مما يثير غضبها على الحكومة القاهرة – هذه الحقيقة تزيد من صعوبة القضاء على التنظيم. وهو، بالفعل، ينهض بعد كل ضربة يتعرض لها ويجدد عملياتة. إن حركة "حماس" ليست حليفاً سياسياً لـ"داعش"، ونهجها الأيديولوجي يختلف في الغاية، وإن كان ليس على هذا الحال في موضوع الصراع ضد إسرائيل. إلا أنه يوجد بين العناصر على الأرض والقادة العسكريين، من كلا الطرفين، تعاون وثيق منذ عدة سنوات. إذ تحول القطاع إلى ملاذٍ آمن، وإلى قاعدة تدريب لعناصر "داعش"، وقد حصل أكثر من مرة وأن كان هناك تنسيق على صعيد تنفيذ العمليات ضد إسرائيل. إن نتظيم "داعش" ليس بحاجة إلى حجة أو حافز لإطلاق (الصواريخ) باتجاه إيلات. أما بالنسبة لـ"حماس"، في مقابل ذلك، فإن لها حسابات أخرى. فقيادة الحركة تريد الحفاظ على الهدوء على امتداد الحدود مع إسرائيل، والتوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل، برعاية تركية، حول تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع، وحتى إلى اتفاق لاستعادة جثث جنودنا، بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين الموجودين لدى "حماس"، وهي تريد، إلى جانب ذلك، تطوير علاقاتها مع مصر بهدف تخفيف الحصار الذي تفرضه القاهرة على القطاع. إلا أنه من غير المؤكد أن تكون القيادة العسكرية لـ"حماس" تصغي إلى مثل هذه الاعتبارات والرغبات الموجودة لدى القيادة السياسية للحركة. إن عملية إطلاق الصاروخ، في الأسبوع الماضي، من غزة إلى إسرائيل لم تكن على ما يبدو من صنيع حركة "حماس"، إلا أنه كان بإمكانها، بوصفها صاحبة السلطة في القطاع، أن تفعل المزيد بهدف منع مئات الجهات أو التنظيمات الأخرى الناشطة فيه من تنفيذ عمليات الإطلاق باتجاه إسرائيل. وعلاوة على ذلك، وفي ظل عدم وجود اتفاق واضح وصريح بين القدس وغزة، فإن بوسع كل حادث على امتداد السياج الحدودي، وهو ما يتكرر عدة مرات في الأسبوع الواحد، أن يؤدي إلى تدهور خطير. ومهما يكن من أمر فإن يد القيادة السياسية في "حماس" قد كانت هي العليا، وعاد الهدوء ليسود من جديد على امتداد حدود القطاع. وكذلك الحال في سيناء، اكتفى تنظيم "داعش" بإطلاق الصواريخ باتجاه إيلات، وربما تكون هذه هي الحدود القصوى لقدراته العملياتية، إلا أنه من الواضح أن الهدوء الذي عاد ليسود في الجنوب إنما هو هدوء مضلِّل. ترجمة: مرعي حطيني